النائبة سهام مصطفى لـ”أفريقيا برس”: التعاون بين مصر وتركيا يمكن أن يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة

8
كيف تقيّمون التحولات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية، وكيف يمكن أن تؤثر على الأزمة الليبية؟
كيف تقيّمون التحولات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية، وكيف يمكن أن تؤثر على الأزمة الليبية؟

أفريقيا برس – مصر. أكدت النائبة في البرلمان المصري سهام مصطفى أن التحولات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية تشير إلى وجود مصالح مشتركة، خاصة في الملف الليبي. وقالت في حوار مع “أفريقيا برس”، إن تركيا تسعى لإنهاء العداء مع مصر وتعاونها في مجالات تعود بالنفع على الطرفين. وأضافت أن التعاون سيعزز من الاستقرار في ليبيا، شرط أن تكون النية صادقة من الجانب التركي. وشددت النائبة على أن مصر تمتلك خبرة في إعادة الإعمار، مما يجعلها شريكًا مهمًا. وأوضحت أن التحديات الكبرى تتمثل في التاريخ المتوتر، ولكن التعاون بين الدولتين يمكن أن يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وكان موقع راديو فرنسا الدولي قد رجح أن يكون للتقارب الأخير بين مصر وتركيا دور كبير في خلق مسار لتخفيف التوترات في ليبيا بين الفصائل المتنافسة.

وأشار الموقع الفرنسي إلى أن ليبيا كانت سابقًا نقطة تنافس بين تركيا ومصر، حيث تدعم القاهرة الإدارة الليبية في الشرق ببنغازي بقيادة خليفة حفتر، بينما تدعم أنقرة حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس غرب البلاد.

وللمزيد من التفاصيل، تتحدث النائبة سهام مصطفى إلى “أفريقيا برس” في الحوار الصحفي التالي.

كيف تقيّمون التحولات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية، وكيف يمكن أن تؤثر على الأزمة الليبية؟

بالنسبة للتحولات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية، فإن أي بلد يسعى لتقارب أو علاقات دبلوماسية مع دولة أخرى يهدف في الأساس إلى تحقيق مصالحه. السياسة والاقتصاد لا يعرفان لغة العواطف، فكل دولة تبحث عن مصلحتها الخاصة. في حالة تركيا، يبدو أنها وجدت أن مصلحتها تكمن في إنهاء العداء مع النظام المصري والتعاون معه في مجالات تشعر أنها تعود بالنفع عليها، ومنها الملف الليبي. إذا كان هذا التعاون صادقًا من جانب النظام التركي، وتقبل نقاط الخلاف ولديه استعداد لحلها، فإنه سيكون مثمرًا جدًا، خصوصًا في ما يتعلق بالملف الليبي.

ما هي المجالات التي يمكن أن يشملها التعاون بين مصر وتركيا لدعم استقرار ليبيا؟

كما ذكرت في النقطة الأولى، فإن غرض التقارب بين تركيا ومصر يتمحور حول المصالح الاقتصادية. أعتقد أن الاهتمام الأكبر لتركيا يكمن في ملف الغاز والبترول، حيث حاولت أن تلتف على الجانب المصري وعلى العالم من خلال عقد اتفاق منفرد مع الحكومة الليبية في الغرب. ورغم أن هذا الاتفاق غير معترف به، إلا أن تركيا أدركت أن عدم الاستقرار في ليبيا قد جمد علاقاتها، مما دفعها لمحاولة إعادة العلاقات مع مصر وتوضيح مصالحها هناك، ساعيةً للحصول على موطئ قدم في السوق الليبية.

من ناحية أخرى، فإن مصر تمتلك ميزة كبيرة في ملف إعادة الإعمار، نظرًا لخبرتها الطويلة ووجود عمالة كثيفة لديها كانت تعمل في ليبيا. كما أن لمصر تاريخًا حديثًا متميزًا في تطوير المدن الجديدة والبنية التحتية، بالإضافة إلى نجاح الرئيس السيسي في معالجة ملفات الكهرباء. لذا، تقدم مصر نموذجًا يحتذى به لليبيين في هذا المجال.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر مصر أقرب جغرافياً إلى ليبيا، مما يعزز فرص التعاون بين البلدين، خاصةً في ملف الغاز. أعتقد أن التعاون سيكون أكثر فعالية في هذا الجانب.

كيف تقيّمين التقارب الأخير بين الأطراف في ليبيا؟

أعتقد أن هذا التقارب جاء متأخراً، خاصة بعد تعميق الانقسام الليبي. في رأيي الشخصي، إذا اتفق الأطراف المعنية، فإن الكونفدرالية قد تكون الحل الأنسب. لكن من الصعب أن تعود ليبيا إلى الوحدة بعد تعمق الانقسام ووجود ثأر بين القبائل، بالإضافة إلى الاستعانة بأطراف أجنبية مثل عصابات تشاد ودول أخرى التي وظفت للقتال داخل البلاد.

إذا كانت النية التركية صادقة، وأدركت أن ليبيا القوية الموحدة الخالية من الميليشيات ستضمن مصالحها، أو على الأقل ستحميها، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي. لكن إذا لم تكن النية صادقة، فسيكون من الصعب تحقيق أي تقدم.

ما رأيكِ في أسباب تأخر التقارب بين مصر وتركيا وتأثير ذلك على الوضع الليبي؟

كما ذكرت، جاء التقارب متأخراً نتيجة سوء إدارة تركيا لملف العلاقات المصرية، حيث احتضنت جماعة الإخوان المسلمين ودعمتهم، ونصبت العداء للنظام المصري بعلانية، بطريقة تتعارض مع أعراف الدبلوماسية. هذا الموقف أثر أيضاً على الجانب الليبي، حيث دعمت تركيا النظام في الغرب بقيادة الدبيبة، مما ساهم في تعميق الانقسام بين شرق وغرب ليبيا.

حاولت تركيا تقوية الطرف الغربي بكل السبل، بما في ذلك تصدير مقاتلين من سوريا موالين لها، والذين انقلبوا على نظام بشار الأسد، حيث أرسلت الآلاف منهم للقتال إلى جانب قوات غرب ليبيا. كل هذه الأفعال عمقت الانقسام وأثارت مشاعر سلبية بين الأطراف.

حتى وإن حدث تقارب بين النظام المصري والحكومة التركية، فإن هذا سيظل محاطًا بتحديات كبيرة بسبب الثأر المتبادل. من الصعب استعادة العلاقات القوية دون تصالح مجتمعي حقيقي، وهو ما يتطلب وقتًا طويلاً وجهودًا لإعادة ترميم الملفات العالقة.

إذا كانت النية صادقة وتوقفت تركيا عن شحن ودعم الأطراف الخارجية، فإننا نأمل أن يحدث هذا على أرض الواقع وأن يكون هناك تأثير إيجابي للتقارب المصري التركي.

ما هي الأجندات الاقتصادية لمصر وتركيا في ليبيا، وكيف تؤثر على العلاقات بينهما؟

بالطبع، لكل من مصر وتركيا أجندة اقتصادية داخل ليبيا. تسعى مصر إلى تحقيق أهدافها في ملف إعادة الإعمار، حيث تُعد ليبيا بلدًا كبيرًا كانت تحتاج إلى التحديث الشامل للبنية التحتية منذ عهد القذافي. وقد أصبحت مصر نموذجًا يحتذى به في إفريقيا، بفضل إنجازاتها في تحديث البنية التحتية، خاصة في مجالي الكهرباء والطرق، والتي قادها الرئيس السيسي.

تتمتع مصر بميزة كونها دولة جارة ومصدرة للعمالة، ولها تاريخ طويل من الأعمال والإنشاءات في ليبيا. علاوة على ذلك، يساهم الجوار الثقافي في تعزيز العلاقات، حيث يعيش العديد من الليبيين في مصر ولديهم منازل هناك، مما يمنح مصر رصيدًا كبيرًا في الجانب الليبي.

في المقابل، تعتبر تركيا دولة وافدة على الأزمة الليبية، ولم يكن لها جذور تاريخية مع الجانب الليبي. لكن بسبب طمعها في ملف الغاز والبترول، حاولت استقطاب الأطراف التي تحقق مصالحها وتؤيدها في موضوع الغاز، خاصة غاز البحر المتوسط.

