الأسباب الكاملة لتجميد انتخابات نادي قضاة مصر

الأسباب الكاملة لتجميد انتخابات نادي قضاة مصر
الأسباب الكاملة لتجميد انتخابات نادي قضاة مصر

طارق نجم الدين

أفريقيا برس – مصر. حصل “العربي الجديد” على نص الأسباب الكاملة لحكم وقف وتجميد انتخابات نادي قضاة مصر، المقرر إجراؤها بعد غد الجمعة، عقب اكتشاف مخالفات عديدة تهدد سلامة العملية الانتخابية بشكل يصعب تداركه، وبطلان تشكيل اللجنة المشرفة لمخالفتها اللائحة، وتجاوز الأقدمية بين القضاة، وغياب التفويض الصحيح، وإجراء التصويت الإلكتروني بلا سند لائحي، ودون موافقة الجمعية العمومية للقضاة، وهي أسباب كانت وراء قرار الوقف.

وأُعلنت الأسباب بصيغتها الأولية بعدما أصدرت الدائرة المختصة بطلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة في مصر حكمًا قضائيًا مهمًا بوقف وتجميد كافة إجراءات انتخابات نادي قضاة مصر، التي كان مقررًا إجراؤها يوم الجمعة الموافق في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2025، لحين الفصل في موضوع الدعوى، مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وهو ما يعني إلغاء الانتخابات بالكامل.

الحكم الذي حصل عليه “العربي الجديد”، الصادر في الدعوى رقم 560 لسنة 42 ق – دائرة طلبات القضاة، لم يقتصر على وقف الانتخابات فحسب، بل كشف – عبر أسبابه التفصيلية – عن مخالفات إجرائية ولائحية جوهرية عديدة شابت العملية الانتخابية منذ بدايتها، وعلى رأسها “بطلان تشكيل اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات”، ومخالفة مبدأ الأقدمية، وغياب التفويض الصحيح من مجلس الإدارة، فضلًا عن إقرار “نظام التصويت الإلكتروني” في الانتخابات دون الرجوع إلى الجمعية العمومية.

وتعود وقائع الدعوى إلى إقامة القاضي عزت سمير عزت، عضو الجمعية العمومية لنادي قضاة مصر، دعوى قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، طالب فيها – بصفة مستعجلة – بوقف إجراءات الانتخابات، وبصفة موضوعية بطلان ما تم اتخاذه من إجراءات منذ الإعلان عن فتح باب الترشح، وإلغاء قرار تشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أبرزها تأجيل الانتخابات لحين تشكيل لجنة صحيحة وفقًا للائحة النظام الأساسي للنادي.

وأكد القاضي، في صحيفة دعواه، أن له صفة ومصلحة أصيلة في الطعن بوصفه عضوًا بالجمعية العمومية، وأن سلامة العملية الانتخابية تمس حقوق ومصالح جميع القضاة الأعضاء، وليس فقط المرشحين. واستندت الدعوى إلى نصوص واضحة في لائحة النظام الأساسي لنادي القضاة، خاصة المادة (3) التي تحدد فئات العضوية العاملة، والمادة (13) التي تنظم تشكيل لجان الإشراف على الانتخابات، وتنص صراحة على أن يشكّل مجلس الإدارة اللجان قبل فتح باب الترشح، وتكون رئاسة اللجان للأقدم من نواب رؤساء محاكم الاستئناف أو من في درجتهم من مستشاري محكمة النقض، ولا يجوز تخطي الأقدمية إلا بعد اعتذار كتابي، وتتكون اللجنة العامة من رؤساء اللجان الفرعية، وتختص بكافة إجراءات العملية الانتخابية حتى إعلان النتيجة.

وكشفت أوراق الدعوى، وفق ما اطمأنت إليه المحكمة، أن مجلس إدارة نادي القضاة قرر في جلسته المنعقدة بتاريخ 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2025 دعوة الجمعية العمومية للانتخاب، وفتح باب الترشح، دون أن يسمّي أعضاء اللجنة المشرفة أو يفوض أحدًا صراحة في تشكيلها. وأصدر رئيس مجلس إدارة النادي لاحقًا قرارًا منفردًا بتكليف أحد نواب رؤساء محاكم الاستئناف – وهو الخامس في الأقدمية – بالإشراف على الانتخابات، وتفويضه بتشكيل اللجنة العامة، وهو ما اعتبرته المحكمة خروجًا على صحيح اللائحة، لغياب التفويض الصادر من مجلس الإدارة.

