تأجيل بيع الخبز المدعم بالسعر الحر إلى حين سكون روح ثورة يناير

10
تأجيل بيع الخبز المدعم بالسعر الحر إلى حين سكون روح ثورة يناير
تأجيل بيع الخبز المدعم بالسعر الحر إلى حين سكون روح ثورة يناير

عادل صبري

أفريقيا برس – مصر. أجلت الحكومة المصرية إطلاق تجربة بيع الخبز المدعم لغير حاملي بطاقات الدعم التمويني، بعدما تعهد وزير التموين علي مصيلحي في تصريحات سابقة ببدء تنفيذ القرار الأربعاء الماضي، وذلك فيما أصبح 60 في المائة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر بقليل، “ويزدادون فقرا، في ظل نظام يخذل مواطنيه”، وفقا لتقرير نشرته “فايننشال تايمز” الأربعاء.

وحسب مراقبين، فإن وقف قرار بيع الخبز المدعم على بطاقات التموين بالسعر الحر مؤقت لحين سكون روح ثورة 25 يناير التي تحل ذكراها بعد أيام، فيما نفت مصادر شبه رسمية هذا الربط. وصدرت تعليمات لكبار المسؤولين في وزارة التموين والغرف التجارية بتأجيل التنفيذ أو مناقشة الأمر خلال الأيام المقبلة، فيما استدعت وسائل التواصل الاجتماعي مظاهرات المصريين في أحداث 17 و18 يناير/ كانون الثاني عام 1977 احتجاجا على رفع الحكومة أسعار الخبز، وواكبت الذكريات أحداث 25 يناير التي فجرت ثورة غضب شعارها “عيش حرية كرامة إنسانية”.

وقال مسؤولون في وزارة التموين: “هناك مشروع لبيع الخبز المدعم لغير حاملي البطاقة التموينية، ولكن لم نتلق أي تعليمات للعمل به أو الحديث عنه”.

وأكد عطية حماد، رئيس شعبة المخابز، عدم وصول أي معلومات عن المشروع للغرفة التجارية أو أصحاب المخابز، مضيفاً أن “الكل ينتظر التعليمات التي لم تصل بعد”.

وقال نائب وزير التموين إبراهيم عشماوي، في تصريح صحافي سابق، إن الوزارة ستجرب بيع الخبز البلدي لغير حاملي البطاقات التموينية، بسعر الكلفة الفعلية، عبر بطاقات ائتمان مسبقة الدفع من خلال المخابز التموينية. وأضاف أن الخبز سيتاح لحاملي البطاقات بسعر 5 قروش بوزن 90 غراماً، بحد أقصى 5 أرغفة للفرد يوميا، والثاني (السياحي) يباع بأسعار لن تتجاوز الجنيه الواحد، وبوزن أقل من المدعم.

يأتي تأجيل القرار في سياق ما أعلن عنه صندوق النقد الدولي، الذي كشف في تقريره الأخير عقب توقيع اتفاق لإقراض مصر 3 مليارات دولار، عن ضرورة التزام الحكومة بوقف الدعم العيني للسلع التموينية وتحويله إلى نقدي للفئات الفقيرة. ويشترط الصندوق تخفيض العجز السنوي في الموازنة العامة عبر تقليل مخصصات الدعم، التي ستوجه لنحو 5 ملايين أسرة وبمتوسط 50 مليون فرد، بدلاً من 62 مليوناً يحصلون على دعم للسلع التموينية.

ويتهم الصندوق الحكومة بعدم قدرتها على السيطرة على الفساد المصاحب لإدارة السلع التموينية وخاصة الخبز، ويشدد على ضرورة الانتهاء من أسلوب الصرف الحالي للخبز، وتحويل قيمة الدعم السلعي إلى دعم نقدي يوزع عبر بطاقات خاصة للأسرة المستحقة ضمن مشروع “تكافل وكرامة” وإدراج الأسر التي تأثرت بشدة من تراجع قيمة الجنيه، خلال العام الماضي، وارتفاع أسعار السلع في قوائم الدعم النقدي الذي سيمول من جهات دولية والموازنة العامة للدولة.

يعلم الصندوق صعوبة تنفيذ تعليماته، وفق مراقبين، متهما “أصحاب المصالح” بأنهم سيقفون في وجه التغيير الذي ينشده لإصلاح الاقتصاد، رغم تنبؤ خبرائه بأن تتسبب الأزمة المالية الطاحنة التي يمر بها المصريون في حدوث اضطرابات اجتماعية تؤثر على الاستقرار السياسي بالدولة.

وتمضي الحكومة في اتجاه تعليمات صندوق النقد، لتدفع شرائح واسعة من الطبقة المتوسطة للاعتماد على شراء الخبز غير المدعوم، بعدما خفضت أعداد المستفيدين من 73 مليون نسمة عام 2021 إلى 62 مليوناً عام 2022، وينتظر أن يقل تعدادهم عن 50 مليون نسمة عام 2023 وفقاً للاتفاق مع صندوق النقد.

وتنتج المخابز التابعة لمنظومة الدعم التمويني نحو 100 مليار رغيف بلدي سنويا، بمعدل 725 مليون رغيف يوميا. ارتفعت كلفة الرغيف من 65 قرشا عندما كان الدولار يساوي 16 جنيهاً، إلى 80 قرشا بعد تراجع الجنيه في مارس/ آذار الماضي وصولاً إلى 90 قرشا، بعد التدهور الأخير في قيمة الجنيه، منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وارتفاع الدولار بنسبة تزيد عن 90% منذ مارس 2022.

ومهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لرفع سعر الخبز والوقود والكهرباء بتصريحات، مطلع الأسبوع، أثناء زيارته لسيناء، مشيرا إلى دعم الدولة بنحو 85 قرشا لرغيف الخبز وبيع لتر الديزل بـ7.25 جنيهات، بينما كلفته تصل إلى 11 جنيهاً للتر، مع استهلاك يصل إلى 15 مليار لتر سنويا، بإجمالي 60 مليار جنيه للدعم، مع تحمل الدولة 70 في المائة من قيمة فواتير الكهرباء للشرائح متوسطة الاستهلاك.

وفشل مخطط لوزارة التموين في خلط الدقيق بالذرة أو البطاطا الحلوة لإنتاج الخبز المدعوم للتخفيف من قيمة مشتريات البلاد من القمح، أرجعه مختصون إلى” صعوبات فنية في إنتاج الرغيف المخلوط، وارتفاع كلفة إنتاج البطاطا، وشراء الذرة بالدولار”، حيث تستورد مصر غالبية احتياجاتها من أوكرانيا وروسيا والأرجنتين.

وأعرب أصحاب مخابز عن خشيتهم من رفع الحكومة أسعار الكيروسين والمازوت والغاز خلال الأشهر المقبلة في حال عدم خضوعهم للدخول في منظومة صرف الخبز بنظام البطاقات غير المدعمة. وتلقت المخابز تطمينات من الوزارة بأن المشروع لن ينفذ دفعة واحدة، وإنما في الأماكن التي يقطنها أصحاب الدخول المتوسطة، محدودة العدد، بينما سيظل البيع والتوزيع مستمرين على وضعهما الحالي عبر 32 ألف مخبز مشتركة في برنامج بيع الخبز المدعم.

ويركز الوزير مصيلحي في كلامه لأصحاب المخابز على أن الحكومة ستبيع الخبز بسعر الكلفة للمواطنين الذين لا تشملهم منظومة دعم الخبز، في إطار جهودها لمواجهة التضخم المتزايد بالدولة، وأن أسعار البيع للجمهور ستكون أقل من أسعار بيع الخبز في المخابز الخاصة. يحلو للوزير تذكير المواطنين بأن الخبز غير المدعوم خبز الأغنياء، وفق مستهلكين، ويطلق على المخابز التي تنتجها اسم “المخابز السياحية”.

وسمح الوزير لتلك المخابز برفع أسعار رغيف الخبز بنحو 100 في المائة خلال العام الماضي، مع تلاعبهم في الوزن، بضغوط من الارتفاع الهائل في أسعار القمح وتكاليف التشغيل. وكشف الوزير عن طرح مكاتب التموين بطاقات صرف الخبز للمواطنين من خلال مكاتب البريد، على أن تباع البطاقة مقابل 100 جنيه، للمرة الأولى، يمكن شحنها بأي مبلغ نقدي.

وسيتم البيع بدون حد أقصى لعدد أرغفة الخبز التي يمكن شراؤها يوميا. إغواء الوزير للجمهور يثير المخاوف أكثر من الطمأنينة لأصحاب المخابز الذين يخشون عدم تحقيق أي أرباح لهم، في ظل هيمنة الدولة على جميع مراحل الإنتاج وتلقي عوائد البيع عبر بطاقات الدفع مع تحملهم مخاطر التشغيل، وتوجه الحكومة لرفع الدعم عن الوقود المستخدم في إنتاج الخبز.

تشير مصادر إلى وجود اختلاف كبير في سعر كلفة رغيف الخبز بين ما صرح به رئيس الوزراء بأن الرغيف وزن 90 غراماً يتكلف حاليا 90 قرشا، بينما يشير مصدر في الغرف التجارية إلى أن كلفة الرغيف تبلغ 75 قرشا، مع التراجع في أسعار القمح عالميا. ويشير أعضاء بالغرفة التجارية إلى أن الحكومة تحولت إلى المستورد الوحيد للقمح والمتحكم في أسعاره محليا، بعد شرائه من الفلاحين والأسواق الدولية.

وارتفعت معدلات التضخم إلى 21.9 في المائة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهي مرشحة للزيادة إلى نحو 30 في المائة بالنصف الثاني من العام الجاري، نتيجة تراجع قيمة الجنيه واتجاه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار المقبلين، بنسبة تصل إلى 3 في المائة عن المعدلات السائدة حاليا. ويخشى خبراء من التغير الدائم في سعر رغيف الخبز وتحوله إلى سلعة صعبة المنال.

ويشير الخبراء إلى خطورة خروج الخبز من تحت عباءة الدولة لأول مرة منذ 70 عاما، بينما تحذر منظمات الأمم المتحدة، ومؤسسات اقتصادية عالمية، من تصاعد أزمة الغذاء التي يمكن أن تدفع إلى عدم الاستقرار وحدوث اضطرابات اجتماعية، حيث تراجع متوسط دخل الفرد بشدة منذ عام 2012، بحسب موقع “نامبيو” المعني بإحصاءات الأسعار، من 328.3 دولاراً إلى 143.6 دولاراً بسبب تدهور قيمة الجنيه.

فيما أظهر التقرير الشهري لوزارة المالية ارتفاع العجز الكلي في الموازنة العامة من يوليو/ تموز إلى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ليسجل 2.93 في المائة. وبين التقرير زيادة في دعم السلع التموينية بلغت 28.6 في المائة، ليصل إلى 22.11 مليار دولار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here