النائب مصطفى بكري لـ”أفريقيا برس”: تحقيق التوافق هو الحل لإنهاء الأزمة الليبية

32

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. يبدو أن الصراع الداخلي لليبيا والأوضاع الراهنة التي تشهدها البلاد صعّبت كثيرا الدور المصري لحل تلك الأزمة، إتجهت مصر وبكل قوتها لتجميع الفرقاء و توحيد الصف الليبي، وطالبت بكافة المحافل الدولية والاجتماعات الهامة بضرورة عدم التدخل في الشأن الليبي، وأكدت ضرورة إخراج المرتزقة والمليشيات الموجودة هناك، ومع وجود الصراع والاحتجاجات التي تشهدها ليبيا والسودان بات على مصر عاتق تأمين الحدود المشتركة تخوفا من تسلل الجماعات الإرهابية إليها. وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” النائب في البرلمان المصري مصطفى بكري في الحوار الصحفي التالي:

مصطفى بكري - عضو مجلس النواب المصري
مصطفى بكري – عضو مجلس النواب المصري

يرى البعض أن هناك حالة ارتباك في الأوساط الدبلوماسية والأمنية المسؤولة عن إدارة الملفين السوداني والليبي ومن بينها مصر، فهل تتفق مع هذا الرأي؟
لا أظن أن مصر في حالة إرتباك، مصر لها موقفها الواضح من القضيتين الليبية والسودانية، مصر حددت موقفها من القضية الليبية على وجه التحديد في إعلان القاهرة قبل ذلك، والذي طالب صراحة بإبعاد المرتزقة وحل المليشيات ودعم الجيش الوطني، والسعي لإجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهذا الإعلان لقي ترحيبا كبيرا من كافة الأوساط المعنية في دول العالم، ولكن للأسف التطورات في ليبيا أدت إلى نتائج معاكسة، بسبب تدخل بعض الأطراف الخارجية التي رفضت سحب المرتزقة أو تفكيك المليشيات، كما أن جماعة الإخوان وبعض المليشيات الإرهابية داخل طرابلس ومصراتة على وجه التحديد مصممة على إفشال العملية السياسية ومصممة على إفشال إعلان القاهرة، رأينا في الفترة الماضية تطورات مهمة، من بينها حضور العديد من ممثلي القوى السياسية والتنفيذية في ليبيا إلى مصر، حيث تم إستضافتهم وتم التوافق بينهم في كثير من القضايا، من بينها ما يتعلق بالدستور الجديد المزمع تطبيقه على أرض ليبيا، وحققت مصر في ذلك نتائج مهمة لقيت ترحيبا من كافة الأطراف، وتمكنت مصر لأول مرة إجراء توافق حول لقاء مهم جرى بين رئيس المجلس الأعلى للدولة و بين رئيس مجلس النواب الليبي، وكذلك الحال ما تمخض قبل ذلك من إختيار فتحي باشاغا بأغلبية كبيرة داخل مجلس النواب كرئيس جديد للوزراء، ولكن البعض ما زال  مصمما على إفشال العملية السياسية، ومصمما على رفض قرارات مجلس النواب ومن بينها قرار إبعاد عبد الحميد الديببة، وتولي فتحي باشاغا بدلا منه، وهذا يؤكد أن الأطراف الدولية مازالت تعبث في الملف الليبي، وتتدخل تدخلا مباشرا، وعندما إنطلقت حركات الاحتجاج من طبرق إلى طرابلس إلى كافة المناطق الليبية كانت الرسالة تقول إن الشعب الليبي لم يعد يثق في الأجسام السياسية، ولذلك طالب بعزلها و إبعادها عن المشهد السياسي، مصر في هذه الحالة لا تستطيع أن تتدخل إلا أن تطالب كافة الفرقاء الليبين بضرورة اللقاء على مائدة واحدة، وتؤكد على ثوابتها فيما يتعلق بوحدة الأراضي الليبية ووحدة الشعب الليبي، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، غير ذلك مصر لا تستطيع أن تتدخل إلى جانب طرف ضد طرف آخر، ولكنها تسعى إلى التوافق والجهود ما زالت تبذل، ليس بالضرورة الإعلان عن الجهود المبذولة لإنهاء هذه التناقضات، ولكن مصر لم تترك الملف الليبي، كذلك الحال بالنسبة للسودان مصر معنية بالملف السوداني وعلى تواصل مع كافة الأطراف على الساحة السودانية، مصر أرسلت مؤخرا وفد شعبي على مستوى عالي برئاسة وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي حيث ذهب إلى الخرطوم، والتقى العديد من القيادات السياسية، وذهب إلى مناطق أخرى في السودان ليلتقي بكافة الأطراف بدءاً من رئيس مجلس السيادة وإنتهاء بالقوى السياسية والأطراف المؤثرة على الساحة السودانية، ولكن مصر تنئى بنفسها بأن تكون طرفا في أزمة للوقوف مع طرف ضد طرف، ولكنها تسعى لتجميع كل القوى السياسية للوصول إلى موقف واحد هدفه وحدة البلاد وانهاء المشاكل والإرتكاز على الخطط المستقبلية لإجراء الإنتخابات الرئاسية.

