قناة السويس… الخطر يتجدد

6
قناة السويس... الخطر يتجدد
قناة السويس... الخطر يتجدد

مصطفى عبد السلام

أفريقيا برس – مصر. تجدد الحديث مرة أخرى عن التهديدات المستقبلية التي يمكن أن تواجه قناة السويس، أهم ممر ملاحي عالمي، وأحد أبرز موارد النقد الأجنبي لمصر، حيث وفرت للخزانة العامة نحو 7.8 مليارات دولار في عام 2022.

أحدث التهديدات هو تجدد الحديث عن مشروع تدشين خط أنابيب غاز شرق المتوسط “إيست ميد”، والذي يشهد تطورات قد تحرم القناة المصرية من مليارات الدولارات في حال تنفيذه في عام 2027 كما هو مخطط له.

ووفق المعلومات المتاحة، فقد بدأت شركة إديسون الإيطالية خطوات جدية لتنفيذ المشروع الذي يعمل على ربط حقول الغاز في إسرائيل وقبرص واليونان بشبكة الغاز الأوروبية مباشرة عبر إيطاليا، على أن يربط في البداية عدّة حقول غاز تقع قبالة سواحل إسرائيل بإيطاليا، بطاقة تبلغ 10 مليارات متر مكعب من الغاز في السنة.

المشروع، الذي ينظر إليه على أنه سيكون أطول أنبوب تحت الماء في العالم، لقي دعما وتأييدا من أطراف إقليمية ودولية، خاصة تلك التي تبحث عن بدائل لتلبية احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي بديلا عن الغاز الروسي.

من أبرز الداعمين للمشروع العملاق إسرائيل وقبرص واليونان، وبالفعل وقّع وزراء الطاقة في الدول الثلاث على الاتفاق النهائي لمشروع خط الأنابيب في يناير/كانون الثاني 2020.

كما أن إسرائيل متحمسة لتنفيذ المشروع الذي ترى أنه يعمل على تحقيق حلمها، وهو أن تصبح المركز الإقليمي للغاز المسال في منطقة شرق البحر المتوسط، والمصدر الرئيسي للوقود الأزرق من تلك المنطقة إلى أوروبا، وبذلك تدخل في منافسة مع كل من مصر وتركيا.

يدعم مشروع إنشاء خط غاز شرق المتوسط بقوة أيضا المفوضية الأوروبية التي أبدت استعدادها لتوفير تمويل جزئي للمشروع، الذي تُقدَّر كلفته بنحو 6.4 مليارات دولار.

كما أن خط “إيست ميد” مُدرَج أيضا في قائمة مشروعات الاتحاد الأوروبي ذات الاهتمام المشترك المنشورة عام 2021.

ويبدو أن هذا الدعم الواسع للأنبوب شجع شركتي إديسون الإيطالية وديبا اليونانية، على البدء في الترويج للمشروع وإعداد دراسات الجدوى المالية والفنية المتعلقة به، خاصة المرتبطة بالتكلفة وكيفية التغلب على المشاكل الفنية، ومحاولة إقناع الإدارة الأميركية بأهمية المشروع عالي المخاطر والتكلفة من وجهة نظرها.

التهديد الثاني الذي قد يواجه قناة السويس هو مشروع “طريق التنمية” الذي كشفت عنه حكومتا تركيا والعراق قبل أيام، وهو مشروع تجاري يربط دول الخليج بتركيا عبر العراق، ومن خلال تدشين طريق بري طوله ألف كيلومتر، وممر للنقل بالسكك الحديد يمتد من البصرة إلى حدود تركيا، على أن تنقل البضائع والسلع المحملة من الخليج لأوروبا من الموانئ التركية. هذا المشروع سينقل جزء من تجارة دول الخليج التي تمر حاليا من قناة السويس إلى أوروبا لكن هذه المرة عبر العراق وتركيا.

التهديد الثالث الذي يستهدف حركة الملاحة في قناة السويس هو تدشين طريق تجاري يربط الإمارات بتركيا عبر إيران. وقد افتتحت طهران الطريق الذي يتيح للدولة الخليجية اختصار زمن الرحلات الحالية ومسارها الذي يبدأ من ميناء الشارقة إلى مضيق باب المندب مرورا بقناة السويس ثم ينتهي في مرسين التركية.

ولا يعد هذا المشروع الأول من نوعه الذي يمثل تهديدا لقناة السويس؛ إذ سبق أن اتفقت الإمارات وإسرائيل على إقامة خط أنابيب يربط البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، لنقل النفط والغاز الخليجي إلى أوروبا، وهو مشروع تم تجميده مؤقتا في عام 2022 إثر احتجاجات بيئية في إسرائيل.

وقبل فترة، وقّعت الإمارات وروسيا اتفاقا لتطوير خط شحن حاويات عبر القطب الشمالي بتكلفة تتجاوز مليارات الدولارات، في مسار يصفه قادة روس بأنه بديل لقناة السويس، ويهدد خط سوميد المصري الذي يربط البحرين الأبيض والمتوسط ويتم من خلاله نقل جزء من النفط الخليجي لأوروبا.

وفي نهاية نوفمبر الماضي وقع وزراء خارجية تركيا وأذربيجان وكازاخستان وجورجيا، على خطة لتطوير طريق النقل الدولي عبر قزوين (الممر الأوسط). والمشروع الجديد هو البديل للممر الشمالي الرابط بين الصين وأوروبا، ويعبر من تركيا إلى منطقة القوقاز، ومنها يعبر بحر قزوين إلى تركمانستان وكازاخستان وصولاً إلى الصين. ويهدف المشروع إلى زيادة قدرة النقل عبر الممر إلى 10 ملايين طن سنويًا بحلول العام 2025.

ورغم تلك التهديدات والمسارات البديلة وغيرها، إلا أن قناة السويس ستظل أهم ممر ملاحي في العالم لسنوات طويلة، والمستحوذة على نحو 12% من حجم التجارة الدولية، ويمر عبرها 1.3 مليار طن بضائع سنويا.

ولا يوجد ممر دولي حالي أو محتمل ينافس قناة السويس خلال سنوات طويلة مقبلة، أو تمر عبره ولو نسبة صغيرة من هذه الكمية، كما أن تنفيذ المشروعات البديلة بحاجة إلى عشرات المليارات وسنوات طويلة، فخط أنابيب غاز شرق المتوسط من المتوقع إنجازه بحلول عام 2027 في حال توفير التمويل، والتغلب على الصعوبات اللوجستية والتقنية والبيئية الكثيرة.

المرور في قناة السويس يظل هو الأرخص بين المسارات العالمية، حيث إن تكاليف الشحن والتفريغ والوقت للتجارة في الطرق الجديدة والمسارات البديلة أعلى كثيرا من عبور التجارة ذاتها في الممر البحري المصري الذي تعمل السلطات المصرية على تطويره لمواجهة التحديات المقبلة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here