المليجي: القاهرة تنظر بقلق إلى تمدد الدعم السريع

5
المليجي: القاهرة تنظر بقلق إلى تمدد الدعم السريع
المليجي: القاهرة تنظر بقلق إلى تمدد الدعم السريع

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. في حواره مع “أفريقيا برس”، أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إلهامي المليجي أن زيارة رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان للقاهرة تأتي في ظل سعى البرهان لكسب تأييد إقليمي و دولي وسط تصاعد الأزمة السودانية. كما صرح بأن زيادة التمدد لقوات الدعم السريع يشكل تهديدا للأمن القومي المصري وخاصة على الحدود المصرية السودانية، وللمزيد من التفاصيل في الحوار الصحفي التالي:

ما الرسائل الحقيقية التي حملتها زيارة البرهان للقاهرة في هذا التوقيت تحديدًا؟

زيارة البرهان للقاهرة تحمل في طياتها عدة مسائل داخلية و إقليمية. داخليا يسعى البرهان لإظهار نفسه كطرف شرعي قادر على التحرك الخارجي، وكسب إعتراف إقليمي و دولي في لحظة دقيقة تشهد فيها الحرب تصاعدا ملحوظا، خارجيا يوجه رسالة إلى القوى الإقليمية خصوصاً مصر بأنه مازال ممسكا بزمام المبادرة، و يريد تعزيز تحالفاته في مواجهة الدعم السريع الذي يحاول تقديم نفسه كقوة أمر واقع، التوقيت أيضاً له دلالة، زيارته تأتي بعد تقدم الدعم السريع في دارفور و إقترابه من مناطق استراتيجية على حدود ليبيا و التشاد و يعكس محاولة البرهان لحشد دعم اكبر من مصر و ربما الضغط على الأطراف الداعمة لحميدتي.

كيف تفسر الخرطوم اجتماع البرهان مع السيسي وحفتر معًا رغم اتهام حفتر بدعم الدعم السريع؟

رغم الإتهامات الموجهة لحفتر بدعم الدعم السريع بالسلاح و العتاد عبر الحدود الليبية، فإن الإجتماع مع حفتر برعاية مصرية يعكس محاولة لإعادة ضبط العلاقات، وتشجيع حفتر على إعادة تقييم موقفه، الخرطوم تعلم جيدا أن القاهرة تمسك بخيوط عديدة في الشرق الليبي، و أن نفوذها على حفتر قد تساعد في تحجيم الدعم اللوجستي والعسكري الذي كان يصل إلى حميدتي، حضور حفتر يوحي برسالة مفادها أن كل الملفات الأمنية في الإقليم مترابطة، و التعاون مطلوب لضبط حدود السودان و ليبيا و مصر معا.

هل لعبت مصر دورًا مباشرًا في الضغط على حفتر لإقناعه بوقف دعم قوات حميدتي؟

الأرجح أن القاهرة لعبت دورا مباشرا و مؤثراً في هذا الإتجاه، مستفيدة من نفوذها العميق على حفتر، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على العطاء و الدعم المصري، مصر ترى في تمدد الدعم السريع خطرا مباشرةً على دعمها القومي، خاصةً مع سيطرة هذه القوات على المثلث الحدودي الحساس بين السودان وليبيا و التشاد، لذلك سعت القاهرة لتقريب حفتر من البرهان، في مسعى لقطع شرايين الدعم اللوجستي و إعادة ترتيب التوازنات في المنطقة.

ما فرص نجاح مصر في قيادة وساطة حقيقية لتثبيت هدنة إنسانية شاملة وليس فقط مؤقتة؟

رغم التقدير الإقليمي لدور مصر فإن فرصها في تثبيت هدنة شاملة مازال محدوداً بسبب التعقيدات الميدانية و الانقسامات الداخلية في السودان، مصر تتمتع بثقل دبلوماسي و تاريخي، لكنها تواجه صعوبة في فرض حلول دائمة وسط إنعدام الثقة بين الأطراف و تعدد مراكز القوى داخل الدعم السريع، إضافة إلى تدخلات لأطراف إقليمية أخرى، غير أن القاهرة تراهن على دعم المجتمع الدولي خاصة في ملف المساعدات الإنسانية لتعزيز جهودها، مما قد ينجح في فرض هدنة إنسانية مؤقتة تمهيدا لمسار سياسي طويل الأمد.

