أفريقيا برس – مصر. قال مصدر مسؤول بوزارة البترول المصرية إن جهات أوروبية وأميركية تدخلت لدفع الشركات الإسرائيلية الموردة للغاز الطبيعي للشبكة المصرية، لتنفيذ اتفاقية زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى مصر، المتفق عليها في 7 أغسطس/ آب 2025، والمعدِلة لاتفاقية توريد الغاز الموقعة عام 2019، قبيل نهاية الأسبوع الجاري.
وهدفت التدخلات الغربية المدعومة من واشنطن إلى تأمين تشغيل محطات إعادة تسييل الغاز الطبيعي الوارد من إسرائيل، بمصنعي أدكو ودمياط شمال مصر، بما يوفر ما بين شحنتين إلى أربع شحنات من الغاز المسال شهريا، تصدر إلى السوق الأوروبية، خلال فصل الشتاء، لضمان تأمين الطاقة لأوروبا، بعد وقف واردات الغاز من السوق الروسية تماما.
وأكد المصدر أنه رغم أن صفقة الغاز الكبرى بين إسرائيل ومصر، وقيمتها نحو 35 مليار دولار، تواجه أزمات متعدّدة منذ اتخاذ مصر موقفاً حاسماً ضد ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزّة، ودعم مشروع إعادة الأعمار المدعوم عربيا، وضغوط من اليمين المتطرف الحاكم في تل أبيب بزعامة رئيس وزراء الاحتلال بينامين نتانياهو، التي أخرت توسعة خطوط الربط بين شبكتي الغاز في مصر وحقول دولة الاحتلال، فإن تدفقات الغاز ما زالت عند حدودها المتفق عليها، والمعدلة عام 2024 بما يترواح ما بين 850 مليون إلى مليار قدم مكعب يوميا.
أوضحت المصادر أن عدم التزام الشركة الاسرائيلية الموردة للغاز برفع معدل الانتاج إلى نحو 1.3 مليار قدم مكعب وفقا للاتفاق الموقع في أغسطس/ آب الماضي، بعد مرور ثلاثة أشهر، من إبرام العقد المستحدث، ليصل إلى 1.6 مليار قدم مكعب يوميا مطلع الصيف المقبل، دفع وزارة البترول إلى إعادة النظر في بدائلها، من الغاز المسال وزيادة وارداتها من المنتجات البترولية، ورفع أسعار الغاز للمصانع والمستهلكين كجزء من معادلة إعادة التمويل لصفقات الغاز من السوق الفورية.
قال نائب الشركة المصرية للغاز الطبيعي السابق “إيجاس” وخبير البترول الدولي سمير القرعيش إن التصريحات التي أطلقتها أطراف اسرائيلية، بمنع تنفيذ عقد توريد الغاز إلى الشبكة المصرية مجرّد كلام مقصود به إزعاج مصر على مواقفها السياسية، مؤكدا أنه “لا يوجد عقد يستطيع من أبرمه أن يتراجع عنه، مثلما لا يستطيع المشتري أن يتخارج منه ولو كان قادرا على توفير بدائل بسعر أفضل”.
وأضاف: “عندي قناعة بأن القائمين على صناعة الغاز في مصر في منتهي الحرص عند ابرام العقود مع أي شركة أجنبية أو دولة، سواء من إسرائيل أو غيرها، بأن يكتبوا عقوداً تضمن أمن الطاقة للدولة، وبما لديهم من توقعات تؤخذ في الاعتبار برغبة مصدر الطاقة في استمرار التوريد من عدمه، طوال فترة العقد”.
وشرح خبير البترول أن الغاز الطبيعي أحد مكونات خليط الطاقة الذي توفره وزارة البترول من مصادر متعدّدة، والذي يجري جدولته بانتظام لمعرفة الاحتياطي المحلي والكميات التي نحتاج استيرادها، خلال فترات زمنية متوسطة وطويلة الأجل، لتأمين احتياطي تشغيل يكفي كل التزامات الدولة والتي تقدر عادة ما بين شهر إلى شهرين.
ودعا الحكومة إلى مراجعة اتفاق زيادة وارادات مصر من إسرائيل، والتي تظهر صعوبة في العودة عن الاتفاق الموقع بين الطرفين، مؤكداً أن مصر تستطيع، في كل الحالات، أن تواجه المشكلة بشراء الغاز من دول أخرى، سواء عبر شبكات توزيع لنقل الغاز الطبيعي من الدول المجاورة كقبرص واستيراد الغاز المسال وإن جاء بتكلفة أعلى من الغاز الاسرائيلي.
وأعلنت تل أبيب في 7 أغسطس/ آب 2025 عن توقيع شركة ميد انريجي NewMed Energy الإسرائيلية وشركاء حقل Leviathan gas field البحري التي تساهم بها مجموعة شيفرون الأميركية، عقد “يصنع رقماً قياسياً في تاريخ التصدير الإسرائيلي، يقضي بتوريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر في المتوسط يوميا وحتى عام 2040، مقابل نحو 35 مليار دولار، باعتباره عقدا مكملا لاتفاق سابق موقع منذ عام 2019، نصّ على توريد نحو 60 مليار متر مكعب على مدى العشر سنوات المقبلة.
قال نائب رئيس هيئة البترول السابق وخبير الطاقة مدحت يوسف إن التوريد الإسرائيلي من الغاز فعلياً إذا تأخّر فعلياً، فقد تواجه مصر تبعات مالية كبيرة، لتوفير بديل الاستيراد عبر شحنات LNG يُكلّف نحو 11-13 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية في السوق الفورية، أي أعلى كثيراً من التكلفة المتوقعة للغاز الإسرائيلي عبر الأنابيب، التي تبلغ 6.7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مبينا أن أي تعطّل طويل الأمد سيضغط على خطة مصر لتصبح مركزاً إقليمياً لتسييل الغاز، ويضعف موقفها التفاوضي في الطاقة وسعر الغاز الموجهة للمصانع والزراعة.
وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، جمّد موردو الغاز من تل أبيب الاتفاق، الذي يدخل حيز التنفيذ الاجباري يوم 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بسبب مطالب إسرائيلية بضمانات تتعلق بسعر الغاز للداخل الإسرائيلي وبوضع القاهرة الأمني في سيناء.
وذكرت صحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل” إن وزارة الطاقة الإسرائيلية رفضت التوقيع النهائي على الصفقة قبل “تأمين مصالح السوق المحلية الإسرائيلية”، الأمر الذي دفع وزارة الطاقة الأميركية إلى إلغاء زيارة كانت مقرّرة إلى إسرائيل خلال الاسبوع الجاري، مبدية قلق واشنطن من تراجع التزام إسرائيل بتوقيع الصفقة التي تشارك في استثماراتها شركات أميركية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس
            




