ما الخيارات بمواجهة الطعن على تعيين رئيس محكمة النقض؟

9
ما الخيارات بمواجهة الطعن على تعيين رئيس محكمة النقض؟
ما الخيارات بمواجهة الطعن على تعيين رئيس محكمة النقض؟

عبد الكريم سليم

أفريقيا برس – مصر. تنظر محكمة القضاء الإداري في مصر، غداً الثلاثاء، في أولى جلسات الدعوى المقامة من المحامي الحقوقي ناصر أمين، أمام مجلس الدولة، للطعن في قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي الخاص بتعيين المستشار حسني عبد اللطيف رئيساً لمحكمة النقض، ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى، والذي تسلّم منصبه الشهر الماضي.

ويأتي الطعن الذي تقدم به أمين في 27 يوليو/تموز الماضي، “لمخالفة القرار أحكام الدستور، وإصابته بعيوب جوهرية منها عيب الشكل والانحراف بالسلطة ومخالفة القانون”، لتكون بذلك أول دعوى قضائية مقامة في هذا الصدد. لكن مسؤولين سابقين في محاكم مصرية لم يستبعدوا، المماطلة بالبت في الدعوى أو رفضها.

واعتبرت الدعوى أن “مخالفة القرار للدستور والقانون وقانون السلطة القضائية؛ جاء في ظل تجاوز القرار للقانون واستبعاده لثمانية نواب من أقدم نواب رئيس المحكمة المنتهية ولايته من التعيين، رغم أن القانون لم يعطه إلا سلطة اختيار الرئيس الجديد من بين أقدم 7 نواب فقط لرئيس المحكمة”.

وطالب أمين، وفقاً لعريضة الدعوى، بقبول الدعوى شكلاً والحكم بإلغاء القرار المطعون عليه بتعيين المعلن إليه الثالث رئيساً لمحكمة النقض، وإلغاء كل ما يترتب عليه، وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة، مع حفظ كافة الحقوق الأخرى للطاعن.

تعيين عبد اللطيف مخالف للدستور المصري

ولم يستبعد نائب رئيس محكمة النقض السابق، المستشار محمد ناجي دربالة، إمكانية رفض الدعوى، وعدم قبولها من الناحية الشكلية، باعتبارها مرفوعة من غير ذي صفة. وثمّن في الوقت نفسه “جهد مقيم الدعوى، باعتباره مسعى جديداً للحفاظ على استقلال القضاء، ومنع تغوّل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وهو أمر أجمع عليه الفقهاء وواضعو الدساتير ومواثيق الأمم المتحدة”.

وقال دربالة، وهو أحد رموز “تيار استقلال القضاء” في مصر، إن “القرار الجمهوري بتعيين عبد اللطيف رئيساً لمحكمة النقض، خالف الدستور والقانون وقانون السلطة القضائية وضمانات استقلال القضاء، لا سيما فيما يتعلق بالمادة 158 من الدستور”.

وأوضح أن هذه المادة “تُعد قاعدة أصولية دستورية ثابتة في الديباجة الأصلية للدستور، وناسخة لأي مواد أخرى، وليست مادة دخيلة جرى تعديلها والتصويت عليها لاحقاً، والتي أعطي بموجبها لرئيس الجمهورية الحق في اختيار رئيس محكمة النقض من بين أقدم 7 نواب”.

كما أشار إلى أن “القرار الجمهوري تجاوز كذلك المادة 185 من الدستور، والتي تعطي رئيس الجمهورية الحق في تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المحكمة. وأضاف أن “المستشار عبد اللطيف، ليس النائب الثامن، ولكنه بحسب تاريخ الأقدمية المطلقة لنواب النقض، النائب الـ12 لرئيس محكمة النقض، وهو ما يطعن في قانونية ودستورية القرار الجمهوري بتعيينه”.

واعتبر دربالة أن النص 158 من الدستور؛ الخاص باستقلال القضاء وعدم تدخل السلطة التنفيذية في شؤونه؛ باعتباره نصاً أصولياً حاكماً في الدستور، “يمحق النص الدخيل على المادة 185، ويجعله والعدم سواء؛ بشكل يصم القرار الجمهوري بالبطلان والعوار في ظل مخالفته للدستور والقانون”.

ونفى دربالة “إمكانية التذرع بأن القرار الجمهوري بتعيين رئيس محكمة النقض، عمل من أعمال السيادة الذي لا يجوز الطعن عليه”. واعتبر أن هذا التعيين “يأتي في إطار أساليب تسيير شؤون مؤسسات الدولة، وليس من أعمال السيادة جملة وتفصيلاً”.

وكشف نائب رئيس محكمة النقض السابق، عن أنه “كان يفترض أن يُعيَن (هو) بداية من 1 يوليو/تموز الماضي، رئيساً لمحكمة النقض ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى، في حال تطبيق الأقدمية في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وفي حالة استمرار عمله كنائب لرئيس محكمة النقض”. وأوضح أنه “يُعد أقدم نائب لرئيس محكمة النقض، ووفقاً لكشوف أقدمية نواب رئيس المحكمة فإنه كان الأقدم على الإطلاق”.

وأضاف أنه “كان سيأتي رئيساً لمحكمة النقض والمجلس الأعلى للقضاء، في حالة بقائه بعمله من دون تعديل قانون السلطة القضائية وتعديل النص الخاص باختيار رؤساء الهيئات القضائية، ليصبح الاختيار من بين أقدم 7 نواب وليس أقدمهم كما كان متعارفا عليه منذ تاريخ القضاء المصري الحديث”.

وفي السياق، ذكر دربالة أنه أقام 5 دعاوى قضائية منذ عام 2019، تتعلق ببطلان قرار رئيس الجمهورية بتعيين رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، وكذلك عدم دستورية تعديل قانون السلطة القضائية والخاص باختيار رؤساء الهيئات القضائية. وأشار إلى أنه “حتى الآن لم يتم البت إلا في دعوى قضائية واحدة”.

لا رهان على موقف قوي للقضاة في مصر

من جانبه، قال الرئيس السابق بمحكمة سوهاج الابتدائية، المستشار محمد أحمد سليمان، إن “ما يجري حالياً من تعيين رئيس جديد لمحكمة النقض في مصر، بتجاوز أقدم ثمانية نواب لرئيس المحكمة، ينسجم مع حالة التغييب المستمر للقانون والدستور”.

وأضاف أن “مخالفة النظام للدستور والقانون، يؤشر إلى أن القضاة قد رفعوا الراية البيضاء، ولم يعد هناك رهان على استعدادهم لتبني أي موقف قوي يدافع عن استقلال القضاة، الذي نصت عليه المادة 158 في الدستور الحالي”. وشدّد على أن “ما جرى ينسجم مع انفراد النظام بكل السلطات، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما هو معلوم”.

ولم يستبعد سليمان “قدرة الحكومة على تفريغ أي حكم قضائي يلغي تعيين رئيس محكمة النقض الجديد من مضمونه”. وقال إن “الحكومة لديها من الأساليب في المماطلة في تنفيذ أي حكم متوقّع حتى ينهي رئيس محكمة النقض الجديد ولايته، سواء بشكل يجعل صدور أي حكم قضائي يحفظ استقلال القضاء والعدم سواء”.

واستدرك الرئيس السابق بمحكمة سوهاج الابتدائية بالقول إن “الدعوى التي أقامها المحامي ناصر أمين تعد صرخة في وجه ازدراء السلطة للقانون والدستور واستقلال القضاء”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here