أفريقيا برس – مصر. سجلت تكاليف أداء فريضة الحج في مصر مستويات قياسية، بالتزامن مع فتح الجهات الحكومية باب التقديم لأداء الفريضة لموسم (1447 هجري/ 2026 ميلادي). هذا الارتفاع يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الراغبين في أداء المناسك، ويحوّل زيارة الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية إلى حلم صعب المنال لشريحة واسعة من المواطنين، خاصةً مع ارتفاع أسعار البرامج السياحية إلى 250 ألف جنيه للحج البري، ووصولها إلى 645 ألف جنيه للبرامج ذات تصنيف خمس نجوم (الدولار = 47.60 جنيهاً).
ويعزو خبراء ارتفاع أسعار الحج المصري، الذي يعد من بين الأعلى عالمياً، إلى مجموعة من العوامل، أبرزها تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الريال السعودي على أساس سنوي، إذ إن معظم الخدمات الأساسية المقدّمة للحجاج من إقامة وانتقالات تُسعَّر بالريال. كما ارتفعت تكلفة الخدمات والإقامة في المملكة، خصوصاً في الفنادق القريبة من الحرمين الشريفين، إلى جانب الزيادة المطردة في أسعار بطاقات الطيران، التي تشكل جزءاً أساسياً من تكلفة برامج الحج الجوية. ومن أسباب الزيادة أيضاً قرار الحكومة المصرية فرض رسوم بقيمة خمسة آلاف دولار على كل تأشيرة حج إضافية (خارج الحصة الرسمية للقرعة)، على أن تتولى شركات السياحة بيع التأشيرات للمواطنين وتحصيل مبالغ السفر والإقامة وخدمات المناسك، وفق الضوابط السنوية التي تقرها وزارة السياحة والآثار.
وأعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي، مايا مرسي، اليوم الثلاثاء، فتح باب التقديم لأعضاء الجمعيات الأهلية الراغبين في أداء فريضة الحج خلال الفترة من 22 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وذلك في ضوء قرار اللجنة العليا للحج برئاسة رئيس الوزراء تخصيص 12 ألف تأشيرة رسمية لحج الجمعيات. وأشارت مرسي إلى حرص الوزارة على توفير أفضل الخدمات لحجاج الجمعيات الأهلية، وتكليف مجلس أمناء المؤسسة القومية لتيسير الحج بإنهاء التعاقدات الخاصة بالرحلة، تمهيداً لإجراء القرعة الإلكترونية على البوابة الموحدة لاختيار الفائزين في جميع المحافظات، وفقاً لعدد الطلبات المقدمة بكل محافظة والمستويات المتاحة.
وتُجرى القرعة الإلكترونية بحضور ممثلين عن كل محافظة بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على أن تتوافر شروط محددة في الراغبين لأداء الفريضة، منها أن يكون المتقدم أحد أعضاء الجمعية العمومية للجمعية الأهلية المسجل بعضويتها عند تقديم الطلب، وأن يكون قد سدد الاشتراك السنوي، سواء كان عضواً عاملاً أو منتسباً. كما يشترط أن تكون الجمعية أو المؤسسة مقيدة قبل تاريخ 1 يوليو/ تموز 2025، وألا تكون هناك دعاوى قضائية لحل المؤسسة أو إحالتها إلى النيابة العامة. ومن الشروط أيضاً أن يكون المتقدم مقيماً بدائرة المحافظة وفقاً لبطاقة الرقم القومي، وألا يكون قد أدى فريضة الحج من قبل، وأن يكون كامل الأهلية لأداء المناسك، وألا يقل عمره عن 21 عاماً، ويُستثنى المرافق لأحد الوالدين حتى 18 عاماً.
