وزير العدل: حركة في سلك القضاة..وترقية 2174 قاضيا

8
وزير العدل: حركة في سلك القضاة..وترقية 2174 قاضيا
وزير العدل: حركة في سلك القضاة..وترقية 2174 قاضيا

أفريقيا برسالجزائر. كشف وزير العدل، عبد الرشيد طبي، عن اقتراح ترسيم قاضيًين من الذين أتموا الشروط التأهيلية المطلوبة، وتسوية الوضعية الإدارية لـ 114 قاضيا، وترقية ما مجموعه 2147 قاضيا ممن توفرت فيهم المعايير.

كلمة وزير العدل

يسُرُني أن ألتقي بكم في هذه المناسبة الطيبة، و أن أرحب بكم في هذا الاجتماع الذي نعقده في إطار الدورة العادية الثانية للمجلس الأعلى للقضاء لسنة 2021 و التي حظيت بالموافقة لانعقادها من طرف رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء.”

وسيتضمن جدول أعمال مجلسنا الموقّر ستة (6) محاور رئيسية، تندرج جميعها في صلب المهام الدستورية المنوطة بالمجلس الأعلى للقضاء، و كلها مسائل مرتبطة بالمسارِ المهني والوظيفي للقضاة.

إن المجلس الأعلى للقضاء وهو يضطلع بمهامه الدستورية، يساهم في الرفع من شرف القضاء ويصون كرامة القاضي ويُعزّزُ فيه مقوّماتُ الحياد والنزاهة والأمانة، لأنه وبحكم مكانته الدستورية وتركيبته ونطاق صلاحياته واختصاصاته، فهو يتربع على رأس المؤسسات التي تساهم في نطاق صلاحياتها في حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية. وفي هذا الإطار تتوالى الجهود لتكييف منظومتنا التشريعية مع مقتضيات الدستور الجديد، الذي جاء ليضفي المزيدَ من التّمكين والتّمتين للسلطة القضائية من خلال ما أمدّهُ للمجلس الأعلى للقضاء من اختصاصات وصلاحيات واسعة يكون فيها هو الضامنُ لاستقلالية القضاء والقائمُ على تكريس هذه الاستقلالية بصورةٍ فعليةٍ وملموسة.

و في هذا الصدد، يجدر التذكير بأن اللجنة المكلفة بمراجعة القانون العضوي المتعلق بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء وعمله وصلاحياته قد أنهت أشغالها، بينما تشارف اللجنة الثانية المكلفة بصياغة مشروع القانون الأساسي للقضاء على الانتهاء، على أن يتم عرض مشروعي القانونين على مجلس الحكومة و مجلس الوزارء في أحسن الآجال قصد مناقشتهما والمصادقة عليهما من طرف البرلمان بغرض تنصيب المجلس الأعلى للقضاء بتشكيلته الجديدة قبل نهاية هذه السنة حسب ما يقتضيه الدستور.

سيداتي، سادتي،

تنعقد دورتنا هذه في مرحلة متميزة و دقيقة، يواجه فيها وطننا الغالي العديد من الرهانات والقضايا المفصلية التي يتعين على القضاء أن يَعــيَ أبعادها و يَعُدَّ العُدّةَ لمواجهتها بصرامة القانون، و أن يساهم كل منتمٍ للأسرة القضائية في تجاوز التحديات الراهنة، التي لا تقتصر على مواجهة الإجرام بمختلف أشكاله فحسب، بل أتطلع بالحديث إلى ما هو أعمق، عن محاولات إلحاق الضرر بالمؤسسات و المساس بالنسيج الاجتماعي أتحدث، ناهيك عن محاولات التفكيك التي جرت إليه أوطانٌ كثيرة من حولنا وما خَلَّفتهُ من تنـاحر و شقاق و تآكل في السيادة، مع فقدان كل مُقوّمٍ من مقومات الوجود و الاختيار الحر حيال هذا الواقع و ما يشهده من التشرذم و الاحتراق، ناهيك عمّا نلاحظه من مؤامرات و زرعٍ للفتن، و هذا ما يجعل كل فرد منا كلٌ من موقعه وفي مهمته، يجب بأن يؤمن أن مساهمته ولو كانت يسيرة بصدق وإخلاص هي إضافة ثمينة تحافظ على وحدة الوطن والأمة وتقوي المناعة والتحصين.

وإذا كان مسار التفكيك الذي عرفته بعض البلدان قد أدى إلى التبعية وتدمير القدرات العسكرية والبنى التحتية والاقتصادية وإلى التشرذم الاجتماعي وغير ذلك من شواهد البؤس، فإن الأوطان التي ظلت عَصية عن هذه المشاريع الهدامة ومنها بلدنا الحبيب، قد استفادت من مخزونها الذاتي و من طاقة أبنائها لتبقى بمنأى عن هذه الاستراتيجيات المدمِرة.

وما من شك في أن الحرص القائم لاستكمال البناء المؤسساتي الذي تتسارع خطواته باستدعاء الهيئة الناخبة لتجديد المجالس البلدية والولائية يوم 27 نوفمبر القادم، هو بمثابة الرد على واحدة من أنماط حروب التفكيك التي تحُولُ دون بناء المؤسسات. حيث يشرف القضاة في هذه الأيام على المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، و بذلك تكون الدولة قد قطعت شوطا كبيرا في مسار استكمال بناء مؤسسات جديدة تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية، لكي تمضي الدولة قُدما للدفع بعجلة التنمية وإنعاش الاقتصاد الوطني.