يرى محللون أن الرهانات المصرية  كانت خاطئة والأطراف التي راهنت مصر عليها، واستثمرت فيها طوال الفترة السابقة، لم تكن على قدر التوقعات فكيف ترى ذلك؟
الحقيقة أن الرهانات المصرية لم تكن خاطئة لأن مصر حددت مواقفها منذ البداية، بأنها مع الجميع وليست مع طرف ضد طرف، ومع الجميع الهادف إلى وحدة البلاد وإلى تحقيق الديمقراطية الحقيقية على أرض البلاد، لكن مصر ضد الإرهابيين وضد المليشيات الإرهابية وضد المرتزقة، عندما تقوم مصر بإجراء حوارات و اتصالات ويقوم رئيس جهاز المخابرات العامة ووزير الخارجية بزيارات متعددة إلى ليبيا والسودان، وأيضا الرئيس عبد الفتاح السيسي في اتصالاته بالأطراف المعنية، هذا يهدف إلى لملمة الشمل وليس الرهان على طرف ضد طرف آخر، مصر لم تراهن على طرف ولكنها راهنت على الجميع، وتسعى من أجل تحقيق المبادئ التي تخدم مصلحة الشعب السوداني ومصلحة الشعب الليبي.

صرحت مصر أن هناك شرعية قائمة في ليبيا ممثلة في مجلسي النواب والرئاسة، مؤكدة ضرورة احترام هذه الشرعية وتجاوز الخلافات والسير قدماً نحو الانتخابات فكيف يحدث ذلك في ظل الاحتجاجات الموجودة في ليبيا؟
لاشك أن تصريح مصر بأن هناك شرعية قائمة في ليبيا تتمثل في المجلس الرئاسي وتتمثل في مجلس النواب لا يتعارض إطلاقا مع الاحتجاجات الشعبية، الاحتجاجات الشعبية كان هدفها توفير لقمة العيش والحياة الكريمة للشعب الليبي، وضد الفساد والأجسام السياسية التي تتصارع على السلطة أكثر من كونها تتصارع لخدمة الناس، الحقيقة أن كلام مصر وموقفها يؤكد أن هناك مؤسستين مهمتين؛ مؤسسة تعبر عن الشعب الليبي وهي مجلس النواب، ومؤسسة تدير الملف بأكمله وهي المجلس الرئاسي الذي تم الإتفاق عليه في وقت لاحق، ولذلك أعتقد أن الموقف المصري لا يحمل أي نوع من التناقض ولا يحمل أي نوع من التعارض مع الاحتحاجات الشعبية التي تفهمها المجلس الرئاسي وتفهمها مجلس النواب.

