سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. قالت الباحثة الاقتصادية المصرية سنية نائل إن الشراكة بين القاهرة وموسكو تطورت سياسيًا واقتصاديًا، مؤكدة أن مشروع الضبعة النووي بقدرات VVER-1200 وأربع وحدات سيمنح مصر ريادة في الطاقة والصناعة ويوفر آلاف الوظائف.
وشددت في حوارها مع “أفريقيا برس”، على واقعية الجدول الزمني للتشغيل المبدئي في 2029 مع احتمال تأجيل محدود لأسباب فنية أو تنظيمية.
وأضافت أن «روساتوم» قدّمت ضمانات سلامة شاملة تشمل إدارة الوقود المستهلك وفق المعايير الدولية. وذكرت أن المنطقة الصناعية الروسية بقناة السويس جاذبة لاستثمارات ونقل تكنولوجيا.
وأقرت بوجود تحديات تتصل بالعقوبات وسلاسل التوريد، لكنها رأت أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية لعام 2018 تدعم استمرارية التعاون، مع فرصٍ للتوسع في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
كيف تُقيّمون مستوى الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا في ضوء الاتفاقيات الأخيرة، خصوصًا في مجالي الطاقة والصناعة؟
شهدت العلاقات المصرية-الروسية خلال العقد الأخير تطوّرًا ملحوظًا على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، مدفوعةً بتفعيل الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في عام ٢٠١٨. وقد تجسّد هذا التعاون في مشروعات كبرى مثل إنشاء محطة الضبعة النووية التي تضم أربعة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية بتمويل روسي، وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد التي من المتوقع أن تضخ استثمارات تصل إلى ٧ مليارات دولار وتوفّر أكثر من ٣٥ ألف فرصة عمل.
كما بلغ عدد الشركات الروسية العاملة في مصر ٤٦٧ شركة تعمل في مجالات متعددة أبرزها البترول والغاز. وتمثّل مصر الشريك التجاري الأول لروسيا في أفريقيا بنسبة ٨٣٪ من حجم التبادل التجاري بين روسيا والدول الأفريقية، حيث بلغ معدل التبادل التجاري بين البلدين خلال عام ٢٠٢٤ نحو ٦.٤ مليارات دولار، إلى جانب التعاون في استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية الثنائية، بما يعكس عمق التفاهم الاقتصادي بين البلدين في ظل التحولات الدولية الراهنة.
ما مدى واقعية الجدول الزمني المُعلن لانتهاء محطة الضبعة النووية بحلول عام ٢٠٢٩، وهل هناك تحديات قد تؤخر التنفيذ؟
يبدو الجدول الزمني المُعلن لانتهاء محطة الضبعة النووية بحلول عام ٢٠٢٩ قابلًا للتحقيق في ضوء نسبة الإنجاز الحالية، بما يعكس وتيرة عملٍ مستقرة ومدعومة في إطارٍ مؤسسي واضح. المشروع الذي تبلغ تكلفته الإجمالية ٢٨.٥ مليار دولار، من بينها ٢٥ مليار دولار قرضٌ روسي لمصر، نُفّذ بالشراكة مع شركة «روس آتوم» الروسية وفق أعلى معايير الأمان النووي (الجيل الثالث).
ورغم وجود تحديات محتملة تتعلق بسلاسل التوريد الدولية والاختبارات الفنية قبيل التشغيل، فإن حجم التقدّم الحالي والدعم السياسي والفني المتبادل بين القاهرة وموسكو يعزّزان من الالتزام بالجدول الزمني، مع احتمال تأجيلٍ محدود لا يتجاوز عامين لأسباب تنظيمية أو فنية، على أن يبدأ التشغيل الأولي فعليًا في عام ٢٠٢٩.
