أفريقيا برس – الجزائر. حظيت الزيارة التي قادت الرئيس عبد المجيد تبون إلى إيطاليا نهاية الأسبوع المنصرم، باهتمام خاص من قبل الأوساط السياسية والإعلامية في فرنسا، كونها تأتي في سياق أزمة سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة بين الجزائر وباريس، وقد عُدّت من قبل رواد مختصين ومحللين سياسيين، فشلا ذريعا للدبلوماسية الفرنسية.
وناقش الفرنسيون زيارة الرئيس تبون إلى روما، من زاوية أن روما هي المنافس الرئيس لباريس في الصراع على النفوذ في المستعمرة الفرنسية السابقة، وتوقفوا عند الأرباح الاقتصادية والجيوسياسية التي كسبها الإيطاليون من تقاربهم مع الجزائر، وكذا الخسائر التي تكبدتها فرنسا، بسبب سوء إدارة الأزمة معها، والتي بدأت كما هو معلوم منذ الصائفة المنصرمة في أعقاب الموقف الفرنسي المنحاز للنظام المغربي في قضية الصحراء الغربية.
وكانت الانطلاقة من مخرجات زيارة الرئيس تبون إلى روما، والتي تعد الثانية من نوعها في ظرف نحو ثلاث سنوات، والتي تكللت كما هو معلوم، بالتوقيع على العديد من اتفاقيات الشراكة في العديد من القطاعات، على غرار الصناعة، الطاقة،والزراعة، الانتقال الطاقوي، الأمن، من دون إهمال الاستقبال المميز الذي حظي به الرئيس تبون، من قبل المسؤولين في عاصمة الحضارة الرومانية، والذي شكل بحد ذاته رسالة بليغة للطرف الفرنسي.
وعرضت صور وفيديوهات للرئيس تبون وهو يسير إلى جانب رئيسة الوزراء الإيطالي، جيورجيا ميلوني، على قناة “سي نيوز” اليمينية المتطرفة، الخميس 24 جويلية 2025، فيما علق أحد الصحفيين بحسرة على تلك المشاهد والبروتوكولات قائلا: “إنه لأمر مهين للغاية أن تكون فرنسيا، إنه أمر يصعب تحمله”، وفق ما جاء على لسان، لويس دي راجونيل معلقا.
وأضاف المحلل السياسي ذاته: “إنها زيارة دولة، بكل البروتوكولات المعهودة، وليست زيارة سرية”، واستطرد: “إذا قامت جورجيا ميلوني بذلك، فإنها تقوم بذلك لأنها تشعر بأنها مخولة من قبل الشعب الإيطالي، فهي لا تخشى منا إطلاقا”، مشيرا إلى أن ميلوني تدافع عن المصالح العليا لبلادها، والتي جسدتها مخرجات هذه الزيارة، حيث تدرّ على الإيطاليين مصالح اقتصادية، في وقت كان فيه على الفرنسيين أن يدافعوا هم بدورهم على مصالحهم الاستراتيجية، بدلا من الاستمرار في التعصب الأخلاقي والدفاع عن مصالح لا تخص فرنسا، في إشارة إلى قرار ماكرون بالانحياز إلى النظام المغربي في قضية الصحراء الغربية.
وقع الزيارة كان كبيرا أيضا على الفرنسيين، لكونها جاءت بعد أيام قلائل من إعلان الاتحاد الأوروبي لجوءه إلى التحكيم في قضية اتفاق الشراكة بين الجزائر وبروكسل، وهو الإجراء الذي يفترض فيه حصول تضامن أوروبي ضد الجزائر، علما أن فرنسا هي التي تقف وراء هذا الإجراء المفاجئ، الذي جاء في وقت شرع فيه الطرفان في مفاوضات لتذليل الخلافات، والذهاب إلى مراجعة لهذا الاتفاق وفق ما تقتضيه بنوده.
الصدمة كانت حاضرة أيضا لدى بيرنار كوهين حداد، وهو “رئيس دائرة التفكير مارسيل إيتيان”، الذي توقف في بلاطو القناة ذاتها، عند مستوى الامتياز الذي وصلته العلاقات بين الجزائر وروما، وكذا عودة الدفء إلى العلاقات مع إسبانيا، والتي تأتي عكس المصالح الفرنسية كما قال، محملا الجانب الفرنسي مسؤولية ما يحصل، بسبب القرار الذي اتخذه ماكرون الصائفة المنصرمة بخصوص قضية الصحراء الغربية.
ووصف المتحدث ما حصل لفرنسا بعد زيارة الرئيس تبون إلى روما بأنه “صفعة على الوجه” وجهتها جورجيا ميلوني لفرنسا. وقال بيرنار كوهين حداد: “لا يسعدك أن تكون فرنسيا عندما ترى هذه الصفعة. إنها صفعة على وجه الدبلوماسية الفرنسية”.
ويتخوف الفرنسيون من أن تتحول إيطاليا إلى محور العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بسبب ذكائها الدبلوماسي بعدم التورط في الانحياز للنظام المغربي في قضية الصحراء الغربية، وهو الملف الذي أفقد بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وإسبانيا الكثير من مصالحها وامتيازاتها في دولة بحجم الجزائر، بسبب حسابات لم تكن دقيقة، كما قال بيرنار كوهين حداد.
المصدر: الشروق
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس