سد النهضة بين أزمة قائمة ومستقبل مجهول

19
سد النهضة بين أزمة قائمة ومستقبل مجهول
سد النهضة بين أزمة قائمة ومستقبل مجهول

بقلم: سحر جمال

افريقيا برسمصر. لا يمر يوما علي مصر الا ويزداد فيه القلق بالشارعين السياسي والشعبي حول قضية سد النهضة التي تمثل التهديد الاكبر امام الجميع فشربة المياه الان في مصر اصبحت مهددة بالخطر قي ظل خطوات احادية اتخذتها اثيوبيا من خلال المضي في خطواتها لملء وتشغيل السد دون اتفاق ثلاثي يشمل اديس ابابا والقاهرة والخرطوم بل اتجهت اثيوبيا لتنفيذ خطتها التنموية دون النظر لمصير دول المصب ليصبح الحلم الاثيوبي كابوسا يقلق مصر والسودان فبعد توقف جولة المباحثات التى تمت فى الأسبوع الأول من يناير بدأتا مصر والسودان بوضع النقاط على الحروف وأعلنتا عدم استعدادهما الاستمرار في مفاوضات عبثية استمرت عشر سنوات في ظل استمرار اثيوبيا باستنزاف الوقت.

توافق مصري سوداني

وضعتا القاهرة والخرطوم خطة للتوافق ضد الموقف الاثيوبي في ظل تعثر المحادثات التي تحدث تحت رعاية الاتحاد الافريقي فمنذ فترة جاءت اللقاءات المصرية السودانية من خلال الزيارات المتبادلة بين الجانبين لمناقشة العديد من القضايا المشتركة والتي كان على رأسها أزمة سد النهضة ليكون هدف التعاون بين الجانبين هو اتخاذ موقف موحد لحماية حقوقهما المائية في ظل خطر القرارات الاحادية من الجانب الاثيوبي كما كان للغياب السوداني عن الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية والمياه بالدول الثلاث لبحث نقاط الوفاق والاختلاف تاييدا كبيرا من الجانب المصري الذي اتجه لضرورة توحيد الموقف مع الجانب السوداني بعد التاكد من عدم نية اثيوبيا التوقيع علي اتفاق ملزم حول قضية سد النهضة.

وفي وقت سابق طالب السودان بضرورة التوصل لاتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة يحفظ ويراعي مصالح القاهرة والخرطوم وأديس أبابا.

بينما يري البعض ان العلاقات بين مصر والسودان تشهد تقارباً يمكن وصفه بالتضامن من الناحية العسكرية في مقابل عدم تنسيق يصل حد التناقض في المواقف بشأن مفاوضات سد النهضة إذ شهدت الأسابيع الماضية تصعيداً على المستوى السياسي والعسكري وصل إلى حافة الحرب الفعلية بين السودان وإثيوبيا بسبب التوترات الحدودية بين البلدين وبالتزامن بدأ يتبلور بشكل واضح تقارب سوداني مصري انعكس في أحاديث من مسؤولين في البلدين العربيين عن أن العلاقات بينهما أزلية وأن الجارتين تسعيان لمزيد من التعاون.

مخاوف مصرية

اكدت كافة التصريحات الرسمية في مصر رفض تشغيل سد النهضة بفرض الأمر الواقع فمصر ليس لديها مصدر آخر للمياه سوى نهر النيل ف 95% من مساحة مصر صحراء وأي إضرار بالمياه سيكون له تأثير مدمر على مصر ويري الخبراء ان تأثير سد النهضة على حصة مصر في مياه نهر النيل أمر مؤكد وسيخفض من حصة مصر البالغة حاليا 55 مليار متر مكعب سنويا من المياه فيتوقع كثيرون ان مقدار النقص سيتراوح ما بين 5 إلى 15 مليار متر مكعب حسب كمية التبخر والتسرب والفيضان والتدفق السنوي من مياه الأمطار التي تتدفق على النيل الأزرق وتحديد تأثير السد من عدمه في ذلك فإذا كانت الكمية كبيرة فستحصل إثيوبيا على حاجتها من المياه اللازمة لها وللسد وستحصل مصر أيضا على حصتها دون نقصان وكذلك السودان لكن المشكلة الأساسية التي تعتبر نقطة الخلاف الرئيسية تنصب في حالة ما إذا كانت المياه المتدفقة على النيل الأزرق قليلة وغير كافية في أي عام من الأعوام.

