ألمانيا تعزز حضورها في مصر

18

بقلم : سحر جمال

أفريقيا برسمصر. اتفاق مصري ألماني لاقى ترحيبا واسعا على كافة الأصعدة والاوساط الشعبية والاقتصادية المصرية والذي يأتي ضمن سلسلة من الاتفاقيات تعكس عمق العلاقات بين البلدين وفي وقت تتجه فيه القاهرة لتطوير علاقاتها الخارجية مع كافة الدول شرقا وغربا. فالاتفاق الثنائي يأتي كشراكة لتنفيذ أول مصنع من نوعه في مصر والقارة الإفريقية لتصنيع ماكينات الخراطة فائقة التطور التي تعمل بالليزر والموجات فوق الصوتية ومن المتوقع ان ينتج المصنع ماكينات تستخدم في الصناعات الأساسية لقطاع الأعمال بكافة مجالاته.

أهمية المشروع لمصر

أكد الكاتب الصحفي والمحلل الإقتصادي محمد مراد لموقع أفريقيا برس أن هذا المشروع هام جدا للجانب المصري خاصة وأنه سيحدث نقلة نوعية لمصر بهذا المجال و بالقطاع الاقتصادي بشكل عام. واضاف أن الاتفاق الذي تم توقيعه مع الشركة الألمانية يعتبر نقلة في الصناعة المصرية حيث يعد هذا المصنع هو الأول من نوعه في المنطقة، وأن شركة «دي إم جي موري»، تعتبر من أفضل الشركات العالمية في مجال صناعة هذا النوع من الماكينات.

وتابع أن المشروع يدعم جهود الدولة المصرية في توطين الصناعة وإتاحة تصديرها إلى الخارج لذلك فهو يخدم القطاع التجاري بشكل كبير خاصة بعد فترات عصيبة مرت على هذا القطاع خلال الفترات الماضية. وأضاف مراد أن مصر اختارت الشريك الألماني لتنفيذ المشروع نظراً لجودة منتجه وسمعته المعروف بها عالمياً، مؤكدا أن إنشاء المصنع بالتعاون بين الجانبين مكسب استراتيجي لمصر.

ومن المقرر افتتاح المصنع وإتاحة منتجاته بالأسواق في 2023، وسيتم إعداد تقرير متابعة شهري لخطوات التنفيذ، مع الالتزام بالمواعيد المستهدفة للتنفيذ وبدء الإنتاج. والمصنع المنتظر آلي بالكامل وعالي البرمجة لإنتاج معدات الخراطة والتفريز ويقع على مساحة تبلغ حوالي 60,000 متر مربع.

ويُتيح المصنع كافة الإمكانيات للحلول التقنية الشاملة، التي تشمل التشغيل الآلي المرن، والتحويل الرقمي الكامل، وتجميع التدفق المتطور، عن طريق استخدام أنظمة نقل المركبات الموجهة الآلية، ويرتبط الإنتاج بالقدرة السنوية لأكثر من 1000 ماكينة، إضافة لخدمات الرقمنة الصناعية للمصانع، فضلا عن إنشاء أكاديمية للتدريب على تلك المعدات.

وأكد مراد في حديثه لأفريقيا برس أن الجانب الألماني يرحب وبشدة بهذا التعاون مع الجانب المصري خاصة وأن مصر لديها قدرة استيعابية لتبني المشروعات والاستثمارات الدولية بمختلف القطاعات خلال تلك المرحلة لما وفرته من كافة الموارد التي تنجح أي مشروع وتقديم كافة التسهيلات للاستثمارات الخارجية اضافة للاتجاه المصري نحو تبني مشروعات جديدة بكافة القطاعات كي تتمكن من تحقيق مكانة اقتصادية عربيا وأفريقيا في ظل الأوضاع والتحديات الراهنة التي تشهدها مصر والمخاطر التي يحتمل أن تواجهها خلال الفترة المقبلة. لذلك يرى مراد أن القاهرة تتجه لخلق بيئة جديدة تسمح لها بالانطلاق في المجالات الاقتصادية لتتمكن من تحقيق دورها القيادي في المنطقة وحلمها التنموي خلال المرحلة المقبلة.

