تنسيق مصري سعودي للضغط على تركيا

10
تنسيق مصري سعودي للضغط على تركيا
تنسيق مصري سعودي للضغط على تركيا

أفريقيا برس – مصر. كشفت مصادر دبلوماسية مصرية أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسعودية، أول من الثلاثاء، شهدت مباحثات حول الأدوار التركية والإيرانية بالمنطقة العربية.

وأشارت المصادر، في أحاديث خاصة لـ”العربي الجديد”، إلى أن الرئيس المصري “يسعى لتحالف مصري سعودي في الوقت الراهن، لمعادلة ما أسمته بالتحالف التركي الإماراتي الذي يستهدف المصالح المصرية في عدة ملفات منها ليبيا، والقرن الأفريقي، والسودان، وسد النهضة الإثيوبي”.

وأضافت أن هناك توافقاً بين الرياض والقاهرة، على عقد شراكة وتنسيق بشأن الملفات ذات الأهمية في المنطقة، خصوصاً أن السعودية أيضاً ترغب في عدم الذهاب إلى استئناف العلاقات مع تركيا بشكل متوازن، في ظل المسارعة الإماراتية نحو تركيا، وهو ما أفقد كلا من القاهرة والرياض ورقة ضغط مهمة، ودفع الحماسة التركية لتطبيع العلاقات مع مصر إلى أن تتراجع خلال الآونة الأخيرة.

وأشارت المصادر إلى أن “حديث السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تطرق إلى الضغط على أنقرة خلال الفترة المقبلة بتحريك المطالبات المتعلقة بوجودها على الأراضي العربية”.

وأوضحت أن مصر “طلبت ممارسة ضغط فيما يخص التعامل التركي مع الأزمة الليبية”، مشيرة إلى أن “الفيتو” التركي هو الذي يمنع في الوقت الراهن، تسلّم فتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة أخيراً من مجلس النواب لمهام عمله، من خلال دعمها لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ورفضها وصول باشاغا للعاصمة طرابلس من دون التوصل لاتفاق يتم عبر قنوات مصرية.

وبحسب المصادر، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طرح خلال الزيارة، إمكانية عقد قمة ثلاثية في السعودية، إذ من المقرر أن يزورها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن بن سلمان يسعى لتمتين كفته أمام الجانب التركي بتواجد مصر، وتأكيد التنسيق معها، خصوصاً بعدما سعت أبوظبي في وقت سابق لترتيب لقاء ثلاثي مصري تركي إماراتي خلال الفترة الماضية.

مصر طلبت ممارسة ضغط فيما يخص التعامل التركي مع الأزمة الليبية

وقالت المصادر إن الجانب المصري، لم يبد اعتراضاً على مطلب ولي العهد السعودي، مشيرة إلى أن الرياض أبدت في الوقت ذاته تجاوباً مع المطالب المصرية الخاصة بتقديم دعم نفطي، ومساعدات اقتصادية أخرى من شأنها دعم موقف الحكومة المصرية إزاء الأزمة الاقتصادية العنيفة التي ترافق الغزو الروسي لأوكرانيا.

ولفتت إلى أن التجاوب السعودي مع المطالب المصرية الخاصة بطلب الدعم الاقتصادي، من شأنه إحداث تغيرات كبيرة على صعيد ملفات المنطقة خلال الفترة المقبلة.

ولم تستبعد المصادر حصول تنسيق مصري سعودي في الأيام المقبلة بشأن الحرب في اليمن، وذلك بخلاف موقف موحّد متعلق بإيران التي تسعى السعودية لاستكمال المفاوضات معها خلال الفترة المقبلة.

من جهته، اعتبر دبلوماسي مصري سابق، أن “زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السعودية، يمكن أن تفهم من خلال أكثر من اتجاه، أولها الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مصر، في ظل ظروف عالمية سيئة من نواح عدة، مثل حالة التضخم العالمي، وارتفاع أسعار النفط إلى أرقام قياسية، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت أيضاً إلى التهديد بحدوث نقص في موارد مصر من القمح كأكبر مستورد عالمي للقمح الذي يأتي معظمه من روسيا وأوكرانيا”.

وأوضح المصدر في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “جزءاً كبيراً من الإنفاق الحكومي يكون على المواد النفطية والقمح، ومن الوارد أن تساعد السعودية بحصة فيها، كما يمكنها توفير دعم مالي إضافي لمصر، لتجاوز أزمة المواد الغذائية التي يأتي على رأسها القمح”.

وقال الدبلوماسي إنه “في مقابل ذلك، عبّرت القاهرة عن دعم واضح وقوي للرياض، فيما يتعلق بصراعها مع الحوثيين في اليمن، وهو الموقف التي كانت تطالب به الرياض القاهرة منذ فترة والتعبير عنه بإجراءات فعلية وليس بالبيانات فقط”.

وأضاف المصدر أن البيان المصري السعودي المشترك، الذي صدر في ختام زيارة السيسي التي استمرت يوماً واحداً، قد حرص على ذكر أن “الجانبين أكدا على أن الأمن العربي كلٌ لا يتجزأ، وعلى أهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي الكامل للحفاظ على الأمن القومي العربي بما لدى دوله من قدرات وإمكانات تؤهلها للاضطلاع بهذه المسؤولية. وهي مسؤولية تقع على عاتق كل الدول العربية، ويضطلع بها البلدان الشقيقان في إطار عملهما المستمر لدعم أمن واستقرار المنطقة”.