إذا كانت النية التركية صادقة في تحقيق مصالحها، فيجب أن تدرك أنه لا يمكن تحقيق تلك المصالح بشكل كامل أو بسهولة إلا إذا كانت ليبيا قوية وموحدة، وهذا أيضًا هو هدف مصر في المقام الأول. لذا، إذا تعاونت تركيا مع مصر لتحقيق استقرار ليبيا وتوقفت عن دعم طرف ضد آخر، واتبعت سياسة الحياد في الأزمة، أعتقد أن ذلك سيؤثر بشكل كبير على تحقيق التقارب بين البلدين.

ما هو موقف مصر من الأزمة الليبية، وكيف يختلف عن موقف تركيا؟

موقف مصر واضح، حيث كانت تدعم الجيش الليبي في الشرق لأنها تؤمن بأهمية وجود جيش وطني وحيد في البلاد. وقد أثبتت الميليشيات أنها السبب في تدمير الدول، وهناك نماذج عديدة تؤكد ذلك. منذ اليوم الأول، كانت مصر تدعم الجيش الليبي كسلطة وطنية وحيدة تُعتبر نواة لبناء جيش ليبي كبير موحد يساعد على استقرار ليبيا. موقف مصر ثابت، فهي تدعم الاستقرار والجيش الوطني الموحد.

على الجانب الآخر، اختارت تركيا الوقوف مع الطرف الغربي، حيث دعمت الميليشيات في غرب ليبيا وأحضرت مقاتلين من دواعش سوريا، بالإضافة إلى مرتزقة من تشاد، مما أحدث فوضى عارمة وأدى إلى القتل والخطف.

إذا كانت تركيا صادقة في نواياها، وعزمت على وقف دعمها للحكومة في الغرب، وتوافقت مع مصر على أن الهدف هو الوصول إلى ليبيا موحدة تحت قيادة جيش وطني وقيادة موحدة، حتى لو كان ذلك في إطار فدرالي بين الشرق والغرب، فإن الأمور ستتغير كثيرًا.

كيف يمكن للتقارب بين مصر وتركيا أن يساعد في حل المشكلات الاقتصادية في ليبيا، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية والطاقة؟

إذا كانت النية صادقة، خصوصًا من جانب تركيا، فإن التقارب يمكن أن يحل العديد من المشاكل. تكمن مشكلة ليبيا الأساسية في عدم الاستقرار، وضرورة وجود نظام قوي وجيش وطني موحد، حيث أن ذلك هو ما يحمي الاقتصاد. فلا يمكن للاقتصاد أن يزدهر في ظل الفوضى أو الصراع على السلطة.

يجب وقف القتال والنزاع على السلطة، وبعد ذلك يمكن الانتقال إلى مرحلة البناء، التي تتضمن تحديث البنية التحتية وإنشاء الطرق والمطارات ومحطات الكهرباء ومرافق المياه. مصر يمكن أن تساهم بشكل كبير في هذه المشاريع، حيث لديها إرث وخبرة كبيرة في مجالات إعادة البناء.

كما ستستفيد ليبيا من دعم الطاقة وبناء المحطات، في حين يمكن لتركيا أن تستفيد أيضًا من هذا التعاون. يمكن للبلدين الدخول في شراكة اقتصادية تعود بالفائدة على الشعب الليبي وعلى حكومتي مصر وتركيا. ومع ذلك، يبقى الاستقرار شرطًا أساسيًا لتحقيق هذه الأهداف.

هل هناك مخاوف من أن يُستخدم التقارب المصري التركي كورقة ضغط من قبل الدولتين تجاه الطرف الآخر في ليبيا؟

أستبعد ذلك، لأن الرئيس السيسي، بفضل السياسة الحكيمة التي يتبناها، لا يقبل أن تكون مصر طرفًا ضعيفًا. هو يرى أن مصر دولة تبحث عن مصالحها، ولكنها لا تقبل أن تُفرض عليها أي شروط.

على سبيل المثال، في الملفات الإقليمية مثل الملف اليمني، وملف غزة، وملف سوريا، وكذلك في الملف الليبي، تتعامل مصر بنزاهة. مصر تسعى لتحقيق مصالحها، لكنها ترفض أي ضغوط خارجية. من المهم أن تسعى كل دولة لتحقيق مصالحها في إطار كونها طرفًا فاعلًا وقويًا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here