وشددت الوزارة على عدم السماح للفئات المرضية بالتقدم بطلب لأداء المناسك، باعتبارهم الأكثر عرضة لمخاطر العدوى، لا سيما مرضى الفشل الكلوي، ومرضى تليف الرئة، والسمنة المفرطة المرضية، والحالات المتقدمة من أمراض القلب والأوعية الدموية والتليف الكبدي والأورام، والسيدات الحوامل، وأصحاب الأمراض النفسية أو المعدية النشطة مثل السل الرئوي والحميات النزفية.
وقال مصدر مطلع في الوزارة، إن الوزارة اعتمدت مبلغ 460 ألف جنيه للمستوى الأول من رحلة الحج شاملاً الطيران (فنادق خمس نجوم بساحة الحرم المكي)، و330 ألف جنيه للمستوى الثاني (فنادق تبعد 750 متراً عن الحرم)، و300 ألف جنيه للمستوى الثالث (فنادق تبعد 1400 متر). أما حج القرعة التابع لوزارة الداخلية، الذي يُجرى في عدد من مديريات الأمن على مستوى الجمهورية، فمن المرجح أن يرتفع إلى 280 ألف جنيه شاملاً الطيران، بحسب المصدر، مقارنةً بـ95 ألف جنيه في عام 2022، نتيجة تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار من نحو 15.70 جنيهاً إلى ما يقارب 48 جنيهاً خلال ثلاث سنوات.
وحددت وزارة السياحة المصرية ضوابط الحج السياحي لموسم 2026 على النحو التالي: سعر الرحلة مستوى خمس نجوم من 560 إلى 645 ألف جنيه للمقيمين على مسافة 250 متراً من الحرمين الشريفين، وينخفض إلى 500 ألف جنيه لمسافة 1250 متراً. وتتوقع غرفة السياحة تراجعاً في أعداد الحجاج للموسم المقبل، بسبب الضغوط المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات والسلع الأساسية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد صدّق على إصدار قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج، الذي فرض إجراءات موحدة لتنظيم أداء المناسك، من خلال تشكيل لجنة وزارية وأخرى تنفيذية تضم ممثلين عن الوزارات والجهات المعنية، بهدف حماية المواطنين من التلاعب والغش، وضبط السوق ومنع السماسرة. وفي يونيو/ حزيران 2023، لقي أكثر من 700 حاج مصري مصرعهم، بينهم نحو 670 من الحجاج غير النظاميين، بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المشاعر المقدسة والتعرض المباشر للشمس. وألغت الحكومة آنذاك تراخيص 16 شركة سياحية وأحالت مسؤوليها إلى النيابة العامة بتهمة التحايل لتسفير الحجاج بصورة غير نظامية، مع تغريم الشركات لصالح أسر الضحايا.
ومع انتشار ظاهرة سماسرة تأشيرات الحج وتهريب الراغبين في أداء الفريضة عبر تأشيرات الزيارة أو الترانزيت، التي ألغتها المملكة لمصر وعدد من الدول في أبريل/ نيسان الماضي، يدخل آلاف المصريين سنوياً إلى السعودية قبل موعد الحج، دون تجهيز أماكن إقامة لهم في مكة والمشاعر، ما يضطرهم إلى السير على الأقدام في درجات حرارة مرتفعة لأداء المناسك.
وتتراوح تكلفة الحج الجوي في دول مثل العراق بين 3500 و5000 دولار، وبين 4250 و5250 دولاراً في الأردن، مقابل أكثر من عشرة آلاف دولار في مصر، نتيجة المبالغة في الأسعار من جانب شركات السياحة، والتنافس بين وزارتي الداخلية والتضامن الاجتماعي على حصة كل وزارة من التأشيرات الرسمية، بما يخلق سوقاً سوداء لبيع التأشيرات. وتقدَّر الحصة الرسمية المخصصة لمصر سنوياً بنحو 78.500 تأشيرة، تتوزع بين وزارات السياحة والداخلية والتضامن الاجتماعي، وتستحوذ وزارة السياحة على النصيب الأكبر منها بإجمالي 36 ألف تأشيرة تقريباً.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





