جرعة إنقاذ لأسواق مصر؛ إجراءات استثنائية لحلحلة أزمة الواردات

4
جرعة إنقاذ لأسواق مصر؛ إجراءات استثنائية لحلحلة أزمة الواردات
جرعة إنقاذ لأسواق مصر؛ إجراءات استثنائية لحلحلة أزمة الواردات

عادل صبري

أفريقيا برس – مصر. في محاولة للسيطرة على غضب المستثمرين وتحريك الأسواق ومعدات المصانع التي توقف معظمها عن العمل في مصر، بسبب قيود الاستيراد التي وضعها البنك المركزي، منذ مارس/آذار الماضي، أطلقت الحكومة حزمة من الإجراءات لتيسير الإفراج عن الواردات، وصفها وزير المالية محمد معيط، بالاستثنائية، لتخفيف الأعباء عن المستثمرين والمستوردين، في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة.

تشمل الإجراءات، التي ستطبق خلال الأيام المقبلة، بالتنسيق بين البنك المركزي ووزارتي التجارة والنقل، وغرف الملاحة والتوكيلات الملاحية، الإفراج عن أي شحنات أنهت الإجراءات الجمركية، وتنتظر ما يعرف بنموذج الواردات “4”.

ويحدد هذا النموذج قوائم الواردات التي تسمح بها وزارة الصناعة، وتحظى بأولوية ما يقتضي تيسير إجراءات البنك المركزي لاستيرادها، بينما كان قد عطل منذ نحو أربعة أشهر جميع إجراءات الاستيراد، وحال دون دخول صفقات وصلت إلى البلاد، ومازالت مكدسة داخل الموانئ منذ 17 مارس/ آذار الماضي.

وقف تحصيل الغرامات الجمركية

ووفق بيان لوزارة المالية، تقرر وقف تحصيل الغرامات الجمركية، من المستثمرين والمستوردين المتأخرين في إنهاء الإجراءات الجمركية بسبب المستندات المطلوب استيفاؤها من الجهات المختصة.

كما سمحت الوزارة للتوكيلات الملاحية بنقل البضائع المستوردة من الموانئ إلى المستودعات والموانئ الجافة خارج المنافذ الجمركية، الموجودة باسم التوكيلات الملاحية، أو المستوردين. وبحسب معيط فإن هذا الإجراء يعفي المستثمرين والمستوردين من الأعباء الإضافية لتخزين البضائع بالموانئ، بعد رفع قيمة الغرامات والأرضيات والحراسات.

وتقرر مد المهلة المقررة للسلع الغذائية لأربعة أشهر قبل تحويلها إلى “مهمل” بعد مراجعة تاريخ الصلاحية، و6 أشهر للمنتجات غير الغذائية، لحين الانتهاء من استيفاء المستندات المطلوبة من الجهات المختصة.

وصف أعضاء في الغرفة التجارية، وجمعية رجال الأعمال المصريين، قرار وزارة المالية بأنه بداية انفراج أزمة صنعتها الجهات الحكومية والبنك المركزي، منذ مارس/آذار الماضي، بعد تعديل قواعد العمل بمستندات الاستيراد، والتي شملت تعليمات غير معلنة، أوقفت جميع الواردات عدا التي تحددها جهات عليا بالدولة.

أشارت مصادر في اتصال مع “العربي الجديد” إلى أن الإجراءات لم تحل إلا مشاكل المستوردين الذين وصلت بضائعهم إلى الموانئ المصرية، قبل العمل بقرار 17 مارس/آذار، والتي مازالت عالقة بالموانئ، وتشمل عددا قليلا من السيارات ومعدات للمصانع والملابس الجاهرة، وبعض الموردين تنازل عن الشحنات داخل الموانئ بعد تعرضها للتلف.

وكانت اتحادات الغرف التجارية والصناعية، وممثلو المدن الصناعية، قد وجهوا انتقادات حادة للحكومة خلال الأيام الماضية، للمطالبة بفتح باب الاستيراد لمدخلات الإنتاج، بعد أن تعطلت آلاف المصانع، التي تعتمد على استيراد نسبة عالية من مكونات الإنتاج من الخارج.