والأخطر، بحسب الحكم، أن تشكيل اللجنة لم يراع ترتيب الأقدمية المنصوص عليه في المادة (13)، حيث ضمت اللجنة قضاة في الترتيب السابع والثامن والثالث عشر، دون تقديم اعتذارات كتابية من الأقدم، ودون ضم أي عضو من مستشاري محكمة النقض، بمخالفة صريحة لنص اللائحة. وانتهت المحكمة في حكمها الصادر إلى أن قرار تشكيل اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات يشوبه البطلان ومخالفة اللائحة، سواء من حيث جهة الاختصاص، أو من حيث تجاوز الأقدمية، أو من حيث غياب التفويض الصحيح.

وأكدت أن اللجنة العامة هي العمود الفقري للعملية الانتخابية، إذ تختص بكافة مراحلها من تلقي طلبات الترشح، وتأمين سرية التصويت، وعلانية الفرز، والفصل في المنازعات، وإعلان النتيجة النهائية، ومن ثم فإن أي خلل في تشكيلها ينعكس مباشرة على سلامة العملية الانتخابية برمتها. ولم تقف أسباب الحكم عند تشكيل اللجنة، بل امتدت إلى “اعتماد نظام التصويت والفرز الإلكتروني”، وهو ما اعتبرته المحكمة تعديلًا جوهريًا في النظام الانتخابي، لا يجوز إقراره إلا من خلال الجمعية العمومية.

وأوضحت المحكمة أن لائحة النادي لم تنص على آلية التصويت الإلكتروني، وأن إقراره يستلزم عرض الأمر على الجمعية العمومية، وتفويض مجلس الإدارة باتخاذ الإجراءات الفنية، والاستعانة بجهات حكومية فنية مختصة، ووضع كراسة شروط تضمن النزاهة والأمان، واختبار النظام تقنيًا قبل التطبيق. وشددت المحكمة على أن إقرار التصويت الإلكتروني دون هذه الضمانات، ومن خلال لجنة مشكوك في سلامة تشكيلها، يهدد نزاهة الانتخابات ويعرضها للبطلان.

وفي معرض تسبيبها، أكدت المحكمة توافر “ركني الاستعجال والجدية” اللازمين لوقف التنفيذ، حيث إنه من حيث الاستعجال فقد تمثل في احتمال إجراء انتخابات بإجراءات باطلة، وما يترتب على ذلك من نتائج يتعذر تداركها لاحقًا، فضلًا عن الأعباء المالية التي قد يتحملها النادي من أموال أعضائه، ومن حيث الجدية فقد استندت إلى أسباب قانونية جدية ترجح إلغاء القرارات المطعون عليها، لثبوت مخالفتها الصريحة للائحة النظام الأساسي.

ورفضت المحكمة دفوع الخصوم بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة والمصلحة، مؤكدة أن المدعي عضو بالجمعية العمومية، وله مصلحة مباشرة في سلامة العملية الانتخابية، فضلًا عن تقديمه تفويضًا كتابيًا من أحد المرشحين على مقعد الرئاسة. واعتبرت المحكمة أن إجراءات الانتخابات تمس مصالح جميع أعضاء الجمعية العمومية، وليس فقط المرشحين، وهو ما يكفي لتوافر الصفة والمصلحة.

وانتهت المحكمة إلى الحكم بقبول الدعوى والتدخل شكلًا، ووقف كافة إجراءات انتخابات نادي القضاة المقرر إجراؤها في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2025 بصفة مستعجلة، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وعرض الأوراق على رئيس محكمة استئناف القاهرة لتحديد جلسة لنظر الموضوع أمام الدائرة المختصة. ويمثل الحكم سابقة مهمة في التأكيد على خضوع انتخابات نادي القضاة للائحة النظام الأساسي دون استثناء، وعدم جواز تجاوز الأقدمية أو تفويض الاختصاصات دون سند، وخطورة إدخال نظم تصويت جديدة دون توافق جمعي وضمانات فنية وقانونية.

المصدر: العربي الجديد

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here