أفريقيا برس – مصر. قال بيل ماكبين، مؤسس جمعية الدفاع عن البيئة 350 دوت أورغ والكاتب المشارك في مجلة “نيويوركر” إن أهمية قمة المناخ السنوية للأمم المتحدة تظل سؤالا مفتوحا، فقد وصفت الناشطة البيئية غريتا ثورنبرغ قمة المناخ في غلاسكو العام الماضي بـ “إلخ إلخ إلخ”، إلا أن قمة العام الحالي المقرر عقدها في شرم الشيخ بمصر في تشرين الثاني/نوفمبر قد تحقق أمرا، مثل تحرير الناشط علاء عبد الفتاح، المدون المصري المضرب عن الطعام منذ نيسان/إبريل.
وفي كانون الأول/ديسمبر العام الماضي حكم على الناشط الداعي للديمقراطية والذي دخل وخرج من السجن أكثر من مرة خلال الأحد عشر عاما الماضية، بالسجن مدة خمسة أعوام. ومنذ 2 نيسان/إبريل وهو مضرب عن الطعام، ولو نجا، فيجب على السلطات في مصر فهم أن المطالب بالإفراج عنه ستهيمن على نشاطات جماعات المجتمع المدني خلال فترة قمة المناخ التي تستمر أسبوعين. ولو مات فعليهم معرفة أن اسمه سيكون على كل شفة وصورته واسمه على كل قميص ويافطة وعلامة وملصق. فهذا هو رد طبيعي على هذا النوع من الظلم، ولكنه جزء من الفهم البارز بين دعاة البيئة حول العالم بشأن دور الأنظمة الديكتاتورية والتي تعتبر عقبة في تحقيق تقدم في قضايا البيئة.
ولو نظرنا للعالم وكيف تغير منذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، فقد تراجعت الدولة بعد الأخرى عن القمع. ولم تكن الصين وروسيا المكان السهل لعمل المنظمات غير الحكومية الأجنبية، وأصبحت كل منهما اليوم مغلقة ومستحيلة. وفي بداية العام الماضي سجنت الهند الناشطة في مجال البيئة ديشا رافي التي وقفت إلى جانب احتجاجات المزارعين الذين رفضوا قوانين فرضت عليهم وقالوا إنها تهدد معيشتهم. وأفرج عنها بكفالة لكنها لم تستطع حضور قمة غلاسكو، ولا تزال تنتظر المحاكمة بتهمة التحريض على الفتنة. وفي البرازيل يحاول دعاة البيئة البقاء في ظل نظام جائير بولسونارو، وقائمة الدول التي تحاول قمع الناشطين والمحتجين تطول.
وشعر عبد الفتاح البالغ من العمر 40 عاما بالنشوة عندما اكتشف كمراهق قوة الإنترنت ودرس البرمجيات، وعندما خرج المحتجون إلى ميدان التحرير عام 2011 كان صوت جيله في حركة شبكات التواصل الاجتماعي التي تطالب بالديمقراطية في وجه الديكتاتورية. ودعي لإلقاء كلمة في سيلكون فالي في وقت كانت فيه شركات التكنولوجيا تحاول نسبة ما أطلقت عليه ثورات فيسبوك وتويتر لنفسها، وفهم في ذلك الوقت وقبل أن يصبح أشهر سجين ضمير في العالم أن التكنولوجيا قد تكون صديقا متقلبا “ما يجب حدوثه هو تغير شامل في نظام الأشياء”. وقال أمام رايتسكون في عام 2011 “نحن نقوم بإنتاج هذه المنتجات المدهشة ونحصل على المال ولكننا لا نحاول احتكار ولا نحاول السيطرة على الإنترنت ولا نحاول السيطرة على مستخدمينا ولسنا متواطئين مع الحكومات”.
وعبد الفتاح ليس داعية للدفاع عن البيئة لكنه يفهم بأنه في غياب حكومة تستجيب للمطالب فمن الصعب تحقيق تغيير للوضع القائم في المجتمع. وبهذه الطريقة فهو رمز للنشاط الذي يدفع باتجاه القتال من أجل البيئة ودفع الحكومات للتعاون وأبعد مما تريد. ولو اختفى هذا النوع من النشاط، فسيختفي معه منظور التغيير وبالسرعة المطلوبة. ويتضح في هذا الإطار التداخل ما بين الديكتاتوية والوقود الأحفوري وعمليات القضاء على الغابات.
وهو ما ستقوم بعمله الوفود الشابة والتي تمثل ما تبقى من منظمات المجتمع المدني حول العالم وتشارك في قمة المناخ بتشرين الثاني/نوفمبر للتأكيد على أن مأساة عبد الفتاح لم تنس.
وفي أثناء التحضير لقمم المناخ عادة ما تصور الصحافة الاجتماع بأنه مناسبة للساسة ومدراء الشركات التنفيذيين للحضور بطائراتهم الخاصة وإلقاء خطابات ثم الرحيل، لكن المناسبة غير ذلك فهي تجمع آلاف الناشطين الذين يقيمون في غرف مكتظة ويعملون قدر استطاعتهم لمحاسبة المسؤولين. والأقوياء يسهل عليهم الخروج، فوالدة علاء عبد الفتاح مولودة في بريطانيا وحصل قبل فترة على الجنسية البريطانية، وفي تنازل دبلوماسي للدولة التي عقدت القمة المناخية السابقة يمكن لحكومة عبد الفتاح السيسي الإفراج عن عبد الفتاح لكي يعيش في بريطانيا.
تماما كما فعلت الصين عندما أغلقت صناعتها المحلية لكي تنظف الأجواء قبل الألعاب الأوليمبية، فيمكن للقاهرة القيام بعمل ينظف جزءا من صورتها المشوهة بسبب الديكتاتورية. ونظرا للتقدم البطيء والتشاؤم بين الناشطين، فهناك إمكانية لحدوث احتجاجات أثناء القمة، وفي يوم الثلاثاء احتجت منظمات حقوق الإنسان على تصريحات وزير الخارجية المصرية بأن الناشطين ستخصص لهم مناطق معينة للاحتجاج. ولو لم يفرج عن علاء عبد الفتاح فسيتركز الضوء على النظام طوال عدة أسابيع.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس