الجنيه المتدهور وراء غلاء الوقود

9
الجنيه المتدهور وراء غلاء الوقود
الجنيه المتدهور وراء غلاء الوقود

عادل صبري

أفريقيا برس – مصر. تحول شح الدولار وارتفاعه إلى كابوس يلاحق المصريين في مضاجعهم وشؤونهم اليومية، بعد أن أصبحت أسعار السلع الحيوية رهينة بصعوده المتواصل أمام الجنيه المتدهور.

دفع تصاعد الدولار الحكومة إلى رفع سعر البنزين والغاز والمازوت بقيم غير مسبوقة منذ أعوام، بمنتصف ليلة أول من أمس.

قالت اللجنة الوزارية لتسعير المنتجات البترولية، في بيان رسمي: إن تذبذب سعر صرف الجنيه مقابل الدولار مع تذبذب أسعار خام برنت دفع اللجنة إلى تعديل الأسعار الحالية لمنتجات البنزين والغاز والمازوت. قررت اللجنة رفع أسعار لتر البنزين فئة 80 أوكتان من 8 جنيهات إلى 8.75 جنيهات، وفئة 92 من 9.25، إلى 10.25 جنيهات، وفئة 95 من 10.75 إلى 11.50 جنيها (الدولار = 30.7 جنيها).

تعد الزيادة الجديدة السابعة على التوالي في أسعار البنزين، على مدار عامين، بلغت 28%. مهدت وزارة البترول لقرار زيادة أسعار البنزين، بتسريب تقارير صادرة عن الهيئة العامة للبترول، نشرت بالصحف 26 فبراير/ شباط الماضي، عن تزايد قيمة دعم الوقود خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2022/ 2023، بنسبة 288.2% لتصل إلى 66 مليار جنيه، مقابل 17 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي 2021/ 2022.

وتتوقع الوزارة ارتفاع فاتورة دعم الوقود من مارس/ آذار الجاري إلى نهاية يونيو/ حزيران المقبل لتصل إلى 22.4 مليار جنيه، مقابل 18.4 مليار جنيه نفس الفترة من العام الماضي.

تربط وزارة المالية سعر برميل النفط في الموازنة الحالية، عند 80 دولارا للبرميل مقابل 60 دولارا للعام المالي السابق، مع توقعها بأن يزيد العجز الكلي المستهدف بأكثر من مليار جنيه لكل زيادة تعادل دولارا للبرميل، وأن كل زيادة بمقدار 10 دولارات، تؤدي إلى ارتفاع نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي تتراوح ما بين 0.2% و0.3%.

تجري الحكومة حساباتها بمقارنة سعر لتر البنزين الذي يعادل 32 سنتا للفئة 92 الأكثر تداولا، بالأسعار السائدة بدول الخليج، لتظهر أن مصر تأتي بالمرتبة الأرخص سعرا من بين 10 دول عربية شملها مسح بحثي أجري خلال الفترة من 24 فبراير/ شباط 2022 إلى 24 فبراير 2023، دون الإشارة إلى الفرق الكبير، بقيمة الدخل واستقرار العملة.

يعتبر اقتصاديون سعر الوقود في مصر الأعلى من نوعه عالميا، وفقا لمعامل القدرة الشرائية للدخل. ويتوقع مراقبون أن تدفع زيادة أسعار الوقود إلى موجة جديدة للغلاء في أسعار السلع والمنتجات، تضيف أعباء جديدة على المواطنين والشركات في ظل تصاعد معدلات التضخم في أسعار المستهلكين بلغت 26.5% يناير/ كانون الثاني الماضي، و31.2% على السعر الأساسي للبنك المركزي، مع توقع تصاعد تلك المعدلات إلى أرقام غير مسبوقة، في نتائج فبراير الماضي التي ستعلن مطلع الأسبوع المقبل.

وأعرب خبراء عن مخاوفهم من تسبب ارتفاع معدلات التضخم الناتجة عن التراجع الممنهج من قبل الحكومة في قيمة الدولار، في مزيد من الركود بالنشاط الصناعي غير النفطي، واضطراب اجتماعي، في ظل عدم شعور المواطنين بالقدرة على تحمل أعباء المعيشة، وعدم تحريك المرتبات والأجور لتعوض بعض الآثار التضخمية التي تتزايد بحدة.

فقد الجنيه نحو 50% من قيمته خلال عام، وسط توقع لـ5 مؤسسات بنكية عالمية من حدوث تراجع جديد في قيمة الجنيه يصل إلى 10%، خلال الأيام المقبلة، ليستقر نهاية مارس/ آذار الجاري عند 35 جنيها مقابل الدولار، ليتراجع من جديد، إلى37 جنيها بنهاية العام.

وشهدت الأسواق أمس الخميس ارتفاعا في سعر الجنيه بالسوق الموازية، من 32.5 جنيها إلى 34 جنيها في المتوسط، ظهرت آثاره بوضوح في سوق الذهب، إذ ارتفع سعر الغرام عيار 21 الأكثر استخداما بنحو 80 جنيها دفعة واحدة، مساء الأربعاء حيث صعد من 1670 جنيها إلى 1750 جنيها.

لجأ تجار الذهب الرئيسيون إلى وقف إعلان أسعار الذهب وعدم التعامل عبر الهواتف مع المشترين والموزعين، خوفا من الملاحقة الأمنية التي تسعى إلى دعم رغبة الحكومة في السيطرة على سعر الدولار، ليستقر في حدوده المعلنة من البنوك الرسمية عند 30.6 جنيها مقابل الدولار، منذ 10 أيام.

أكد خبراء أن قرار رفع الوقود سيدفع أسعار السلع الأساسية بنسب تصل إلى 5%، مع تأثر مراحل التشغيل بالمصانع وحركة الأفراد بزيادة أسعار البنزين والغاز والمازوت، بينما يستبعد رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالإسكندرية حازم المنوفي أن تؤثر الزيادة في أسعار البنزين على المواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج بالمصانع. وقال إن وسائل نقل البضائع تعمل بالسولار، بما يضمن وصول السلع الغذائية اللازمة لشهر رمضان دون زيادة في التكلفة.

يتجاهل المنوفي الزيادة المتوقعة في تكاليف انتقالات الأفراد، وزيادة أسعار قطع غيار السيارات ومستلزمات الإنتاج مع التصاعد المستمر في سعر الدولار، وارتفاع قيمة الواردات السلعية من الخارج.

من جانبه، أكد الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية علاء عز في بيان صحافي استمرار أزمة تكدس السلع الغذائية والطبية ومستلزمات الإنتاج بالموانئ للبضائع المحتجزة العام الماضي، مع وصول بضائع جديدة تنتظر استكمال أوراقها للخروج من الموانئ إلى الأسواق، منها شحنات قمح. أشار أعضاء بالغرفة إلى توقف البنوك عن تدبير الدولار للموردين، ما أدى إلى تكدس البضائع بالموانئ، رغم إعلان الحكومة انتهاء تلك الظاهرة، بعد توفيرها نحو 14 مليار دولار لصالح الموردين.

فجرت زيادة أسعار الوقود موجة غضب واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت المواطنين إلى تتبع أسعار النفط التي تنخفض عالميا، وتندر بعضهم على خفض حكومة السودان لأسعار البنزين الأسبوع المقبل، لمراعاة انخفاض سعر البترول عالميا، بينما يرتفع محليا التزاما باتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي.

أصبح وسم أسعار البنزين الأعلى تداولا على وسائل التواصل الاجتماعي، ليشهد صرخات المصريين من الغلاء الفاحش، في وقت تعاني فيه الأسر من قدرتها على تدبير احتياجاتها من الطعام، خلال شهر رمضان المقبل.

بدأت المشاحنات بين المواطنين وسائقي سيارات الأجرة، التي تعمل بالبنزين والغاز، بينما وعدت الأجهزة المحلية في المحافظات بإعادة تسعير تعريفة الركوب وفقا لحركة الأسعار الحالية للوقود التي زادت بنحو 10% في المتوسط. واتفقت الحكومة مع صندوق النقد، نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على خفض الدعم المخصص للوقود والسلع الأساسية، وتحرير سعر الصرف، ضمن مجموعة من القيود فرضها الصندوق، للحد من العجز المزمن في الموازنة العامة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here