هل تمتلك روسيا القدرة التقنية والمالية الكافية لإنجاز مشروع الضبعة بالكامل، خاصةً في ظل تعثّر مشاريعها النووية في دول أخرى؟
روسيا تمتلك الإمكانيات الكافية لإنجاز محطة الضبعة النووية في مصر؛ إذ تُعدّ من أبرز الدول امتلاكًا للقدرات النووية والتكنولوجية. وتتركّز حاليًا عدة مشروعات نووية لروسيا في عدد كبير من دول العالم. وتكمن أهمية مشروع الضبعة بالنسبة إلى روسيا في أنه يُعدّ المشروع الأول المتكامل لها في أفريقيا والعالم العربي، ويُنفَّذ وفق نموذج البناء والتملّك والتشغيل، ما يمنح روسيا امتيازات استراتيجية طويلة الأمد في سوق الطاقة المصرية والأفريقية، ويعزّز مكانتها كمصدر موثوق للطاقة النووية. ومع ذلك، تواجه روسيا تحديات كبيرة قد تؤثر في وتيرة التنفيذ، أبرزها القيود الغربية المفروضة على سلاسل الإنتاج والتمويل بعد حرب أوكرانيا، إضافةً إلى صعوبات النقل في ظل التحديات الغربية المفروضة على موسكو.
ما الضمانات التي قدّمتها شركة «روساتوم» لضمان سلامة المفاعلات النووية في مصر، خصوصًا فيما يتعلق بتخزين الوقود المستهلك؟
قدّمت الشركة الروسية ضمانات شاملة لسلامة مشروع محطة الضبعة، من خلال اعتماد مفاعلات VVER-1200 من الجيل الثالث المزوّدة بأنظمة أمان، مع تصميم نظام لاحتواء أي حادث محتمل مثل تسرّب الإشعاعات، والتأكيد على أنظمة مقاومة الكوارث الطبيعية. وتشمل الضمانات إدارة الوقود النووي بشكلٍ كامل، وتفعيل أنظمة تشغيل آمنة للوقود المستهلك وفق معايير السلامة الدولية.
إلى أي مدى يمكن للمنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس أن تُسهم في جذب استثمارات حقيقية وتنشيط الاقتصاد المصري؟
تُعدّ المنطقة الصناعية الروسية أحد أهم المشروعات الاستثمارية الاستراتيجية على نطاق مصر؛ فهي لا تقتصر على جذب الاستثمارات والنقد الأجنبي فحسب، بل تخلق مجالات للصناعات الثقيلة وقطاعات تكنولوجية، كما تفتح المجال لعقد اتفاقيات إقليمية. ويهدف المشروع أيضًا إلى نقل الخبرة التكنولوجية إلى مصر.
كيف تنظرون إلى مستقبل التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي، وهل هناك خطط لتوسيع هذا التعاون؟
يوفّر المشروع فرصةً لمصر لدخول مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، ما يجعلها شريكًا مهمًا في ظل دخولها مشروعات قائمة على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي. ويمكن أن يجعل هذا التعاونُ مصرَ مركزًا إقليميًا لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط. وفي المقابل، تتمثّل التحديات في قضايا تأمين البيانات، مع سعي الحكومة إلى وضع التشريعات والقوانين لحوكمة استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
في ظلّ التوترات الدولية والعقوبات المفروضة على روسيا، هل ترون أن هذه الشراكة قد تتأثر سياسيًا أو اقتصاديًا في المستقبل القريب؟
في ضوء مسار العلاقات المصرية الخارجية خلال السنوات الأخيرة، يمكن أن يكون هناك تأثيرٌ مرتبطٌ بالتوترات الدولية وانعكاسها على مسار الشراكة بين الجانبين. لكن التعاون بين القاهرة وموسكو يستند إلى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الموقّعة بين البلدين في عام ٢٠١٨ في مجالات الصناعة والتجارة والتكنولوجيا والتعليم. ومع ذلك، يواجه التعاون عقبات تتعلق بالتوترات العالمية والقيود المفروضة على الجانب الروسي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