وعن اختيار الشركة الألمانية لـ “العربية للتصنيع” للتعاون المشترك معها في إنشاء مصنع الماكينات، قال مراد ان هذا الاختيار يعكس مدى نجاح الجانب المصري في كسب ثقة “دي إم جي موري” الألمانية التي رأت امكانية النجاح مع الجانب المصري في تحقيق أقصى معايير الجودة العالمية واستمرار المشروع لسنوات عديدة.

ومن المقرر أن تفتتح أكاديمية “دي إم جي موري” موقعا جديدا للتدريب في المصنع الجديد، للمساهمة بالتعليم الألماني في تعليم الشباب المؤهلين العاملين في مصر، فضلا عن طرح دورات تدريبية في المدارس والجامعات المصرية؛ بهدف إعداد الشباب لبيئة العمل الحديثة، بجانب المساهمة في تحديث التعليم الصناعي الامر الذي يُتيح الكثير من فرص العمل للجانب المصري ويوجه اهتمام الشباب نحو التعليم الفني والصناعي خاصة أن مصر دولة زراعية بالدرجة الاولى ونجاح هذا المشروع هو بداية الطريق نحو الافق الصناعية واذا نجحت مصر في تحقيق ذلك فانها ستتمكن خلال وقت قصير من الدخول في المزيد من المجالات الاخرى والقطاعات الهامة بالقطاع الصناعي مما سيمكنها من تحقيق التنافسية العالمية وهو أمر وضعته القيادة السياسية نصب أعينها خلال خطة التنمية مصر 2030.

التعاون المصري الألماني في مجالات عديدة

اذا ألقينا نظرة على حجم التعاون بين الجانبين المصري والالماني فسنجد الكثير من القطاعات والنقاط المشتركة والمجالات المختلفة بين البلدين فمصر ترى في الشريك الألماني فرصة جيدة للتواجد بالاسواق الخارجية وجذب استثمارات ألمانية وتنفيذ مشروعات مشتركة بكافة القطاعات خاصة وان المانيا دولة ذات ثقل صناعي كبير كما ترى ألمانيا في مصر بيئة خصبة لنمو استثماراتها بكافة المجالات والقطاعات خاصة بعد التغييرات العديدة التي تقوم بها مصر واستمرراها نحو تنفيذ خطة ممهنجة للنمو الاقتصادي واستقطاب المستثمر من كل حدب وصوب وخلق تعاون مع كافة الاطراف بمختلف المجالات والقطاعات الهامة.

التعاون التنموي

منذ ستينيات القرن الماضى تعمل مصر وألمانيا معا في مجال التعاون التنموي، حيث تقدر قيمة هذا التعاون حاليا 1.7 مليار يورو في صورة منح وقروض لتعزيز البنية التحتية في مصر وتحسين ظروف معيشة المواطنين وتحقيق الأمن العام ودعم حقوق الإنسان.

وتواجه مصر بعد أعوام على الثورة تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، فالوضع الاقتصادي والمالي قد تدهور بسبب قلة الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتراجع السياحة، وباتت نسبة البطالة مرتفعة بين الشباب، وتضائلت فرص مشاركة المجتمع المدني في الحياة السياسية. كما زادت نسبة النمو السكاني وزاد معها طلب تحقيق رفاهية المعيشة. وفي الثلاثين عاماً الماضية تضاعف التعداد السكاني في مصر الذي تجاوز 90 مليون نسمة. كما أن ثلث السكان في مصر تحت سن الخامسة عشر عاماً، في حين يعيش أكثر من 40% من المواطنين على أقل من دولارين في اليوم.

التعاون في مجال الطاقة المتجددة

تقدم مصر إمكانيات ضخمة فيما يتعلق بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ولأن حاجة مصر إلى الطاقة فى تزايد مستمر فإن الحكومة المصرية تتبع أهدافاً تطمح إلى التوسع في مجال الطاقة المتجددة. وبحلول عام 2022 يفترض أن يكون نصيب مصر على مؤشر قياس الطاقة قد ارتفع إلى 20%. في الوقت ذاته قررت الحكومة رفع الدعم عن الطاقة بشكل تدريجي والسماح للشركات الخاصة بتوفير الطاقة وتصحيح المفاهيم المشوهة في سوق الطاقة، فحتى الآن لا يوجد أي دافع لدى المجتمع لتوفير الطاقة بسبب تدني أسعار الطاقة المقدمة للمصانع أو البيوت.