يرى البعض أن القاهرة باتت ترى أن كل الأسماء المطروحة على الساحة جزء من الأزمة الليبية حاليا ولا يمكن الاعتماد عليها في حل الأزمة، فهل تتفق مع ذلك؟
لا أتفق مع هذا الطرح لأن مصر تنئى بنفسها عن التدخل في الشؤون الليبية وطرح أسماء أو إبعاد أسماء، الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد أكثر من مرة أن مستقبل الشعب الليبي والأوضاع الداخلية في ليبيا يقررها الشعب الليبي وحده، والشعب الليبي له برلمان، هذا البرلمان هو مجلس النواب، الذي انتخب مؤخرا فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الليبية وأبعد عبد الحميد الديببة، هذا هو الذي يمكن لمصر أن تحترمه، ولكن مصر لا تطرح أسماء أو تحمل أسماء مسؤولية تدهور الأوضاع لأن الكل يعرف موقف مصر، مصر لا تتدخل لكنها تدعو الجميع إلى ضرورة الإبتعاد عن الصراعات وأن يوحدوا جهودهم لإخراج ليبيا من الأزمة والتفكك الذي عاشته منذ أحداث 2011.

هناك مأزق آخر ناجم عن الوضع المتردي في ليبيا والسودان، يتعلق بالمثلث الحدودي، المشترك بين الدول الثلاث، والذي تعاني مصر من تحمل عملية تأمينه، خشية أي أنشطة لتنظيمات متطرفة، أو عصابات التهريب، في ظل إنشغال القوات من الجانبين الليبي والسوداني بالأوضاع الداخلية فكيف تتعامل مصر مع ذلك؟
قطعا مصر معنية بحماية حدودها وحماية أمنها القومي، الحدود الليبية مع مصر كبيرة تبلغ أكثر من 1000كم خاصة الحدود الغربية، وهذا أمر يملي على مصر خصوصا مع وجود تنظيمات إرهابية سبق لها التسلل من تلك المنطقة أن تقوم بإجراءات أمنية شديدة لحماية أمنها القومي، وهو ما يضع عليها أعباء كثيرة، وكذلك الحال بالنسبة للسودان أيضا، فمصر معنية بقضية الحدود مع السودان، فهناك عناصر من جماعة الإخوان وعناصر إرهابية تواجدت في فترة عمر البشير قبل ذلك، وبعض هذه العناصر ما زالت هاربة رغم ما قامت به الدولة والقيادة السودانية ممثلة في عبد الفتاح البرهان وآخرين من القيادة العسكرية والأمنية، في تسليم بعض المتهمين المتورطين في قضايا إرهاب، ولكن طبعا مصر تدرك تماما أن حماية أمنها القومي يتكلف الكثير، ولكنها لا تتردد في بذل المزيد من الجهد والعناء لحماية أمنها القومي على الحدود بين مصر وليبيا.

صرحت مصر بأن حل الأزمة يجب أن يكون نابعاً من الليبيين أنفسهم، مع التشديد على أن إجراء الانتخابات هو السبيل الوحيد لتسوية الوضع الحالي، بالتوازي مع إخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية لضمان تنفيذ أي تسوية سياسية فما رأيك في هذا التصريح؟
طبعا موقف مصر الثابت والمبدئي هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا أو لأي بلد أخر، ومصر أيضا أكدت أكثر من مرة في تصريحات متعددة صدرت على لسان القيادة السياسية والعديد من المسؤولين بأن مصر مع إجراء الإنتخابات، وأن إجراء الانتخابات التي يرضى بها الجميع هي السبيل الوحيد لإنهاء الأزمات والمشاكل المتعددة على الأراضي الليبية، وأيضا إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة هو الذي يمكن بالفعل أن يمكن السلطات من إجراء الانتخابات في مدن طرابلس و مصراتة وغيرها بحرية ونزاهة، لأن وجود هؤلاء المرتزقة والمليشيات من شأنه أن يعصف بأي سعي دؤوب لإجراء العملية السياسية والإنتخابات الرئاسية والبرلمانية، لذلك يجب أن يسبق طرد المرتزقة وتفكيك المليشيات إجراء الإنتخابات على أرض ليبيا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here