كيف سيؤثر تعويم الجنيه على السوق المصري؟

8
كيف سيؤثر تعويم الجنيه على السوق المصري؟
كيف سيؤثر تعويم الجنيه على السوق المصري؟

أفريقيا برس – مصر. يتوقع محللون أن قيمة الجنيه المصري أمام الدولار ستصل إلى ما يقارب 25 جنيها، وذلك بعدما يتم الإعلام الرسمي عن التعويم الثاني للجنيه خلال الفترة التي ستعقب إعلان الاتفاق الجديد بين القاهرة وصندوق النقد الدولي، لتطرح العديد من التساؤلات حول الخطوات التي ستتبعها الحكومة المصرية لحماية المواطن من آثار التعويم خاصة في ظل الأزمات التي يشهدها العالم. وحول هذا الموضوع يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل الإقتصادي عبد النبي عبد المطلب في الحوار الصحفي التالي:

حضرتك صرحت بأن قيمة الجنيه المصري أمام الدولار ستصل إلى ما يقارب 25 جنيها، على ماذا اعتمدت وكيف سيؤثر ذلك على الوضع الاقتصادي في مصر؟

د. عبد النبي عبد المطلب، كاتب صحفي ومحلل إقتصادي

إرتفاع سعر الدولار سلاح ذو حدين، فالبعض يرى أن ارتفاع سعر الدولار سوف يجعل البضائع المستوردة مرتفعة الثمن، وبالتالي لن يقبل عليها المستهلك المصري، لكن المشكلة أن جزء كبير جدا من المصريين يتأثرون بارتفاع سعر الدولار نتيجة ارتفاع الأسعار حتى على السلع المنتجة محليا والغير مستوردة، صحيح بعض السلع التي يتم تداولها في السوق المصري هي سلع يدخل بها مكونات مستوردة ولذلك ترتفع قيمتها وبالتالي ترتفع تكاليف إنتاج السلعة التي يدخل في إنتاجها أغلب المكونات مصرية، لكن حتى السلع خالصة الصنع بمكونات مصرية أيضا ترتفع، لأن مستوى الأسعار عندما يرتفع تبدأ حتى أسعار الخدمات في الارتفاع، ومن هنا فإن ارتفاع سعر الصرف بتخفيض قيمة الجنيه وارتفاع قيمة الدولار سوف يؤثر سلبا على الغالبية العظمى من المواطنين المصريين.

ذكرتم أن قيمة الديون الخارجية التي ينبغي على مصر تسديدها قبل نهاية 30 يونيو 2023، تصل إلى نحو 35 مليار دولار فهل ستتمكن مصر من تحقيق ذلك في ذلك الأوضاع الراهنة؟

رقم 35 مليار دولار هو الرقم المنشور في الموازنة العامة للدولة، والذي يمثل التزام مصر من فوائد وأقساط للديون الخارجية خلال الفترة من 1 أغسطس 2022 وحتى 30 يوليو 2023، صحيح هناك بعض المؤشرات التي تقول إن مصر تعاني من وجود مشاكل في تدبير النقد الأجنبي، وأن الاحتياطي النقدي يتراجع إلى ما يقرب من 31 مليار دولار، لكن في اعتقادي أن 31 مليار دولار حتى الآن يمثلون أكثر من 5 أشهر واردات، والحد المطلوب أن يغطي الاحتياطي 3 أشهر واردات، أي أن مصر لديها ما يقرب من 10 إلى 12 مليار دولار زيادة عن الحد الأدنى المقرر دوليا للاحتياطي، كما أن هناك مؤشرات تقول إن دخل مصر من النقد الأجنبي يزيد، سواء من تحويلات المصريين العاملين في الخارج أو حتى كما شاهدنا إرتفاع أرقام الصادرات، وهناك أيضا مؤشرات حول إرتفاع عوائد السياحة، وحول مرور مصر بأزمة أم لا، فهذا سيتوقف على قدراتها على سداد إلتزامتها في المواعيد المقررة، وحتى الآن لم يظهر في الأفق ما يدل على أن مصر لن تسدد أو تعاني في تسديد إلتزامتها في المواعيد المقررة، ويبقى إجابة هذا السؤال لكي تكون إجابة حقيقية وعلمية فأعتقد أن ذلك لن يتضح إلا بعد الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، وقتها سيكون هناك مجموعة من المؤشرات الجديدة، وقتها سنعرف إذا كان سيحدث تعويم للجنيه وهل سيكون تعويم مضاد، فعندما تظهر بعض الأحداث بشكل رسمي وقتها يمكن أن نبني توقعات على مستقبل الإقتصاد المصري خلال العام الحالي والعام المالي القادم، أما قبل ذلك فهي مجرد تكهنات وآراء، ولكنها لا تستند على معلومات حقيقية مؤكدة.

