“معرض القاهرة للكتاب”: خطابيّة تُضرّ ولا تنفع

9
"معرض القاهرة للكتاب": خطابيّة تُضرّ ولا تنفع

أفريقيا برسمصر. على بعد أسبوعٍ تقريباً من بدء فعالياته، نظّمت وزارة الثقافة المصرية، اليوم الثلاثاء، مؤتمراً صحافياً للإعلان عن تفاصيل الدورة 52 من “معرض القاهرة الدولي للكتاب”، الذي يُقام في الفترة ما بين 30 حزيران/ يونيو الجاري و15 تموز/ يوليو المقبل، في “مركز مصر للمعارض الدولية” بالقاهرة الجديدة.

المؤتمر الذي تحدّثت فيه وزيرة الثقافة المصرية، إيناس عبد الدايم، ورئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، هيثم الحاج علي، أعطى صورةً عن عدد دور نشر المشارِكة (1218 داراً)، وعن البلدان التي ستأتي منها هذه الدور (24 بلداً، إضافة إلى مصر)، وهي في أغلبها بلدانٌ عربية، إلى جانب مشاركات دورٍ من صربيا وروسيا واليونان وبريطانيا وإسبانيا والولايات المتّحدة الأميركية.

وإضافة إلى العديد من الأخطاء اللغوية (“في دلالةٌ واضحة”، “هو أكبر تجمّعٌ”، إلخ)، جاءت كلمة وزيرة الثقافة المصرية محمّلةً بكثير من الإنشاء والتفخيم المبالَغ فيه، حيث وصفت المعرض في دورته الحالية بأنّه “أكبر تجمّع فعليّ للناشرين على مستوى العالَم”، وهي مبالغةٌ تأتي لترقى بالمعرَض فتُبخسه حقّه كواحدٍ من أبرز فعاليات الكتاب في مصر والعالم العربي، لكن ليس في العالم.

وتكفي مقارنة مُعطيات المعرض القاهري بآخر نسخة عُقدت من “معرض فرانكفورت للكتاب”، عام 2019 (جرى إلغاء نسخة 2020 وأُقيمت بعض فعالياتها فقط افتراضياً) للوقوف على مبالغة الوزيرة المصرية: فقد استضاف المعرض الألماني، خلال أربعة أيام من خريف ذلك العام، أكثر من 300 ألف زائر، وما زاد على 7 آلاف و450 داراً جاءت من 104 بلدان… ناهيك عن المقارنة مع معارض أُخرى تُقام في أوروبا والولايات المتحدة وبلدان آسيوية.

كما أشارت الوزيرة إلى أن المعرض ينوي إعطاء “صورة واضحة لقدرة مصر وقوّتها الناعمة”، معتبرةً إيّاه “واحداً من مؤشّرات دخول مصر عصراً جديداً من التحوّل للرقمنة والدولة الحديثة”. وفي هذا السياق، شهد المؤتمر الصحافي الإعلان عن منصّة إلكترونية خاصة بالمعرض، تُقدِّم معلوماتٍ عن فعالياته ودور النشر المشاركة وقوائم كتبها، كما يجري عبر هذه المنصّة حجز التذاكر ومتابعة فعاليات المعرض بشكل مباشر، أو القيام بزيارة أجنحته عبر تقنيةٍ ثلاثية الأبعاد.

على أنّ متصفّح المنصّة المذكورة (cairobookfair.gebo.gov.eg) لن يجد عليها، حتى الآن، إلّا معلوماتٍ حول 8 دور نشر من أصل 1218 داراً، في حين ليس ممكناً، بعد، الاطّلاع على برنامج الفعاليات، مع استحالة الضغط على قسم “فعاليات” الموجود أعلى الموقع.

وأعلنت الوزيرة المصرية إطلاق مبادرة “ثقافتك كتابك”، التي تقوم على تخصيص ركنٍ خاصّ من المعرض لا تتجاوز أسعار الكتب فيه 20 جنيهاً مصرياً للكتاب الواحد، في مسعىً لإتاحة القراءة أمام العدد الأكبر من الراغبين. ويتألّف القسم الأكبر من الأعمال المتاحة في هذا القسم من كتب تُشرف على طباعتها هيئات وزارة الثقافة المصرية.

في كلمته، نوّه رئيس “الهيئة المصرية العامة للكتاب”، هيثم الحاج علي، بأن المعرض لن يُفتتح فعلياً أمام الزوّار إلا في 11 تموز/ يوليو، وذلك عملاً بإجراءات الاحتراز والتوقّي من انتشار فيروس كورونا. أمّا 30 حزيران/ يونيو، فهو موعد إطلاق المعرض رسمياً. وهو تاريخٌ وصفه الحاج علي بأنّه “التاريخ العزيز علينا جميعاً”، في إشارة إلى بداية الثورة المضادّة في مصر عام 2013 وتهيئة الانقلاب الذي وصل من خلاله، بعد ثلاثة أيام، أي في الثالث من تموز/ يوليو 2013، عبد الفتاح السيسي إلى الحكم.

وإنْ ألقتْ هذه الخطابية السياسية ــ التي تنتمي إلى عالَم ما قبل الربيع العربي ــ بظلّها على المؤتمر الصحافي، فإنّ الخشية تبقى من أن تُلقي بظلالها أيضاً على فعاليات “معرض القاهرة الدولي للكتاب”، أو أن تقيّد مساره، وهو الذي يُعَدّ، بالنسبة إلى الناشرين العرب، واحداً من أبرز المواعيد السنوية التي يمكنهم من خلالها تقديم مطبوعاتهم إلى جمهورٍ واسع.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here