لماذا وافق البرهان على هدنة الأمم المتحدة بينما يرفضها الدعم السريع عمليًا في الفاشر؟

موافقة البرهان على هدنة الأمم المتحدة تأتي ضمن محاولاته لكسب الشرعية الدولية، و إتهام الدعم السريع بتعطيل جهود السلام و المساعدات، البرهان يريد أن يظهر بمظهر الراغب في الحل أمام المجتمع الدولي، في المقابل يرفض الدعم السريع الهدنة لأن منطقة الفاشر تمثل نقطة إستراتيجية و حاسمة في السيطرة على دارفور، و يفضل مواصلة العمليات العسكرية لفرض وقائع جديدة على الأرض قبل أى تسوية سياسية محتملة.

كيف سيؤثر استمرار سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي على أمن مصر وشمال السودان؟

سيطرة الدعم السريع على هذا المثلث تشكل تهديداً مزدوجا، فهي تهدد الأمن القومي المصري عبر إحتمالية تسلل جماعات مسلحة و عناصر متطرفة عبر الحدود الليبية، كما تمثل تهديداً خطيراً للعمق الإستراتيجي لشمال السودان، هذه المنطقة الحيوية هي منفذ محتمل لتهريب السلاح و الذهب، ما يعزز موارد الدعم السريع و يصعب مهمة الجيش السوداني في إستعادة السيطرة، كما تثير مخاوف مصر من خلق حزام فوضى في خاصرتها الجنوبية.

هل تخشى القاهرة من تمدد الدعم السريع قرب حدودها رغم تصريحات حميدتي الودية؟

نعم القاهرة تنظر بقلق إلى تمدد الدعم السريع، بغض النظر عن التصريحات الودية التي يطلقها حميدتي، التجربة المصرية مع الجماعات المسلحة تؤكد أن النوايا المعلنة لا يعتد بها، حين يتعلق الأمر بالأمن القومي، كذلك فإن سيطرة قوات غير نظامية على مناطق حدودية يجعلها عرضة للاختراق من أطراف إقليمية معادية، أو من شبكات تهريب و إرهاب، مما يهدد إستقرار الجنوب المصري.

ما دلالات إعلان حركة تحرير السودان تحويل الفاشر إلى منطقة عمليات؟ وهل ينذر بتصعيد أكبر؟

إعلان حركة تحرير السودان تحويل الفاشر إلى منطقة عمليات يعكس إتساع رقعة النزاع، و تحوله من صراع ثنائى ( الجيش ضد الدعم السريع)، إلى ساحة مفتوحة تتداخل فيها الحركات المسلحة الأخرى، الفاشر تمثل بوابة إستراتيجية إلى غرب السودان، والسيطرة عليها تفتح المجال نحو توسيع دائرة القتال في دارفور، هذا الإعلان ينذر بموجة تصعيد أكبر، ويجعل جهود للوساطة أكثر تعقيدا، كما يزيد من إحتمالية التدهور الإنساني في الإقليم.

إلى أي مدى يمكن لتحركات تحالف «تأسيس» مع الدعم السريع أن تعرقل وساطات مصرية وأممية؟

تحالف تأسيس مع الدعم السريع يضيف تعقيدا سياسياً جديداً، إذ يمنح حميدتي غطاء مدنياً و سياسياً في مواجهة الجيش و الحكومة الرسمية، هذا التحالف قد يعرقل جهود الوساطات المصرية و الأممية، لأنه يعيد خلط الأوراق و يضفي شرعية إضافيه على الدعم السريع في نظر بعض القوى الداخلية و الدولية، كذلك قد يعزز إنقسام المشهد السياسي و يطيل أمد النزاع، ما يصعب الوصول إلى حلول توافقية أو حتى هدنات مؤقتة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here