تراجع التشغيل

وتعالت نبرات الغضب من قبل المصنعين والموردين، عقب استقالة طارق عامر محافظ البنك المركزي، وعقب السماح بنشر الانتقادات في القنوات المحلية التي تسيطر عليها أجهزة الأمن السيادية، فيما اعتبر البعض أنها بمثابة مؤشر على وجود حلول للأزمة التي تمر بها البلاد منذ 6 أشهر.

لكن مصادر صناعية وصفت قرار وزارة المالية بالمتأخر في ظل تراجع التشغيل بنسبة تصل إلى 90% في المصانع، وارتفاع جنوني في الأسعار، يتزايد بسبب ندرة الواردات ومدخلات الإنتاج، بالتوازي مع معدلات التضخم المحلية والعالمية، التي تقفز، منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا.

وقال متى بشاي، نائب رئيس شعبة الأدوات الصحية في غرفة القاهرة التجارية، إن عدم تمكن الموردين من الاستيراد، وحجب السلع الجديدة عن الأسواق منذ مارس/آذار، رفع الأسعار بنسب وصلت إلى 45%. وأضاف بشاي أن معظم السلع تامة الصنع تشهد نقصاً حاداً في الأسواق نتيجة التوقف التام عن استيراد المنتجات كاملة الصنع من الأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية، والمكتبية والأخشاب والأثاث ولعب الأطفال وقطع غيار السيارات، بينما مخزون البضائع قارب على الانتهاء.

وشكلت الغرف التجارية والصناعية، لجانا فنية لتنظيم جماعات تضم شخصيات برلمانية واقتصادية، لممارسة الضغط على الحكومة، التي شكلت لجنة عليا لحل مشاكل الموردين برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي. وحصرت اللجان الفنية مطالبها، في ضرورة إعادة النظر في القيود المفروضة على الاستيراد، التي أضرت بالمستوردين والشركات على حد سواء، وتأجيل سداد قروض لرجال الأعمال، أسوة بفترة انتشار كورونا عامي 2020 و2021، ووقف تنفيذ بعض خطط الإنفاق العام، التي تحتاج إلى العملة الصعبة.

وأجرى رئيس الوزراء، مطلع الأسبوع الجاري، مشاورات مع حسن عبد الله القائم بأعمال محافظ البنك الجديد، وأحمد سمير وزير التجارة والصناعة.

وحسب بيان لمجلس الوزراء، تطرق اللقاء إلى مجموعة من الإجراءات المقترحة في إطار زمني محدد، للتعامل مع الموقف الاقتصادي الراهن في مصر على ضوء تداعيات الأزمة العالمية.

بينما ذكرت وكالة بلومبيرغ الأميركية في تقرير لها، الاثنين الماضي، أن مصر أصبحت أحدث رمز للمعاناة التي تجتاح الدول الفقيرة على خلفية ارتفاع التضخم وصعود الديون وتراجع النمو العالمي، مشيرة إلى أن المستثمرين، الذين ما زالوا يتألمون من حالات التخلف عن السداد الأخيرة من قبل روسيا وسريلانكا، يراقبون مصر كدراسة حالة لقياس إمكانية، ومدى سرعة، تجنب البلاد أزمة ديون كاملة وتتخطى حقبة زيادة أسعار الفائدة.

وتجري مصر منذ عدة أشهر مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد. وسط أنباء عن اشتراطات قاسية من جديد للبلد الذي يعاني معظم سكانه من ضغوط معيشية كبيرة نتيجة السياسات التي جرى اتباعها بالاتفاق مع صندوق النقد منذ الحصول على القرض الذي جرى التوصل إليه في 2016.

وتتوقع مؤسسات مالية دولية أن مصر ستضطر إلى تحرير سعر عملتها، استجابة لشروط صندوق النقد مقابل منحها قروضاً إضافياً.

وأشارت وحدة “بلومبيرغ إيكونوميكس” الأميركية في وقت سابق من أغسطس/آب الجاري إلى أن الجنيه المصري يحتاج إلى الهبوط بنسبة عالية تناهز 23%.

إلا أن تقديرات أُخرى تبقى أقل بكثير من هذه النسبة. فمن وجهة نظر “دويتشه بنك إيه جي” الألماني و”غولدمان ساكس غروب إنك” الأميركي، فإن العملة مقوّمة بأعلى من قيمتها حاليا بنحو 10%، وفقا لسعر الصرف الفعلي الحقيقي، في حين أن مجموعة “سيتي غروب” المصرفية العالمية لديها تقدير أقل بنسبة 5%.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here