أفريقيا برس – مصر. محمد الأقرع – “الردة مستحيلة”، هكذا كان الرد المختصر والسريع، لقوى الثورة وشباب المقاومة، تجاه المحاولة الانقلابية وتصريحات عسكريي مجلس السيادة، التي فُهمت في سياق تقويض الانتقال، إذ تسابقت بعض الكيانات المهنية والمطلبية ولجان الأحياء، في إصدار بيان مشترك، تحت الكلمتين أعلاه. بينما أطلق الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي حملة إسفيرية، قاموا من خلالها بتغيير صورهم الشخصية لصورة الشهيد عبد العظيم الشهيرة، قبل وفاته وهو يلوح بعلامات النصر والتحدي أمام الأجهزة الأمنية في العهد البائد.
ويبدو أنه رغم التفاعل الكبير مع مجريات الأحداث في “الميديا”، وتأكيد قوى الثورة الحية لإرادتها في إكمال التغيير المنشود عبر الوصول بالانتقال إلى براح الديمقراطية والدولة المدنية الكاملة، إلا أن هناك بعض الأصوات بدأت ترتفع في التشكيك بقدرة عودة الشوارع لنفس الزخم إبان الحراك الديسمبري وما تلاه من أحداث. ويستدل أصحاب هذا الرأي، بضعف الاستجابة للهبة الشعبية التي دعا لها عضو مجلس السيادة، محمد سليمان الفكي، لحماية الثورة والبلاد أثناء الساعات الأولى للانقلاب، ولعل الاستدلال رغم تحفظ البعض عليه، إلا أنه يعيد فتح التساؤلات بشكل جاد حول قدرة قوى الثورة ولجان المقاومة في إعادة النزول للشوارع، لضبط تحور وإجهاض مسار الفترة الانتقالية؟، ولأي مدى أثر ضعف أداء المكون المدني في حماسها، بالإضافة لانعكاس حالة التشرذم وسط الحاضنة السياسية؟
شهدت عدد من أحياء العاصمة وبعض المدن، خلال الأيام الماضية، وقفات احتجاجية ومخاطبات ومواكب محدودة، بينما أعلن الأول، حوالى (30) كياناً من الأجسام المهنية والمطلبية ولجان المقاومة، عن انطلاقة حملة مواكب الحكم المدني، وتسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين، تبدأ يوم (30) سبتمبر في كل السودان.
ويعتقد مراقبون، أن الحراك الحالي، سيختبر لدرجة كبيرة جدية الثوار في تحقيق مطالبهم التي خرجوا لها منذ أكثر من عامين.
يُذكر أن المكونات الثورية التي أعلنت عن المواكب، قالت إن الحملة تأتي استشعاراً لضرورة استكمال مهام ثورة ديسمبر، وتحقيق أهدافها وشعارها “حرية، سلام وعدالة”.
وذكرت قوى مواكب (30) ديسمبر، التي تتقدمها منظمة أُسر الشهداء، ومنظمة المصابين وجرحى الثورة وتجمع المهنيين ولجان المقاومة، أن المحاولات اليائسة من فلول النظام البائد وبمباركة قادة المجلس العسكري، ما هي إلا تمهيد لما هو قادم، وتدق ناقوس الخطر لإفشال الانتقال بأيدي المتربصين.
معظم المؤشرات في الساحة السودانية، تشير إلى أن هناك حالة من انسداد الأفق السياسي في أعلى مؤسسات الدولة (مجلس السيادة)، واقتراب انهيار الشراكة، وهو وضع، بحسب المراقبين، يجعل قوى الثورة الشبابية تتحسس متاريسها، لافتين إلى أن النداء الذي أطلقته لجنة التفكيك، بعدما قررت القيادة العسكرية سحب قواتها خير دليل، إذ توافد الناس ولجان المقاومة مباشرة لمقر اللجنة ليشكلوا لها الحماية المطلوبة.
يقول المحلل السياسي والأكاديمي، الباقر عفيف، إن الأجواء مهيأة للانقلاب، وإن القوى المعادية للثورة توحدت وانحاز لها العسكر، مؤكداً أن الشارع لن يستسلم، ولكنه تأسف على أن التوقعات تشير إلى أن الأوضاع قد تتسبب في مزيد من الدماء.
في السياق، يقول عضو لجان مقاومة جبرة، سامي شيخ الدين، إن قوى الثورة المتمثلة في المقاومة والأجسام المطلبية والمهنية، هي القوى الوحيدة التي لا تزال تحمل النقاء الثوري، وتسعى بجدية لاستكمال وتحقيق مهام الثورة، لذلك تملك القدرة في تحريك الشارع، لما تتمتع به من تنظيم وفاعلية، اكتسبتها من حراك ثورة ديسمبر.
ورأى شيخ الدين، أن خطابات العسكر أتت بردة فعل إيجابية تجاه الثورة والثوار، حيث خرجت عشرات البيانات والوقفات والمواكب المنددة بأي إرهاصات لقيام انقلاب عسكري، ودعت غالبيتها للوحدة في الدفاع عن الثورة، وبدأت في العمل لذلك فعلياً.
وعن التفاعل مع تغريدة “الفكي”، قال “شيخ الدين”: “لا أحد يستطيع أن يعمل مقياساً أو ترمومتراً لقياس ردة فعل الشارع ويكون معياراً؛ لأن الشارع يعرف متى وكيف ينظم صفوفه”. وأضاف: “ربما عدم الجدية في المحاولة الانقلابية وتقييم الغالبية لها على أنها عمل تمهيدي، وجس نبض من العسكر، لذا لم يتم التعامل معها بقوة الشارع الذي له قدرة الانتظام والحركة في الزمان والمكان المناسبين”.
ويعتقد عضو لجان مقاومة جبرة، أن المطلوب الآن، هو مزيد من الوحدة والاستعداد وإكمال البناء القاعدي، مشيراً إلى أن كل السيناريوهات متوقعة، لأن أعداء الثورة كثر، ونشاطهم لإجهاضها لم يفتر وسيظل.