وأوضح أن ذلك “يلقي بمسؤولية على مصر في مسألة استخدام قدراتها للدفاع عن الأمن العربي كما ذكر البيان”. ولفت المصدر إلى أن البيان “الذي على ما يبدو كُتب بأقلام سعودية، حرص على ذكر الحوثيين بصفتهم مليشيا إرهابية في خمسة مواضع مختلفة، وأنها تهدد الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وأنه لا يمكن التغاضي عن امتلاك هذه المليشيات الحوثية الإرهابية لقدرات عسكرية نوعية كونه تهديداً مباشراً لأمن السعودية ودول المنطقة، مع التأكيد على حرص الجانبين على تعزيز التعاون بين البلدين خصوصاً في المجال العسكري وتعزيز العلاقات والشراكات الاستراتيجية”.

ولفت الدبلوماسي المصري السابق إلى أن “هناك إشارة مهمة أيضاً يمكن التقاطها من البيان المصري السعودي المشترك، وهي الاتفاق على تصنيف إيران وتركيا في خانة واحدة، مع تأكيد الجانبين على رفض أي محاولات لأطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، سواء كان ذلك عبر أدوات التحريض العرقي والمذهبي، أو أدوات الإرهاب والجماعات الإرهابية، أو عبر تصورات توسعية لا تحترم سيادة الدول ومبادئ احترام حسن الجوار”.

ورأى أن “الجزء الأول الخاص بالتحريض العرقي والمذهبي، مفهوم أنه يقصد إيران، أما الجزء الآخر فيفهم منه أن المقصود تركيا، وتدخلها في ليبيا، وعدم احترامها لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي”. وأوضح أن “توحيد المواقف المصرية السعودية تجاه تركيا، يمكن أن يكون رداً على التقارب التركي الإماراتي الأخير”.

دعت لجنة عربية تركيا إلى سحب قواتها من سورية وليبيا والعراق

واعتبر المصدر أن “من النتائج الواضحة أيضاً لزيارة الرئيس السيسي إلى السعودية، ولقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هو قرار السيسي المتأخر بالتعبير عن موقف من الأزمة الروسية الأوكرانية، وإجرائه اتصالا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكد خلاله ضرورة تغليب لغة الحوار مع دعم مصر لكافة المساعي الدبلوماسية التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسياً من أجل الحد من تدهور الموقف، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، واستعداد مصر لدعم هذا التوجه من خلال تحركاتها الحثيثة في هذا الصدد سواء ثنائياً، أو على الصعيد متعدد الأطراف”. واعتبر أنه “على ما يبدو فقد تم تنسيق المواقف بين السيسي وبن سلمان خلال زيارة الأول للرياض”.

في غضون ذلك، أعربت لجنة “التدخلات التركية في الشؤون العربية” في الجامعة العربية، عن قلقها من استمرار الوجود العسكري التركي على أراضي عدد من الدول العربية، داعية تركيا إلى سحب قواتها من سورية وليبيا والعراق والتوقف عن تجنيد المرتزقة.

كما دانت اللجنة، ما أسمته بالانتهاكات التركية المتكررة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بفرض حظر السلاح على ليبيا. وضمّت اللجنة التي عقدت اجتماعها الأربعاء، على هامش اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على المستوي الوزاري، مصر رئيسة لها، والإمارات، والبحرين، والسعودية.

وأكدت اللجنة على عدم شرعية تواجد القوات التركية في العراق وليبيا وسورية، مشدّدة على ضرورة سحب تركيا لقواتها بشكل فوري من دون قيد أو شرط. ودعت اللجنة إلى أهمية تعاون الحكومة التركية من أجل اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها التصدي لعمليات رعاية وتجنيد وتدريب ونقل المقاتلين الأجانب والمرتزقة لداخل حدود البلاد العربية.

كما استنكرت اللجنة أي مساس بالتركيبة الديمغرافية في بعض المناطق العربية الواقعة تحت سيطرة القوات التركية على غرار شمال شرقي سورية، والانتهاكات المستمرة لسيادة بعض الدول العربية.

كما أكدت اللجنة على قرارات مجلس جامعة الدول العربية السابقة، الخاصة بالتدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية. ودانت اللجنة الوزارية “استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية”، مستنكرة في ذات الوقت “ما وصفته بالتصريحات الاستفزازية المستمرة من قبل المسؤولين الإيرانيين ضد الدول العربية”.

وأعربت اللجنة بحسب بيان صادر عنها عما وصفته بـ”قلقها البالغ إزاء ما تقوم به إيران من تأجيج مذهبي وطائفي في الدول العربية، بما في ذلك دعمها وتسليحها للمليشيات الإرهابية في بعض الدول العربية، وما ينتج عن ذلك من فوضى وعدم استقرار في المنطقة يُهدد الأمن القومي العربي. الأمر الذي يُعيق الجهود الإقليمية والدولية لحل قضايا وأزمات المنطقة بالطرق السلمية وطالبتها بالكف عن ذلك”.

واستضافت القاهرة أعمال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، بمقر الأمانة العامة للجامعة برئاسة لبنان، لمناقشة جدول أعمال من 11 بنداً تصدرتها كل من ليبيا وسورية واليمن والقضية الفلسطينية.

كما ناقش الاجتماع عدداً من الموضوعات السيادية، وفي مقدمتها أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج، إضافة إلى العلاقات العربية مع روسيا واليابان والهند والصين وآسيا الوسطى وجزر المحيط الهادئ وأميركا الجنوبية، والتعاون بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here