هناك ما يزيد على ال 20 مليار دولار من الأموال الساخنة خرجت من مصر خلال أشهر قليلة فكيف يؤثر ذلك على الوضع الاقتصادي؟

عندما تكون تدفقات الأموال الخارجة أكثر من تدفقات الأموال الداخلة فبالتأكيد هنا يعاني ميزان المدفوعات من خلل، وهذا يسبب مشاكل للإقتصاد الذي خرجت منه هذه الأموال، خروج ما يقرب من 20 مليار دولار في فترة وجيزة من الأموال الساخنة بالتأكيد سبب ربكة في السوق المصري، وكلنا تابعنا أنه بمجرد خروجها بدأت هناك إجراءات لتقييد وترشيد ووضع عقبات أمام الاستيراد، هذه القرارات أدت إلى ما يعاني منه السوق حاليا، من توقف بعض الصناعات التي كانت تعتمد على مستلزمات إنتاج مستوردة، أيضا توقف بعض التجار الذين كانوا يستوردون بعض السلع المستوردة، خروج هذه الأموال أدى إلى وجود خلل في السوق المصري، وبالتالي أدى إلى إرتفاع الأسعار، وخروج بعض التجار الصغار وتوقف عمل بعض المستوردين الصغار وإغلاق بعض المصانع الصغيرة نتيجة لعدم توافر قطع الغيار أو مستلزمات الإنتاج.

إلى أي مدى إقترب موعد التعويم الثاني للجنيه المصري ولماذا أصبح التعويم أمر ضروري؟

قرار التعويم في إعتقادي هو مرتبط بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والمدى الزمني لهذا الإتفاق مرتبط بما يحدث في المفاوضات هل هناك عراقيل أو تيسيرات، ولذلك أعتقد أن القرار هو قرار بيد صاحب القرار، ولا أعتقد أن هناك من يستطيع أن يجزم بأن هناك موعد محدد، لكن قل ما نستطيع أن نقوله أن الإتفاق مع صندوق النقد الدولي يجب أن يتم بموافقة مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي، وهذا المجلس من المخطط أن يجتمع في ديسمبر 2022، ومن هنا فيجب على الأقل أن يكون هناك إتفاق مبدئي ما بين مصر وإدارة الصندوق، على الأقل قبل 60 يوم من حلول ديسمبر 2022، ومن هنا أنا أعتقد أن الفترة المحتملة هي خلال شهر سبتمبر 2022.

كم ستبلغ قيمة الجنيه المصري بعد التعويم الثاني وفق تقديركم؟

توقع قيمة الجنيه في ظل التعويم لا أعتقد أنه أمرا سهلا ، فسوف يكون هناك سعر جديد في كل يوم، فالتعويم معناه أن يترك تحديد السعر لقوى العرض و الطلب، ومن هنا إذا كان الطلب على الدولار من أجل تمويل الإستيراد سوف يكون كبير، فبالتأكيد سوف يرتفع سعر الدولار والعكس صحيح، لكن ما نراه حاليا أن المستورد يقيم السلع حاليا على أساس 22 جنيه لكل دولار، وأنا أعتقد أنه لو فشلت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا قدر الله أو هناك مشاكل أخرى في مسألة الاستيراد، فالمسألة قد تزيد عن ذلك كثيرا، لكن أنا أحاول أن أضع تخيلا لما قد يصل إليه سعر الصرف، وهو قد يترواح ما بين 22 إلى 25 جنيه لكل دولار، وأتمنى من الله ألا يزيد عن هذا الحد.

ماهي توقعاتك لتأثير و تراجع سعر الجنيه على القدرة الشرائية و المعيشية للمواطنين؟

تراجع القوى الشرائية للجنيه يحرم المواطن المصري من الحصول على جزء كبير من الإحتياجات التي تعود أن يحصل عليها قبل إنخفاض قيمة الجنيه، على الجانب الآخر عندما تنخفض قيمة الجنيه هذا يؤدي إلى تنافسية السلع المصرية في الأسواق الخارجية، ويجعل الإقبال على السلع المصرية في الخارج أكبر، وهذا يساعد جهاز الإنتاج المصري على زيادة الإنتاج سواء من أجل التصدير أو حتى من أجل إنتاج سلع تغني عن البديل المستورد، لكن في النهاية سيعاني المواطن المصري وخاصة محدودي الدخل، لأن إرتفاع الأسعار يؤدي إلى زيادة ما يخصصه المواطن من دخله من طعام وشراب والاحتياجات الأساسية، وهذا يؤثر بشكل كبير جدا على باقي الإحتياجات، خاصة وأن المواطن يشعر بإرتفاع بشكل كبير في السلع الأساسية والغذائية ة الدوائية والمواصلات، ومن هنا إذا حدث تراجع أخر في القوى الشرائية للمواطن المصري فمن المؤكد أن حجم المعاناة سوف يزيد.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here