ويكشف محمود أبو زيد وزير الموارد المائية الأسبق في مصر ورئيس المجلس العربي للمياه أن التخوفات التي يخشاها الجانب المصري منطقية وعلمية وفنية فالتنبؤ بكمية المياه المتدفقة على النيل الأزرق سيكون صعبا والدراسات تؤكد أن نسبة أخرى من المياه يتم فقدها في التبخر والتسرب ومن ثم كل هذا سيؤدي لتأثر مصر وتقليل حصتها خاصة أنها ليس لها مصدر آخر للمياه سوى مياه النيل

وأضاف أن كل هذه المفاوضات مازالت تجري حول قواعد الملء للسد وستنتهي بمجرد امتلائه لكن ستكون هناك مفاوضات أخرى حول قواعد التشغيل التي ستكون مدى الحياه وهذه ستحتاج لجولات تفاوضية أخرى واجتماعات مطولة لأن بنودها طويلة الأجل وستلتزم بها الحكومات القادمة والمتعاقبة لذلك يجب أن يكون هناك اتفاق وتوافق حولها.

وعن الخيارات المُتاحة أمام مصر للتعامل مع سد النهضة قال الوزير المصري الأسبق إنه لابد من استمرار المفاوضات عن طريق اللجنة الثلاثية والوزراء من كلتا الجهتين ثم اللجوء للوساطات المتعددة لحل الخلافات يعقبها اللجوء لهيئات ومنظمات دولية محايدة مثل البنك الدولي والمؤسسات الدولية والاستعانة ببعض الخبراء الدوليين في هذا المضمار وإذا استمر الخلاف يتم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة مؤكدا أن الاتفاق الإطاري الموقع في مارس/آذار من العام 2015 بين الدول الثلاث ملزم قانونا لها.

وأضاف محمود أبو زيد أن هناك الكثير من الحلول التي يجب أن تتبعها مصر لمواجهة نقص المياه بسبب السد أهمها تنفيذ عملية ترشيد استهلاك المياه واستخدام أدوات الترشيد في المنازل والمساجد والمدارس فضلا عن استخدام طرق الري الحديثة ومشاركة مستخدمي المياه مشيرا إلى ضرورة التوسع في استخدام المياه الجوفية والاعتماد على تحلية المياه عالية الملوحة ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والتوسع في استخدام المياه غير التقليدية وشدد الوزير الأسبق على ضرورة دعم شبكات الرصد والقياس والأخذ بمبدأ استعادة التكاليف.

جهود حكومية لايجاد بدائل

جاءت تصريحات وزير الري المصري محمد عبد العاطي لتؤكد ان الوزارة تعمل على البحث عن موارد مائية بديلة وتطوير أساليب الري وزيادة الوعي لمواجهة العجز في المياه. واضاف عبد العاطي أن موارد المياه الجديدة تشمل المياه وتحلية مياه البحار وإعادة استخدام المياه مشيرا إلى أن مصر ستصبح أعلى دولة في إعادة استخدام المياه خلال عامين. وأوضح أن التقييم يتعلق بالدول التي لديها ندرة مائية متابعا ان أعلى دولة إسرائيل ومصر رقم 2 كنسبة لكن ككمية مصر الأعلى وبعد عامين سنصبح الأعلى كمية ونسبة.

بنية السد

سد النهضة بين أزمة قائمة ومستقبل مجهول

فيما يخص الشق الأول المتعلق ببنية السد وتصميمه فقد أشار تقرير سابق (غير منشور بشكل رسمي) للجنة الثلاثية التي شُكلت من خبراء مصريين وسودانيين وإثويبيين ودوليين لدراسة آثار السد إلى أن معايير التصميم المبدئي لم توضح سوى الطبيعة العامة للسدّ من دون ذكر تفاصيل حول مدى ملاءمة جسم السدّ مع ظروف المنطقة المشيّد عليها.

وبحسب التقرير نفسه فالتصميمات الإنشائية لأساسات سد النهضة لا تأخذ في الاعتبار انتشار الفواصل والتشققات الكثيفة المتواجدة في الطبقة الصخرية أسفل السد بما يهدد بانزالق السد وانهياره وحذرت الدراسة من تراكم الطمي داخل بحيرة سد النهضة نتيجة لعدم وجود فتحات كافية عند القاع لتمرير المواد الرسوبية وهو ما يزيد من احتمالات انهياره.

وسيؤدي انهيار السد إلى آثار تدميرية وخيمة على كل من مصر والسودان إذ يمكن لكمية المياه المندفعة من السد (74 مليار متر مكعب) أن تصل إلى القاهرة وتغرقها في خلال ثلاثة أيام بعد أن يغرق إثيوبيا والسودان ومناطق واسعة من مصر.

التوقعات حول الازمة تختلف باختلاف الناظر اليها لكنها تتفق جميعها ان النتائج ستكون صعبة علي مصر والسودان خاصة بالنواحي الاقتصادية والقطاعات التي تشكل العمود الفقري للحياة ففي مصر تقوم الحياة بشكل اساسي علي القطاع الزراعي وتاثر هذا القطاع سينعكس بشكل مباشر على باقي القطاعات والحياة كلها في البلاد ليبقي المشهد كما هو ويبقي القلق هوالمسيطر على الاوضاع.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here