مصر – افريقيا برس. “تحتجز السلطات المصرية 60 طفلًا و75 قاصرًا في سجونها”، هذا ما خلُص إليه تقرير حديث صادر عن مركز بلادي للحقوق والحريات، وهو منظمة مجتمع مدني مصرية.
وقال المركز، في تقريره الصادر اليوم الإثنين: “تتزايد المخاوف على حياة الأطفال والقاصرين المحتجزين في السجون المصرية على خلفيات سياسية، مع امتناع السلطات المصرية عن إطلاق سراحهم قبل وقوع الكارثة ووصول فيروس كورونا إلى مراكز الاحتجاز”.
وأكد أنه “فيما جاء إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن القانون رقم 19، 2020، والقاضي بمنع الإفراج الشرطي عن المتهمين في قضايا الإرهاب والتجمهر، تأكيدًا على غياب الرغبة الحكومية في الإفراج عنهم؛ تستمر السلطات المصرية في احتجاز 60 طفلًا و75 قاصرًا في سجونها بحسب إحصائيات مركز بلادي للحقوق والحريات، في ظل امتناع السلطات الأمنية عن الإعلان عن أعداد المحتجزين لديها. ويتوزع الأطفال المعتقلون على المؤسسات العقابية وبعض أقسام الشرطة، بينما تحتجز السلطات عددًا كبيرًا من القاصرين في زنازين مشتركة مع البالغين على خلفيات جنائية وإرهابية”.
وقال المركز: “اقتصرت الإجراءات الحكومية لمنع انتشار فيروس كورونا في السجون على إعلان السلطات المصرية وقْف الزيارات، وإعلان وزارة الداخلية عن عزمها تطهير كافة المنشآت التابعة لها على مستوى الجمهورية. إلا أن الإفادات التي جمعها باحثونا خلال مقابلات مع أهالي المعتقلين الأطفال أشارت إلى اكتفاء إجراءات التعقيم في مراكز الاحتجاز على غرف الضباط ومشرفي السجون، من دون أن تشمل العنابر”.
ويشكل ارتفاع نسبة التكدس داخل السجون التحدي الأكبر أمام سلامة المحتجزين الأطفال في مواجهة كورونا، حيث تصل نسبة التكدس في بعض أماكن الاحتجاز الأولية إلى 300%، حسب المركز القومي لحقوق الإنسان.
وهذا ما يمنع تحقيق التباعد الكافي بين السجناء لمنع انتشار فيروس كورونا داخل مراكز الاحتجاز، والمتمثلة في مترين طبقًا لتوصيات المؤسسات الطبية.
وينذر انهيار البنى التحتية والمرافق الحيوية داخل مراكز الاحتجاز في مصر بتحولها إلى بؤر انتشار كورونا، في ظل غياب شروط التهوية والنقص الكبير في مرافق النظافة الشخصية، حسبما أشارت دراسة صادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي أكدت أن العيش داخل السجون المصرية يسبب الأمراض والأوبئة للنزلاء، مؤكدةً على الانتشار الكبير للحشرات داخل العنابر.
وكشفت الدراسة عن خلو بعض السجون من دورات المياه، مشيرة إلى أنَّ وصول المساجين إليها يتم وفقًا لمواعيد محددة، مشيرة إلى لجوء بعض النزلاء إلى استخدام العلب والزجاجات الفارغة لقضاء حاجتهم.
وتغيب العناية الصحية عن مراكز الاحتجاز المصرية بشكل شبه كامل، في ظل نقص حاد في المختصين والأدوية والأجهزة الطبية، حيث يقتصر تقديم الخدمات الطبية على يوم واحد في الأسبوع في بعض السجون، من خلال توفير طبيب لكل سجن، حسب التقرير، وهذا ما دفع السجناء إلى الامتناع عن طلب المساعدة الطبية، واللجوء إليها في حالات الطوارئ فقط.
وتمتنع السلطات المصرية عن تقديم المنظفات ومنتجات النظافة الشخصية للنزلاء، بينما توفرها في نقاط البيع داخل السجون بأسعار مرتفعة، وتسمح بإدخالها خلال الزيارات.
ومع بداية أزمة كورونا، بدأت سلطات السجون بمنع إدخال مواد التنظيف والمبالغ المالية خلال الزيارات، بحسب شهادة إحدى العائلات.
وقال المركز: “تشير الاستجابة الحكومية لخطر انتشار فيروس كورونا داخل السجون، والإعلان عن قانون إلغاء الإفراج الشرطي، إلى غياب الإرادة الحكومية بإطلاق سراح الأطفال والقاصرين المحتجزين على خلفيات سياسية، حيث يحرم القانون الجديد 49 طفلاً محتجزاً لدى السلطات المصرية من الإفراج المبكر، في ظل الاعتماد المفرط من قبل السلطات على استخدام قوانين الإرهاب لتبرير احتجازها للأطفال”.
وانتهى المركز إلى أن “عدم اكتراث الدولة المصرية لسلامة الأطفال المعتقلين لا يعفيها من مسؤولياتها القانونية المتمثلة بتأمين سلامة المحتجزين لديها، كما أنه لا يعفيها من المساءلة القانونية في حال فشلها في القيام بذلك”.
وطالب مركز بلادي للحقوق والحريات الدولة المصرية بضرورة الإفراج الفوري عن جميع الأطفال والقاصرين في السجون المصرية بسبب عدم مشروعية احتجازهم، ولما يشكله السجن من خطر على سلامتهم الشخصية.
وحث المركز السلطات المعنية على تحسين الأوضاع المعيشية داخل السجون كجزء من إجراءاتها الاستباقية لمنع انتشار الفيروس.
كما قدم المركز عدة توصيات، منها إلغاء القانون رقم 19 لسنة 2020، والقاضي بمنع الإفراج الشرطي عن المتهمين بقضايا الإرهاب والتجمهر، وتقليل التكدس في المؤسسات العقابية ودور الرعاية وأماكن الاحتجاز، تطبيقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية، بما فيها التباعد الاجتماعي.
كما أوصى بتوزيع مستلزمات النظافة الشخصية على النزلاء بالمجان، وتحسين الشروط الصحية للمرافق الحيوية داخل مراكز الاحتجاز، والقيام بحملات توعية صحية داخل السجون، لتعريف المحتجزين بفيروس كورونا، مخاطره، ظروف انتشاره، وآليات الوقاية منه.