“النفق المظلم”؛ تدوير 853 معتقلا على ذمة قضايا جديدة في محافظة الشرقية المصرية خلال عام

3
“النفق المظلم”؛ تدوير 853 معتقلا على ذمة قضايا جديدة في محافظة الشرقية المصرية خلال عام
“النفق المظلم”؛ تدوير 853 معتقلا على ذمة قضايا جديدة في محافظة الشرقية المصرية خلال عام

أفريقيا برس – مصر. على الرغم من الحديث عن انفراجة سياسية يسعى النظام المصري لتحقيقها خاصة في ملف حقوق الإنسان، بإطلاق دعوة للحوار الوطني، وإعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي لتضم رموزا من المعارضة قبل 6 أشهر، قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إن سياسة المحاضر المجمعة أسفرت عن تدوير 853 معتقلا على ذمة 67 محضرا مجمعا في محافظة الشرقية.

وتحت عنوان “النفق المظلم”، رصدت المنظمة الحقوقية، في تقرير استحداث جهاز الأمن الوطني لما يعرف بالمحاضر المجمعة، لضمان استمرار حبس مئات المعتقلين الحاصلين على قرارات أو أحكام بإخلاء سبيلهم.

وبحسب التقرير، فإن المحضر المجمع عبارة عن محضر مصدره الأمن الوطني، وذلك بتجميع مجموعة من المعتقلين الحاصلين على قرارات بإخلاء سبيلهم بمراكز مختلفة من محافظة الشرقية في محضر واحد.

وزادت المنظمة: يصطنع محضر تحريات للمجموعات، ويحتوي على اتهامات محددة بالانضمام لجماعة إرهابية وحيازة منشورات، وتحصل الأجهزة الأمنية على إذن من النيابة العامة بالقبض على المتهمين، هم بالأساس موجودون لديهم في مقرات الامن الوطنى او مراكز الشرطة، الذين يتم إخفاؤهم لفترات متفاوتة تتراوح بين شهر إلى 45 يوما.

وبحسب التقرير، ينقسم المعتقلون ضمن تلك المجموعة إلى فئات قضت فترات محكوميتها، وأخرى حصلت على أحكام بالبراءة وإخلاء السبيل سواء من القضاء أو من النيابة العامة، وهذه المحاضر لا يتم عرضها على النيابة كما ينص القانون ولكن يتم التجديد لهم ورقيا حتى يتم إحالة تلك المحاضر للمحكمة، لتستخدم لغرض تخزين المتهمين قانونيا، وإبقائهم رهن الاعتقال لمدة لا تقل عن عامين.

ظاهرة مستحدثة

ووثق التقرير ظاهرة التدوير على ذمة المحاضر المجمعة؛ وهي الظاهرة التي انفردت بها السلطات الأمنية المصرية، وظهرت آثارها بوضوح في محافظة الشرقية، فيما لم يتم رصد هذه النوعية من المحاضر المجمعة في محافظات أخرى، بل إن غالبية هذه المحاضر تتركز في مراكز جنوب الشرقية، وعدد قليل من مراكز شمال المحافظة، وذلك خلال عام واحد فقط منذ استحداث أول المحاضر المجمعة في نهاية سبتمبر/ أيلول 2021، الذي حمل رقم 2710 لسنة 2021 جنح مركز شرطة مينا القمح، وصولا إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2022، والمحضر رقم 67 الذي حمل رقم 3678 لسنة 2022 قسم ثالث العاشر من رمضان.

تدوير مقنن

وتابعت المنظمة الحقوقية في تقريرها: عام واحد فقط كان كفيلا بتوسع الأمن الوطني المصري والنيابة العامة في استخدام مواد القانون بنفس الاتهامات المكررة والمعروفة سلفا، للإبقاء على 852 من المعارضين السياسيين الذين تجاوزت مدد حبسهم الحد الأقصى لفترات الحبس الاحتياطي، أو المعتقلين الحاصلين على أحكام بالبراءة أو الذين انتهت فترة محكوميتهم، أو الحاصلين على قرارات بإخلاء سبيلهم من النيابات المختلفة، ومن ثم تقييد حريتهم واستمرار حبسهم بشكل شبه قانوني عبر إعادة التحقيق معهم وحبسهم على ذمة قضايا جديدة، وباتهامات تكاد تكون متطابقة مع الاتهامات السابقة؛ كالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، أو نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتوزيع منشورات؛ وهو ما يعرف حقوقيا بمصطلح “التدوير”.

نموذج صارخ

وزاد التقرير: محافظة الشرقية كما هو معلوم، وبحسب الأرقام والسجلات، واحدة من أكثر محافظات مصر في أعداد المعتقلين، حيث درجت السلطات الأمنية المصرية خلال السنوات التسع الماضية على إجراء حملات اعتقال شبه يومية في مختلف مراكز ومدن وقرى المحافظة، وهو الأمر الذي تم رصده من خلال تقارير عديدة أصدرتها الشبكة المصرية سابقا.

ووثقت الشبكة خلال تقريرها النفق المظلم خلال عام كامل حصاد ما يعرف بالمحاضر المجمعة، والتي بلغت 67 محضرا، منذ نهاية سبتمبر/ أيلول 2021 إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بإجمالي 853 معتقلا، كان من المقرر قانونيا إخلاء سبيلهم، ليظلوا حتى الآن رهن الحبس الاحتياطي، بقرار صادر من ضابط جهاز الأمن الوطني بمراكز وقرى محافظة الشرقية، وبمشاركة من النيابات المختلفة بالمحافظة.

مراكز مختلفة

وبحسب التقرير: تركز معظم المعتقلين الذين جرى تدويرهم على ذمة المحاضر المجمعة -حسب ما رصده الفريق البحثي بالشبكة- في مراكز جنوب محافظة الشرقية؛ وهي: مركز الزقازيق، القرين وبلبيس، ومنيا القمح، والعاشر من رمضان، وديرب نجم، وأبو حماد، ومشتول السوق، ابو كبير، الابراهيمية والحسينية وغيرها من المراكز الأخرى.

كارثة متوقعة

وزاد التقرير: اكتظت جميع زنازين والغرف والممرات بين الزنازين بأقسام شرطة هذه المراكز بالمعتقلين، وظهروا مفترشين الأرض، ليصبح التكدس هو السمة السائدة، ممنوعين من تعرضهم للشمس والهواء النقي والتريض، ما ينذر بكارثة صحية، حيث باتت الزنازين كالقنبلة الموقوتة لما تحتويه من الأوبئة، والحشرات، والأمراض.

وأكدت الشبكة أن استمرار تجاهل تلك الأزمة ينذر بكارثة محققة، يشكل خطورة على حياة المعتقلين وسلامتهم وأمنهم، وهو ما قد ظهرت بوادره على هيئة ارتفاع في أعداد الوفيات خلال الفترة الماضية وحالات المرضى من كبار السن، في ظل افتقار الزنازين والغرف إلى أدنى وسائل الأمان والسلامة والنظافة، مع انتشار الروائح الكريهة والأمراض الجلدية.

ولفت التقرير إلى أن أعداد المعتقلين المرصودة بالمحاضر المجمعة خلال هذا التقرير لا تشمل المعتقلين حديثا، أو من يتم تدويره على ذمة محاضر فردية؛ فجميع المتهمين والمحبوسين على ذمة المحاضر المجمعة محبوسون لسنوات، وقد يصل بعضهم إلى 9 سنوات رهن الحبس، بعد تدويرهم مرات عديدة على ذمة قضايا حصلوا فيها على قرارات بإخلاء سبيلهم.

ابتزاز مادي

“دفعنا الكفالة بالاقتراض”، هذه الجملة الاستنكارية يرددها كثير من أهالي المعتقلين الذين تواصلت معهم الشبكة المصرية، وكثير منهم دفعوا مبالغ الكفالات، والتي تقدر بآلاف الجنيهات، أملا في تنفيذ قرارات إخلاء سبيل ذويهم، رغم نية السلطات الأمنية المصرية الواضحة في عدم إخلاء سبيلهم، وتدويرهم على ذمة قضايا جديدة، في ابتزاز واضح للمواطنين.

وعلى مدار عام كامل، رصدت الشبكة المصرية حالة إخلاء سبيل لمعتقل واحد، من أصل 852 معتقلا محبوسين على ذمة المحاضر المجمعة، بعدما قررت غرفة المشورة في محكمة جنايات الزقازيق المنعقدة بتاريخ 5 يونيو/ حزيران الماضي رفض استئناف النيابة، وتأييد إخلاء سبيل المعتقل عبد الرحمن محمد علي رجب الغرباوي، 32 عاما، بكفالة 10 آلاف جنيه، بسبب تدهور حالته الصحية، بعد حبسه وتدويره على ذمة ثلاث قضايا على مدار ثلاثة أعوام.

ورصدت الشبكة المصرية يوم الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، امتناع 50 معتقلا على ذمة أربعة محاضر مجمعة عن المثول أمام قاضي التحقيقات بمحكمة جنايات الزقازيق رفضا لاستمرار حبسهم واعادة تدويرهم في النفق المظلم.

وأدانت الشبكة المصرية هذا التوجه الذي يعطل أحكام القضاء ويحرم المحبوسين من حقوقهم التي كفلها الدستور والقانون ومن أبسطها حق الحياة، كما يعرض آلاف الأسر المصرية لمخاطر الحياة تحت سيف الابتزاز المادي المسلط على رقابهم، في ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها المواطنون بشكل عام، وذوو المعتقلين بشكل خاص.

وطالبت بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المسؤولين عن تلك المحاضر المجمعة، أملا في الحد من آثارها التدميرية، نظرا لأن جميع المحبوسين على ذمة هذه المحاضر قد تعرضوا لفترات متفاوتة من الاختفاء القسري وأنواع مختلفة من التعذيب البدني واللفظي والنفسي، الذي يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here