أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن تفعيل آلية دول الجوار الثلاثية بين مصر وتونس والجزائر يُمثّل خطوة ضرورية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا.
وقال إن هذه الآلية تهدف إلى إقناع الأطراف الليبية بخطورة الانقسام، مشددًا على أن الحل لا يمكن أن ينجح دون توافق داخلي.
وأضاف أن دعم لجنة 5+5 يُعدّ أداة مهمة لفرض الاتفاقات على الأرض، لكنه أشار إلى أن التوجه إلى مجلس الأمن لا يزال سابقًا لأوانه. واعتبر أن استمرار الأزمة يهدد الأمن القومي للدول الثلاث عبر تمدد الإرهاب والاحتراب.
وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية، عن ترحيبها بالتنسيق القائم بين الجزائر وتونس ومصر لتعزيز التهدئة واستعادة الاستقرار في ليبيا.
واختتم في العاصمة المصرية القاهرة الاجتماع الثلاثي الذي ضم وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر، في إطار إعادة تفعيل آلية دول الجوار الليبي التي أطلقت عام 2017 وتوقفت في 2019.
واشتمل البيان الختامي على عدد من التوصيات ومقترحات لإنهاء حالة التوتر في العاصمة طرابلس والعودة إلى الحوار والذهاب صوب الانتخابات، ومنها تجديد دعوة الالتزام بضبط النفس لكافة الأطراف المتصارعة في طرابلس وأهمية إعلاء مصالح الشعب الليبي والحفاظ على مقدراته وممتلكاته وتحقيق التوافق بين كافة الأطراف بإشراف الأمم المتحدة ومساندة دول الجوار.
كما دعا البيان إلى توحيد المؤسسات وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن وإلى ضرورة الإسراع لإنهاء حالة الانقسام السياسي لتجنب العنف، موضحا أن التوترات الأمنية في ليبيا تنعكس سلباً على أمن المنطقة.
وشدد البيان على أن الحل السياسي يجب أن يكون ليبيا خالصا، إضافة إلى رفض كل أشكال التدخل الخارجي، مجددا التأكيد على ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، داعيا إلى إعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية.
ما الخطوات العملية التي تعتزم مصر وتونس والجزائر اتخاذها لتفعيل الحل الليبي–الليبي بعيدًا عن التدخلات الخارجية؟
اجتماع القاهرة كان يهدف إلى إعادة تنشيط الآلية التشاورية الثلاثية التي تتكون من وزراء خارجية الجزائر وتونس ومصر، وهي دول الجوار لليبيا. والهدف من اللقاء هو تنشيط هذه الآلية، كما كانت فرصة لتبادل الرؤى حول سبل توحيد جهود الدول الثلاث لإنهاء حالة الانقسام بين الليبيين.
كيف ستضمن آلية دول الجوار الثلاثية ألّا يتحوّل دعمها السياسي إلى نوع من الوصاية أو التأثير على إرادة الأطراف الليبية؟
الأمر لا يتعلق بأي نوع من الوصاية، بل إن هذه الآلية الثلاثية تهدف إلى إقناع الأطراف الليبية بأن الوضع الحالي في ليبيا سيؤدي إلى إعادة تقسيم هذا البلد. وتُعدّ ليبيا بالنسبة إلى الجزائر وتونس ومصر مسألة أمن قومي، لكونها دولة جوار.
ما مدى التنسيق الحالي بين الدول الثلاث والأمم المتحدة بشأن توحيد المؤسسات الليبية وتحديد موعد لإجراء الانتخابات؟
لا شكّ أن الآلية الثلاثية تضع ضمن أجندتها التنسيق الإقليمي والدولي، إذ لا يمكن أن تنجح هذه الآلية التشاورية الثلاثية في تحقيق الاستقرار وإعادة الأمن إلى ليبيا دون التنسيق الكامل مع الأمم المتحدة والدول الكبرى ذات العلاقة بالوضع في ليبيا.
ما الضمانات المتاحة لتطبيق فعلي لقرار إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ضمن جدول زمني محدد؟ وهل هناك توافق دولي على هذا الهدف؟
الضمانة الحقيقية لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا هي اتفاق الشرق والغرب على هذا الأمر، فلا يمكن إعادة تفعيل مؤسسات الدولة الليبية دون اتفاق القوى الليبية ذاتها. كما ستُسهم الآلية الثلاثية في وضع جدول زمني، لكن الأمر في الحقيقة يرتبط بقبول الجهات الليبية المتصارعة بأن الحل يجب أن يكون ليبيًا–ليبيًا. وبالتأكيد، فإن التوافق الدولي سيكون غاية الآلية الثلاثية، إذ لا يمكن أن تحقق أهدافها دون الحصول على دعم دولي.
هل هناك مؤشرات على إمكانية إعادة تفعيل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 بشكل فعّال في ظل الانقسام القائم؟
اتفقت الآلية الثلاثية، المكوّنة من مصر وتونس والجزائر، على تقديم الدعم الكامل للجنة العسكرية المشتركة 5+5، وذلك لأن هذه اللجنة هي الكيان الليبي القادر على فرض الاتفاقيات فعليًا على الأرض.
ما الجديد في إعادة تفعيل آلية دول الجوار الثلاثية مقارنة بالمرحلة السابقة التي توقفت عام 2019؟ وما أسباب توقفها سابقًا؟
الجديد في تفعيل آلية دول الجوار هو أن المشهد الليبي دخل في منعطف من الخروج الشعبي الرافض لكل شيء، وهذا الخروج الشعبي قد يؤدي إلى إعادة اشتعال الحرب الأهلية في ليبيا. وقد شعرت دول الجوار أن الوقت مناسب وضروري للتدخّل.
هل تعتزم مصر أو الجزائر أو تونس التوجّه إلى مجلس الأمن بطرح مشترك للمطالبة بخطوات دولية ملزمة تجاه التدخلات الخارجية؟
لا أعتقد أن الوقت مناسب لطرح هذا التساؤل المتعلّق باتجاه مصر أو الجزائر أو تونس إلى مجلس الأمن، فهذا تساؤل سابق لأوانه. المهمة العاجلة الآن هي أن تقنع الآلية الثلاثية القوى الليبية في الشرق، وكذلك في الغرب، بضرورة المساعدة في نزع فتيل الاحتقان والثورة الشعبية في ليبيا. وأعتقد أنه إذا نجحت الآلية الثلاثية في احتواء الخلافات بين الشرق والغرب في ليبيا، فسيأتي بعد ذلك دور مجلس الأمن الدولي.
إلى أي مدى تعتبر الدول الثلاث أن استمرار الأزمة الليبية يشكّل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وما الخط الأحمر الذي قد يدفعها إلى تغيير مقاربتها السياسية؟
خطورة الأمر في ليبيا بالنسبة إلى الدول الثلاث تكمن في أن الحركات الإرهابية والتدخل غير المباشر، سواء الدولي أو الإقليمي، يمكن أن يؤدّيا إلى تحوّل ليبيا إلى بؤرة من بؤر الإرهاب، وقد تمتد هذه البؤرة إلى الحدود الغربية، والشمالية الغربية، والشرقية. وهذا يعني أن الأمن القومي لكل من مصر وتونس والجزائر سيكون مهددًا بانتشار وانتقال عدوى الاحتراب العسكري إلى داخل أراضيها.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس