الغلاء يُخفي الأضاحي من شوارع سيناء

3
الغلاء يُخفي الأضاحي من شوارع سيناء
الغلاء يُخفي الأضاحي من شوارع سيناء

محمود خليل

أفريقيا برس – مصر. غاب الإرهاب عن محافظة شمال سيناء في مصر هذا العيد. لكن الغلاء كان قاسياً هذا العام، وحرم بعض سكانها من ذبح الأضاحي، الأمر الذي اعتادوا عليه على مدار عقود. وكان قد تراجع التزام المواطنين بالأضحية في أعقاب تمدد الإرهاب في المحافظة بعد عام 2013، والقيود الأمنية التي كانت تحول دون تربية المواشي أو حتى استقدامها من محافظات غرب قناة السويس.

ويقول خالد عيد، أحد سكان مدينة الشيخ زويد، إن “هذا أول عيد أضحى تكون فيه الأوضاع الأمنية هادئة تماماً في كافة أرجاء محافظة شمال سيناء، وتأملنا خيراً في أن نقضي العيد وفقاً للطقوس التي اعتاد عليها أهالي سيناء قبل عام 2013، إلا أن هذا التفاؤل كان في غير محله في ظل الغلاء الذي خيم على أسواق المواشي، لتزداد أسعارها بمقدار الضعف عما كانت عليه العام الماضي، ما حال دون قدرة غالبية المواطنين على شراء الأضاحي، وانعكس على قضاء العيد بأجوائه المعتادة في شمال سيناء”. ويشير إلى أن أبناء سيناء كانوا يحرصون على البقاء في شمال سيناء خلال عيد الأضحى لما له من أجواء خاصة تختلف تماماً عن بقية المحافظات المصرية.

ويتحدث عيد عن تقصير حكومي وأهلي لدى الجهات الرسمية والجمعيات وأصحاب الشركات ورؤوس الأموال الذين دعموا مكافحة الإرهاب بالمال والسلاح خلال السنوات الماضية، ودفعوا أهالي سيناء للقتال إلى جانب الجيش على مدار السنوات الماضية، لطرد تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم الدولة “داعش” من كافة مناطق شمال سيناء. أما اليوم، فتخلفوا عن توفير الأضاحي بأسعار مخفضة للأهالي الذين يعانون من البطالة وقلة فرص العمل، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المحافظة، من جراء التقصير الحكومي الدائم بحق المحافظة، وعدم معالجة آثار الإرهاب التي لا تزال ماثلة للعيان في كافة تفاصيل الحياة.

وعلى الرغم من صدور قرار حكومي بفتح مجازر شمال سيناء أبوابها أمام المواطنين لذبح الأضاحي بالمجان طيلة أيام عيد الأضحى، إلا أن عدد الأضاحي التي ذبحت كان قليلاً. وتقول المديرة العامة لمديرية الطب البيطري بشمال سيناء عبير حجاب، إن مجازر شمال سيناء فتحت أبوابها عقب صلاة عيد الأضحى حتى غروب شمس رابع أيام العيد، لذبح الأضاحي بالمجان، وتم توفير أطباء بيطريين للإشراف على عملية الذبح، مشيرةً في تصريحات صحافية إلى توفير جهاز سونار بالمديرية للكشف على رؤوس الأبقار والماعز والضأن والتأكد من خلوها من أي حالات حمل، إذ لا يجوز شرعاً التضحية بالإناث العشار. وتؤكد على عدم ذبح الإناث العشار أو صغيرة السن داخل المجازر، فضلاً عن رفض أي ذبيحة غير مطابقة للشروط.

وحول أسعار المواشي والأضاحي في سيناء، يقول أحد التجار في سوق الثلاثاء بمدينة الشيخ زويد، إن هناك غلاء فاحشا في أسعار المواشي، ولا يمكن للمواطن العادي أن يشتري أضحية، ويقتصر الشراء على أصحاب المصالح الاقتصادية والتجار، وذلك نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف، وفي ظل منع الرعي الطبيعي في مناطق تعتبر عسكرية ويمنع الدخول إليها نتيجة وجود مخلفات الإرهاب، ما أدى إلى الاعتماد على الأعلاف بشكل رئيسي.

