عادل صبري
أفريقيا برس – مصر. كشف اقتصاديون مصريون مطلعون على نتائج المباحثات بين الحكومة وبعثة صندوق النقد الدولي التي أنهت زيارتها للقاهرة مؤخراً، عن بقاء أزمة تراكم الديون المحلية والأجنبية وعدم التزام الحكومة ببرنامج طروحات الشركات العامة أمام القطاع الخاص المصري والأجنبي، عالقة بين الطرفين رغم وجود انفراجة في باقي الملفات التي سبَّبت تعطيل الصندوق لصرف قرض قيمته 2.7 مليار دولار خلال العام الجاري.
وأكدت أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس واستشارية تمويل المشروعات الصغيرة التابعة للدولة، يمن الحماقي، إلى أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة، الخاصة بالمراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج التمويل الممدد لمصر، انتهت وسط أجواء وُصفت رسمياً بالإيجابية، لكنها كشفت في الوقت ذاته عن ملفات خلافية عالقة ما زالت تؤجل الحسم النهائي لمسار البرنامج، وتضع العلاقة بين الجانبين في إطار تفاؤل حذر مشروط بالتنفيذ.
وأشارت إلى أن صندوق النقد سيصرف قيمة القرض المعلق لمصر خلال فترة وجيزة بعد أن حصل على تطمينات من جانب وزراء المالية والاستثمار ومؤسسات الأعمال، بشأن تغيير نظم الجمارك والضرائب والتسهيلات التي ستُقدم للمستثمرين، بما يخفف عنهم أعباء تكلفة الصادرات والواردات والضرائب والتشغيل، وهي التي كانت ضمن أولويات بعثة الصندوق.
كما نبَّهت إلى بقاء قضية زيادة الدين العام والطروحات الحكومية نقاطاً خلافية، سيجري التفاوض بشأنها عقب انتهاء بعثة الصندوق وعودتها إلى واشنطن، لعرض نتائج المفاوضات التي جرت في مصر لمدة 10 أيام مضت.
وبحسب مصادر حكومية مطلعة، أبدى الصندوق ارتياحاً نسبياً لتحسن عدد من المؤشرات الكلية، في مقدمتها تراجع معدلات التضخم، وتحسن معدل النمو الاقتصادي، وارتفاع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى مستويات قياسية، إلى جانب التزام البنك المركزي بسياسة نقدية انكماشية تستهدف كبح الضغوط التضخمية والحفاظ على استقرار سوق الصرف. غير أن هذا التحسن، وفق مصادر مطلعة، لم يكن كافياً لحسم الخلافات الأساسية؛ حيث ركزت البعثة في مناقشاتها على ما وصفته بـ”بطء وتيرة الإصلاح الهيكلي”، خاصة في ما يتعلق بتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وتعزيز المنافسة، وتوسيع مساحة القطاع الخاص.
يظل برنامج الطروحات الحكومية أبرز الملفات الخلافية بين مصر والصندوق. فبينما تؤكد الحكومة التزامها بالطرح التدريجي للأصول بما يراعي أوضاع السوق ويحافظ على القيمة العادلة للأصول، يضغط الصندوق من أجل تسريع وتيرة الطروحات وزيادة عدد الشركات المطروحة، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لتوسيع دور القطاع الخاص وتقليل هيمنة الدولة. كما ناقشت البعثة في اجتماعاتها مع المسؤولين المصريين، ومنهم رئيس الحكومة مصطفى مدبولي ملف الشركات التابعة للجهات السيادية، وفي مقدمتها الشركات المرتبطة بالمؤسسة العسكرية، حيث شدد الصندوق على ضرورة توحيد قواعد المنافسة والحوكمة، وإخضاع جميع الكيانات الاقتصادية للإطار التنظيمي والضريبي نفسه، وهو ملف لا يزال محل حساسية سياسية واقتصادية داخل مصر.
ويؤكد خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس أن الصندوق تحفظ على اعتماد الحكومة على صفقات استثمارية استثنائية، مثل صفقات الاستثمار العقاري أو مبادلة الديون باستثمارات، معتبراً أنها لا تمثل بديلاً مستداماً للإصلاح الهيكلي طويل الأجل. كما أضاف النحاس أن ملف الدين العام كان حاضراً بقوة في الاجتماعات التي شملت عدة وزارات، في ظل استمرار ارتفاع أعباء خدمة الدين واعتماد الموازنة العامة بدرجة كبيرة على الاقتراض لسداد أقساط وفوائد ديون سابقة. مؤكداً طلب الصندوق خطة أكثر وضوحاً من الحكومة لاحتواء الدين وتقليل الاعتماد على التمويل قصير الأجل والأموال الساخنة، بما يضمن استدامة الاستقرار المالي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