في هذا السياق تدعم الحكومة الألمانية التوسع في الطاقات المتجددة ورفع كفاءة الطاقة بتقديم المشورة بشأن “توجه مصر نحو الطاقة المتجددة”، حيث تعقد حوارات سياسة الطاقة النظيفة في إطار اجتماع اللجنة المصرية الألمانية المشتركة للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة وحماية البيئة، بذلك أصبح من الممكن على سبيل المثال اعتماد تعريفة كهرباء لوحدات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المملوكة لشركات خاصة. كما دعمت ألمانيا مالياً واستشارياً تأسيس مركز إقليمي يكون بمثابة غرفة عمليات لمتابعة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.

وتمول ألمانيا أيضاً استثمارات في الطاقة المتجددة مثل أول مزارع رياح مصرية في منطقة الزعفرانة وخليج الزيات على ساحل البحر الأحمر. وستكون مزرعة رياح خليج السويس أكبر مزارع الرياح في القارة الأفريقية. أيضاً تساعد ألمانيا في إعادة تأهيل المولدات القديمة للسد العالي في أسوان وتمول تكنولوجيا توليد الكهرباء باستخدام الألواح الشمسية.
ولا يقل معيار كفاءة الطاقة أهمية عن توليد الطاقة، لذلك توفر ألمانيا مخصصات مناسبة للاستفادة من الطاقة الموجودة بشكل أفضل. ويقدر حجم التعاون الألماني مع مصر في مجال الطاقة بحوالي 450 مليون يورو جزء كبير منها في شكل تسهيلات ائتمانية.

تنمية اقتصادية مستدامة

يتوافد مئات الآلاف من الشباب سنوياً على سوق العمل في مصر في ظل تزايد النمو السكاني. وعلى الرغم من وجود الكثير من خريجي الجامعات تواجه الشركات صعوبة في العثور على العمالة المؤهلة والمتحفزة لشغل الوظائف الفنية بسبب النقصان في كفاءة الاستشارات الوظيفية وفي التدريب المهني وشركات التوظيف الوسيطة، لذلك تظل الكثير من أماكن العمل شاغرة على الرغم من البطالة المرتفعة. في الوقت ذاته تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة مشكلات في سوق العمل وهي التي تخلق الكثير من فرص العمل كما هو معروف عنها؛ حيث تحتاج هذه المشروعات إلى وسائل تمويل ودعم مؤسساتي لهذا السبب تدعم الوزارة الألمانية للتعاون والتنمية الحكومة المصرية منذ مطلع عام 2015 في ملف جديد من ملفات تعاونها التنموي يتمثل في تشكيل سوق العمل ووضع أساسيات التدريب المهني والشروط العامة التي تخدم تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

في هذه الأثناء يبنى التعاون التنموي الألماني على ما حققته مبادرة (مبارك كول) التي نجحت في إدخال التدريب المهني المزدوج إلى مصر في التسعينيات من القرن الماضى. لذلك تدعم ألمانيا إعادة إنشاء مراكز للتعليم الفني بشأن الوظائف المستقبلية وتوفر إمكانات تمويل يمكن أن تستفيد منها المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاستثمارات. وقد بلغ إجمالي ما خصصته الحكومة الألمانية لهذا الملف ما يقارب 70 مليون يورو حتى الآن.

المشروعات الصغـيرة

توفر السفارة الألمانية في القاهرة مخصصات محدودة لدعم المشروعات الصغيرة التي تحسن بشكل مباشر أوضاع المعيشة للطبقات الفقيرة والمتضررة. فيمكن للمنظمات المصرية غير الحكومية ومجموعات المساعدة الذاتية والكنائس المحلية والجمعيات المسجلة التي تطلب دعماً مالياً أن تتقدم بطلبها مباشرة للسفارة وألا تزيد قيمة الدعم للطلب الواحد عن 8000 يورو.

السفارة الألمانية في القاهرة

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here