وفي تفاصيل الأسعار، يقول التاجر إن سعر الخراف يتراوح بين 8 آلاف جنيه (حوالي 260 دولارا) و12 آلف جنيه (حوالي 390 دولارا)، بينما سعر الماعز يتراوح بين 6 آلاف جنيه و8 آلاف جنيه بحسن الوزن والنوعية. ويتراوح سعر كيلوغرام الـ”قائم” ما بين 200 و230 جنيها (حوالي 6 دولارات) في مقابل 100 جنيه العام الماضي، بينما تباع حصة الأبقار بمبلغ يتراوح ما بين 13 إلى 15 ألف جنيه (حوالي 485 دولارا) بحسب النوعية وعدد الشركاء، مضيفاً أن عشرات المواطنين لجأوا لشراء اللحوم قبل العيد، وأن الأسعار تراوحت بين 280 (حوالي 9 دولارات) إلى 350 جنيها (حوالي 11 دولارا) للكيلوغرام الواحد.

وحول طقوس العيد في سيناء، يقول الحاج أبو أحمد الأرميلي إن أهالي سيناء يحرصون كل الحرص على عيش المناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية بكافة تفاصيلها، على الرغم من الآلام التي يعانون منها بعد انتهاء الإرهاب، واستمرار آثاره التي تمس كافة مناحي الحياة، في انتظار تنفيذ الوعود الحكومية بتحسين الظروف المعيشية في المحافظة، وتوفير فرص عمل للمواطنين، وإعطاء أهالي سيناء حقوقهم التي كفلها القانون والدستور. إلا أن هذا العيد كان منقوصاً في ظل عدم قدرة الأهالي على شراء الأضاحي بسبب غلاء أسعارها وصعوبة تربيتها في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف خلال الأشهر التي سبقت الموسم.

ويشير الأرميلي إلى أن الأعياد هي موسم لالتقاء الأهالي ببعضهم البعض. ويحرص أبناؤنا في كافة أنحاء مصر على القدوم إلى سيناء خلال العيد، وهذا أمر معتاد طوال العقود الماضية، إلا أن الإرهاب أوقف هذه العادة خلال السنوات العشر الماضية لتعود مجدداً بعد طرد الإرهاب على يد الأهالي والجيش خلال العام الماضي. ويوضح أن طقوس العيد تبدأ من يوم وقفة عرفات وتستمر حتى رابع أيام العيد، من خلال الالتقاء في الدواوين، وصلاة العيد في العراء تطبيقاً لسنة الرسول محمد، وتجهيز المجالس والمقاعد لحضور المهنئين بالعيد كلٌ في قبيلته وعشيرته، كما تتبادل القبائل والعشائر الزيارات الجماعية خلال العيد.

ويؤكد أن أهالي سيناء يحرصون على ذبح الأضاحي أمام المنازل وتوزيعها على الأقارب والجيران والأصدقاء، ثم إعداد وجبة الإفطار من قطع اللحوم الموضوعة على خبز الصاج، بعد طهيها وتجهيز الخبز على نار الحطب، وتقديمها في الدواوين. ويحضر كل شخص بعضاً من أضحيته ويتشاركون الطعام، ثم يتبادل الناس الزيارات والمعايدات في جو ملؤه السعادة والفرح، وذلك كله ضمن جهود الحفاظ على التقاليد والعادات في سيناء التي توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة، على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة على مدار السنوات العشر الأخيرة.

يشار إلى أن هذا العام شهد تراجعاً في جهود المؤسسات الخيرية والاجتماعية والأهلية في تقديم اللحوم للعائلات الفقيرة في سيناء، على الرغم من الدعوات التي وجهها نشطاء محليون لجمع المال اللازم لذلك، من باب التكافل بين أهالي المحافظة، للتغلب على الظروف المحيطة بهم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here