أفريقيا برس – الجزائر. دافع وزير العدل الجزائري رشيد طبي عن حصيلة بلاده الحقوقية في إطار دورة التقييم من قبل النظراء بمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف التي عقدت يوم الجمعة، بحضور ممثلي عدة دول وأعضاء عن نقابات مستقلة بالجزائر لديها نظرة نقدية للأوضاع الحقوقية العامة.
وتحدث الوزير طبي ضمن التقرير الذي أعدته الجزائر لمواجهة المساءلات الأممية، عن تحسن الوضع الحقوقي في الجزائر بعد اعتماد الدستور الجديد سنة 2020. وأبرز في تقريره أن الجزائر “تعمل على تدعيم المكاسب التي تحققت وتحسين حماية حقوق الإنسان وتعزيزها من خلال مواءمة ترسانتها القانونية مع دستورها”.
وذكر ردا على الانتقادات عن وجود تعطيل للحياة السياسية والحزبية، أنه يجري الإعداد لمشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحزاب السياسية والذي “يرمي إلى تكريس مبدأ التعددية وإضفاء الطابع الأخلاقي على الحياة السياسية واعتماد قواعد مبادئ ديمقراطية في إدارتها بما في ذلك الإدارة المالية لمكافحة جميع أشكال الفساد”. كما أشار إلى إعداد “مشروع قانون عضوي يحدد شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات، بحيث يعكس رفع القانون إلى مرتبة قانون عضوي الأهمية المعطاة للحركة الجمعوية ودورها في ديناميات التنمية ومشاركتها في إدارة الشؤون العامة”. وأبرز أيضا أن الحكومة تعكف على إنجاز “مشروع القانون الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حرية التجمع والتظاهر السلمي”، وآخر خاص بمنع الاتجار بالبشر ومكافحته الذي يجري وضعه في صيغته النهائية وتقديمه إلى غرفتي البرلمان. وتحدث التقرير الجزائري، عن مشروع القانون العضوي للإعلام الذي “يهدف لإنشاء إطار تشريعي يلبي تطلعات المواطن من حيث المعلومات واحتياجات مهنيي القطاع”.
وكان وزير العدل مرفوقا في سفريته إلى جنيف بوفد من قطاعات مختلفة على علاقة بالقضايا الحقوقية محل التساؤل في الجزائر، والتي من أبرزها ملف معتقلي الحراك الشعبي وحالات سوء معاملة لسجناء بالإضافة إلى التضييق على نشاط أحزاب سياسية معارضة، ناهيك عن قضايا التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة التي تثير في كل مرة انتقادات المنظمات غير الحكومية.
وبحسب التقرير الجزائري الذي استبق نقاشات دورة التقييم، فإن الحكومة الجزائرية في ردها على توصيات الدورة السابقة، جددت معارضتها لـ 34 مقترحا من بينها الدعوة لإلغاء حكم الإعدام وتغيير تشريعات تتنافى مع تقاليد المجتمع الجزائري وهويته الدينية مثل إقرار الإجهاض وزواج المثليين وغير ذلك.
لكن الجزائر، بحسب هذا التقرير، أبدت انفتاحا على استقبال مقررين حقوقيين كانت قد تحفظت أو أجلت زيارتهم إلى الجزائر في الفترة الأخيرة. وذكر التقرير في هذا السياق، أن الحكومة الجزائرية، وافقت على استقبال المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان في النصف الثاني من العام 2023، وزيارة المقرر المعني بحرية التجمع والحق في تكوين الجمعيات، كما أشارت في تطور ملحوظ إلى موافقتها على زيارة الفريق العمل المعني بالاختفاء القسري في العام 2024، علما أن قضية المفقودين في العشرية السوداء (سنوات التسعينات) لا تزال تطرحها جمعيات مستقلة إلى اليوم.
وفي مقابل النظرة الإيجابية للحكومة للوضع الحقوقي، استبقت منظمات مستقلة عرض ملف الجزائر أمام مجلس حقوق الإنسان بإثارة القضايا المستعصية في مجال الحريات والنشاط السياسي والجمعوي. ورسمت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة الدفاع عن المفقودين ومنظمات أخرى في بيان مشترك، صورة سوداء عن واقع حقوق الإنسان في الجزائر، بسبب ما وصفته بـ “حالة القمع الجارية في الجزائر، وخنق جميع الأصوات المستقلة والمعارضة بما في ذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والناشطين من جميع التيارات ومنظمات المجتمع المدني والسياسي”.
ودعت هذه المنظمات الحقوقية إلى “عدم ترك الشعب الجزائري يعاني وحده، في مواجهة آلة التعسف، إذ يجب أن يتجلى التضامن، فمصير الجزائر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بشعوب المنطقة والعالم، كما أن استقرار الجزائر سيكون هو استقرار المنطقة”، على حد وصفها. واعتبر الموقعون على البيان، أن “إنهاء القمع والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين والرأي، ستكون إجراءات قادرة على إعادة الثقة من أجل وضع البلاد على طريق الشفافية من أجل التغيير الفعال والديمقراطية الحقيقية”.
وكان القضاء الجزائري قد عالج مؤخرا عدة قضايا تتعلق بتهم الإرهاب الموجهة لنشطاء سياسيين وأصدر أحكاما بالبراءة على كل المتهمين، وهو ما اعتبره البعض توجها نحو التهدئة وإزالة للإحراج عن الجزائر التي تعرضت لانتقادات دولية شديدة بسبب اعتمادها سنة 2021 المادة 87 مكرر في قانون العقوبات التي توسع مفهوم الإرهاب ليشمل أي وسيلة لتغيير نمط الحكم، وهي المادة التي اتهم بها الكثير من النشطاء خلال تلك الفترة. كما سعى القضاء الجزائري للتعامل إيجابيا مع قضية الطالب وليد نقيش الذي كشف عن تعرضه للاعتداء الجنسي خلال فترة اعتقاله والتحقيق معه سنة 2019، حيث أمرت النيابة بفتح تحقيق حول تلك التصريحات واستمع لأقوال الطالب في انتظار ما ستسفر عنه هذه القضية غير المسبوقة فيما يتعلق بسوء معاملة المعتقلين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس