هل يشكل التنسيق بين القاهرة ودمشق الفارق في المشهد العربي؟

7
بعد لقاء شكري والمقداد... هل يشكل التنسيق بين القاهرة ودمشق الفارق في المشهد العربي؟
بعد لقاء شكري والمقداد... هل يشكل التنسيق بين القاهرة ودمشق الفارق في المشهد العربي؟

أفريقيا برسمصر. لم ينقطع التواصل طوال فترة الأزمة، زيارات متبادلة وتنسيق شمل مستويات عدة بين القاهرة ودمشق، ليتوج بلقاء رسمي على مستوى وزراء الخارجية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة الأخيرة. اللقاء الذي عقد بين وزيري الخارجية، المصري سامح شكري، والسوري فيصل المقداد، حمل أهمية خاصة في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة.

معلومات سابقة حصلت عليها “سبوتنيك”، أكدت تحركات مصرية جادة داخل أروقة جامعة الدول العربية من أجل عودة سوريا لبيتها العربي، وكذلك ضرورة التنسيق واستعادة قوة الدولة السورية ووحدة أراضيها ومواجهة كافة أشكال الإرهاب.

تغير استراتيجي

اللقاء المعلن يأتي في فترة تشهد تغيرات كبيرة على الساحة العربية، فمن ناحية دفع التنسيق الثلاثي بين مصر والأردن والعراق نحو خطوة أخرى وهي دعم لبنان خاصة عبر مده بالغاز المصري المرتقب، وكذلك فتح الباب للتنسيق الرسمي المعلن مع القيادة في سوريا التي رحبت بمرور الغاز المصري إلى لبنان.

كما يتزامن اللقاء أيضا مع لقاءات غير معلنة بين الرياض وطهران في إطار صفحة جديدة قد تقوم على بعض الأسس ومن ضمنها تسوية الأزمة في اليمن. العودة التركية ورغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية ليست ببعيدة عن المسار أيضا، حيث اشترطت القاهرة في لقاءات سابقة أن تشمل المفاوضات ضرورة خروج تركيا من الأراضي العربية ومن ضمنها سوريا.

نقطة سوداء

في الفترة من يونيو 2012 وحتى يوليو 2013، وهي فترة حكم جماعة الإخوان في مصر شكلت نقطة سوداء في تاريخ العلاقات القوي بين البلدين، حيث دفعت جماعة الإخوان بشكل معلن بعناصرها وبعض الشباب المصري للقتال في سوريا، لكن هذا المسار جرى تصويبه بعد سقوط الجماعة في عام 2013.

مواقف راسخة

البيانات الرسمية قد تكون مقتضبة وقليلة خلال السنوات الماضية، إلا أن التأكيد المصري كان دائما ينص على وحدة الدولة السورية ورفض كل أشكال الإرهاب والتدخلات السلبية في المشهد المساندة للجماعات الإرهابية.

الوزير السوري فيصل المقداد، أكد خلال اللقاء الأخير مع وزير الخارجية المصرية أهمية العلاقات بين البلدين خاصة في ظل الروابط التاريخية التي تجمعهما. كما عرض الوزير السوري تطورات الأزمة في سوريا وأهمية حشد الجهود لحلها واحترام سيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها. على الجانب الآخر، قال الوزير المصري سامح شكري، إن لقاءه مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، شهد التباحث حول كيفية الخروج من الأزمة السورية، معلقًا:

“سوريا شعب عزيز وما تعرض له من أضرار وقتل وتدمير وتشريد خلال الـ10 سنوات الماضية أمر في الحقيقية مؤلم لكل عربي”.

وأضاف شكري، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “كلمة أخيرة”، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي، أن اللقاء تناول استكشاف الخطوات التي تحافظ على مقدرات الشعب السوري والخروج من الأزمة واستعادة سوريا كطرف فاعل في الإطار العربي.

تواصل لم ينقطع

يحمل اللقاء الكثير من الإشارات للخطوات المقبلة، خاصة حين يؤكد وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي، أن التواصل مع سوريا قائم طوال السنوات العشر الماضية على مستويات مختلفة.

وأضاف العرابي في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن اللقاء يعكس العلاقات التارخية بين البلدين، ويتطلع للعمل ما بين الدول العربية كافة والجانب السوري، من أجل دعم الحلول السياسية للقضية السورية وتحسين الأوضاع وعودة النازحين، في إطار تسوية سياسية عادلة.

وأوضح أنه لا يمكن لدولة بحجم سوريا أن تكون بعيدة عن العالم العربي، أو أن تخضع لقوى أجنبية كثيرة موجودة على الأرض، ما يطرح أهمية التنسيق والعمل العربي مع الجانب السوري.

استراتيجية مصرية

يشير العرابي إلى أن السياسة الخارجية المصرية تعمل على دعم الاستقرار في المنطقة، القائم على السلام والتنمية الحقيقة للشعوب، سواء في دول البحر المتوسط أو المنطقة العربية.

وبرهن على التحركات المصرية بما اتخذته تجاه لبنان بشأن أزمة الطاقة ونقل الغاز لها، وكذلك التنسيق المصري الأردني العراقي، وهو ما يؤكدضرورة عدم ترك سوريا رهينة لأي قوى أجنبية.

ويرى العرابي، أنه لا يجب تحميل سوريا أكبر من طاقتها في المرحلة الراهنة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات العربية- الإيرانية، وأن سوريا منشغلى بالبناء والتنمية، ومكافحة الإرهاب، وهو ما يستوجب دعم دمشق من الجانب العربي في هذه المسارات.

تنسيق ورؤى مشتركة

من ناحيته قال البرلماني السوري عمار الأسد، إن مصر وسوريا هما الثقل الوازن في المنطقة، وأن التنسيق لم ينقطع بين البلدين على مدار السنوات الماضية. وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” أن الزيارات المتبادلات طوال السنوات الماضية كانت على مستوى الجانب الأمني وغير الأمني أحيانا، وأن التحديات التي تواجه المنطقة العربية تحتاج لمثل هذا التنسيق القوي.

وأوضح أن التنسيق مع القاهرة يمثل أهمية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بمواجهات التنظيمات الإرهابية المدعومة من “إسرائيل” والتي تهدد معظم الدول العربية. وأشار إلى أن سوريا حريصة بدرجة كبيرة على عودة العمل العربية المشترك بشكل قوي، خاصة أن لمصر مكانتها القوية التي تتكامل مع الجناح الآخر وهو سوريا، ما يؤسس لقوة عربية اقتصادية ودبلوماسية أو عسكرية. وأشار إلى أن اللقاء الذي جرى في 25 سبتمبر/أيلول، سيترجم في العديد من القضايا خلال الأيام المقبلة.

تنسيق أمني في إطار مكافحة الإرهاب

في الإطار ذاته قال مهند الحاج علي عضو مجلس شعب سابق وباحث سياسي سوري،إن مصر لم تغب ابدا عن المشهد السوري، وأن غابت في فترة حكم الإخوان الذي كان دوره تآمري على الشعب السوري، وحرض على تجنيد الإرهابيين وإرسالهم للقتال في سورية.

وأضاف أنه بعد تصحيح المسار السياسي في مصر عن طريق الجيش المصري، وبدعم من الشعب، عاد التنسيق مرة أخرى مع القيادة السورية الشرعية المنتخبة من قبل الشعب السوري، في قضيتين أساسيتين، وهما ملف المهجرين الذي لم تعتبرهم مصر إلا أشقاء سوريين وضيوف كرام، ولم تستثمر هذا الملف استدرارا للمعوانات من قبل أمريكا، أو كمدية تغرس في صدر السوريين، كما فعلت بعض الدول، وخاصة دول جوار سوريا.

القضية الثانية، كانت التنسيق الأمني المباشر، حيث أدركت مصر أن العدو واحد وهو تنظيم داعش الإرهابي. يوضح الحاج علي أن التنسيق الأمني بين الجيشين كان ضرورة لتوحيد الجهود في مكافحة التنظيمات الإرهابية التي بدأت تضرب في سورية وسيناء، على حد سواء.

وتابع أن مصر كانت أول من دعت علنيا، لعودة سورية لمقعدها المسلوب منها، بخلاف ميثاق الجامعة العربية، حيث جرت العديد من اللقاءات على مستويات سياسية مختلفة في هذا الإطار.

تتويج للجهود السابقة

ويرى أن اللقاء الوزاري هو تتويج لمجهود وتنسيق سياسي أمني عسكري مستمر منذ عدة سنوات. وشدد على إصرار مصر للعودة لدورها الإقليمي، والحفاظ على أمنها القومي، من خلال الحفاظ على أمن دمشق والتنسيق معها.

التنسيق الأمني يعد ضرورة خاصة أن الإرهاب الذي ضرب سورية بات عابرا للحدود، ويشكل خطرا على كل الاتفاقيات والخطط الاقتصادية، التي يعدها البلدان ، من أجل تجاوز تبعات العقوبات عن سورية، والآثار الإقتصادية السلبية التي خلفها وباء كورنا على الاقتصاد المصري.

وشدد على أن التنسيق بدأ يأخذ الشكل الرسمي والعلني، نتيجة انكفاء الضغط الأمريكي عن المنطقة ككل، وحاجة الولايات المتحدة لتبريد ملفات المنطقة، للتركيز أكثر على ملفات تهمها وخاصة في المحيطين الهندي والهادي.

وتشهد المنطقة تحولات وتغيرات كبيرة خلال الفترة الأخيرة، خاصة على مستوى التنسيق العربي، الذي بدأ يستعيد آلية العمل العربي المشترك في حل الخلافات والقضايا.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here