الكلاب الضالة تهدد حياة آلاف المصريين

الكلاب الضالة تهدد حياة آلاف المصريين
الكلاب الضالة تهدد حياة آلاف المصريين

أفريقيا برس – مصر. بين الأزقة الشعبية وداخل المجمعات السكنية الراقية، تتصاعد مشاعر الغضب بين مصريين لا يحتجون كالعادة على ارتفاع الأسعار، أو كثرة حوادث الطرق، أو تدهور الخدمات، بل على شيء أبسط يعتبرونه أكثر إلحاحاً، هو حق السير بأمان في الشوارع المليئة بالكلاب الضالة.

في حي التبين بمنطقة حلوان جنوبي القاهرة، تقف الخمسينية أم محمد سعد خلف نافذتها كل مساء كي تراقب قطيع كلاب يتجمع أسفل منزلها، وتقول: “أحياناً نخشى المشي في الشارع، وعادة لا نستطيع النوم ليلاً. أصبح الشارع ملكهم، ونحن الضيوف”.

وسجلت أكثر من 190 ألف حالة عقر منذ مطلع العام حتى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بزيادة نحو 25% عن العام السابق، وبحسب بيان حديث لهيئة الخدمات البيطرية (حكومية). وتظهر تقديرات غير رسمية أن عدد الكلاب الضالة في شوارع مصر يتراوح ما بين 20 إلى 30 مليون كلب.

وأعلنت محافظة القاهرة في نهاية الأسبوع الماضي، تخصيص 9500 متر مربع في حيّ التبين، لإنشاء أول مأوى شامل للكلاب الضالة في العاصمة، كخطوة تراها “مدخلاً عقلانياً” لمعاجلة الظاهرة عبر التعقيم والتطعيم والتبني، بينما تولت جهات أهلية عدة إقامة أماكن لتجميع الكلاب على مدار السنوات الماضية، تضمن إطعام الكلاب وعلاجها، وإخضاعها للتعقيم الطبي بتكاليف يدفعها متبرعون.

ويرجح خبراء أن قدرة استيعاب المأوى الجديد الذي تشارك الحكومة ومتبرعون في بنائه، لن تزيد على 800 كلب، بينما تضم أحياء العاصمة مئات الآلاف من الكلاب.

يقول الستيني محمد السيد، وهو من سكان مدينة 15 مايو جنوبي القاهرة، إنه تعرض للعضّ مرتين، وإنه بات يخشى على أحفاده من المشي في الشارع، أو الذهاب إلى مدارسهم.

ورصدت مصادر اعلامية توابع عض الكلاب في مستشفيات حميات العباسية شرقي العاصمة، ومركز السموم بكلية طب القصر العيني غربي القاهرة، فكانت تعمل بطاقتها القصوى لتوفير مصل السعار، بينما يتصاعد معدل الطلب يومياً.

وأعاد مصريون نشر تفاصيل وفاة البريطانية جانيت جونسون، والتي لقيت مصرعها بعد هجوم 15 كلباً داخل مأوى غير مرخّص أقامته على نفقتها لإيواء الكلاب الضالة بمدينة دهب في محافظة جنوب سيناء، عام 2020. ورغم أن الواقعة مر عليها بضع سنوات، إلا أن تكرار مشاهد مشابهة يجعلها أقرب إلى جرس إنذار.

وخلال الشهر الحالي، لقي طفل في الخامسة من عمره مصرعه بمدينة قنا (جنوب)، بعد هجوم مجموعة من الكلاب عليه أثناء اللعب أمام منزله. وفي حي شبرا شمال القاهرة يتكرر مشهد يومي لطلاب يتأخرون عن المدرسة لأن قطيعاً يحاصرها.

في مجمع سكني راق بمدينة دريم، غرب العاصمة، نهش كلب وجه طفل، ما استدعى دخوله المستشفى لإجراء عمليات جراحية لمحاولة إصلاح التشوهات.

ويقول الأمين العام الأسبق لنقابة الأطباء البيطريين المصريين، محمد عفيفي، إن “الكلاب تتكاثر بكثرة، والظروف البيئية تقلص أعدادها، لكنها تجد في داخل المدن الطعام والمأوى، لترتفع الأعداد من ستة إلى سبعة أضعاف القدرة الطبيعية على استيعابها”.

ويعد مرض السعار أكبر أخطار الكلاب الضالة، فالكلب المريض قد يحمل الفيروس من 20 يوماً إلى ستة أشهر من دون أعراض، والأسوأ أنه يصبح معدياً قبل ظهور العلامات، ما يعني أن قطيع كلاب يبدو ودوداً في النهار قد يتحول إلى تهديد في المساء.

وخلال الأسبوع الماضي، أطلقت مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة، حملة لتطعيم وتعقيم الكلاب الضالة، بالتعاون مع مديرية الطب البيطري بمحافظة الجيزة، الأمر الذي جعل سكان المدينة يتساءلون عبر وسائل التواصل، حول كون مدينة حديثة ومنظمة مثل 6 أكتوبر تحتاج إلى شهور لتعقيم كلاب أحيائها، فكم سنة تحتاج مصر لتعقيم كلابها؟

وبينما تتصاعد أصوات السكان المطالبين بحل عاجل لأزمة الكلاب الضالة، فإن البعض ينتقد إجراءات المكافحة العنيفة، خصوصاً نشطاء “حقوق الحيوان” الذين يهددون المعتدين على الكلاب بالملاحقة القضائية، بينما تبدو جهات الأمن حائرة بين الطرفين، وهي ترفض عادة التدخل إلا عند تلقي البلاغات.

ويرى الخمسيني محمد بكري أن حقوق الحيوان مهمة، لكن حق الإنسان في الأمان أهم، موضحاً، أنه “وسط الجدل بين أنصار حقوق الحيوان وضعف إجراءات المكافحة، يجد المواطن نفسه في مواجهة مباشرة مع الكلاب من دون حماية مؤسسية. يبرر المسؤولون الأمر بأن الدولة واقعة بين ضغط المجتمع وضغط المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الحيوان، والتي تعارض القتل الرحيم للكلاب، وتضغط من أجل التعقيم، بينما الحملات القائمة للتعقيم بالمحافظات، لا تستوعب أكثر من 2% من أعداد الكلاب الضالة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here