ات و السادة أعضاء المجلس،

لقد حرص الدستور الجديد على تدعيم التركيبة البشرية للمجلس الأعلى للقضاء بعدد أكبر من القضاة المنتخبين لاسيما قضاة الحكم، و أبعد السلطة التنفيذية من أي تمثيل في المجلس، فضلا على تمثيل نقابة القضاة في التركيبة الجديدة المرتقبة.

كما يحرص القانونين الجديدين المرتقبين على تعزيز صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء في كل الجوانب المرتبطة بتسيير المسار المهني للقضاة، و من شأن ذلك أن ينقل السلطة القضائية إلى مرحلة جديدة تسمح بتوطيد مكانتها للقيام بدورها في إطار البناء الجديد للمؤسسات وتطوير وترقية الأداء والاستجابة لما ينتظره المواطنون من عدالة بلادهم ولكل ما تقتضيه واجبات بناء دولة القانون وحماية مصالح الوطن وسيادته.

إن عناية هيئتكم الموقرة بالأوضاع الوظيفية المادية والمعنوية للقضاة ذو أثر بالغ، يتعدى في عناياته نطاق النظر والتقرير بشأنها من داخل بيت القضاء ذاته، إلى ما هو أعمق من ذلك بكثير، حيث وبناء على هذا فإنه لا مجال لاعتبارات أخرى في تقدير الأوضاع المهنية والاستحقاقات سوى العوامل الموضوعية وخاصة منها مؤشرات الكفاءة والنزاهة و الخبرة. ومن ثمة، فإن كل ترقية هي بمثابة مكافأة مستحقة و اعتراف على المقدرة المهنية المميزة وعلى ما يبديه القاضي في مشواره المهني من مهارات وسلوك وشعور بالمسؤولية، و بهذا تحتد المنافسة الشريفة ويُرفع المستوى إلى ما هو منشود.

سيداتي، سادتي،

في هذه الدورة العادية الثانية للمجلس الأعلى للقضاء، أعرض على سيادتكم اقتراحات ترسيم قاضيًين (2) من الذين أتموا الشروط التأهيلية المطلوبة، وتسوية الوضعية الإدارية لـ 114 قاضيا، وترقية ما مجموعه 2147 قاضيا ممن توفرت فيهم المعايير التي يعتمدها مجلسكم الموقر والقوانين السارية في هذا الشأن، و هذا العدد المعتبر يعكس ما يُبذل من جهد للعناية بالقدرات المهنية والأخذ بالوسائل المستجدة في مجالات المتابعة والمراقبة والتكوين، والحرص أن يكون هذا في إطار موضوعي يعتمد على المهنية والمقدرة والنزاهة والخبرة وإعطاء كل ذي حق حقه.

ومن جانب آخر، فإنه يعكس كذلك الجهود التي يبذلها القضاة في الميدان في إطار التكوين والمزيد من التمكين، وانتهاج الكثير منهم خيار مضاعفة الفعالية الذاتية كدليل سلوك حميد لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نوجه لهم كل التحية والتقدير.

وتطبيقًا لأحكام المادة 76 من القانون الأساسي للقضاء سيُعرض أيضا على مجلسكم الموقر وضعية إلحاق 06 قضاة وهذا في سياق تواجد القضاة في المؤسسات التي يتعين على القضاء أن يتواجد فيها طبقا للأحكام الدستورية، ووفق ما توجبه الأسس السليمة للدولة الحديثة التي يتسع فيها نطاق وجود القضاة خارج أسوارهم التقليدية ولاسيما منها تلك الهيئات التي تتحمل نصيبا من واجبات بسط القانون وترسيخ قيم ومبادئ الحقوق والحريات أو المؤسسات والقطاعات الحيوية الاقتصادية والاجتماعية.

وبالإضافة إلى هذا، فإن مشروع الحركة السنوية للقضاة المعروض عليكم في هذه الدورة يكتسي أهمية خاصة كونه يتصادف مع قرب الدخول الاجتماعي. وقد تمّ تحضيره بعناية جادة و الاجتهاد قدر الإمكان لإيجاد توازن بين البعد الأدائي الذي هو الغاية الرئيسية من الحركة ومراعاة الأبعاد الأخرى ومنها البعد الاجتماعي والأسري للقضاة، حيث أن الاستقرار العائلي وشروط الراحة النفسية يكتسي أهمية بالغة و ينعكس إيجابا على الأداء المهني.

وإن كان هذا المنظور المتعدد في أبعاده هو الخيار الذي اعتمدناه، إلا أننا لم نصل بعد إلى تجسيده بصفة كلية لأسباب كثيرة لا تخفى عليكم وفي مقدمتها ما يجب تحقيقه من التوازن بين مختلف الجهات القضائية عند توزيع القضاة بما يضمن حسن سير الجهات القضائية، وعدم كفاية العدد الموجود لتأمين ذلك في حالة الأخذ بمبدأ التقريب العائلي على إطلاقه.

وفي الختام، أرجو أن تكلل هذه الدورة بالنجاح و أن تكون إضافة جادة ومفيدة للسيدات والسادة القضاة وللسلطة القضائية وللعدالة في بلادنا.

وفقكم الله وأصحبكم بالتوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، و على بركة الله أعلن عن افتتاح هذه الدورة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here