أفريقيا برس – مصر. أعلنت مصر، يوم الأربعاء الماضي، رفضها مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا و”أرض الصومال” (صوماليلاند) غير المعترف بها دولياً، أخيراً، والتي بموجبها تحصل أديس أبابا على منفذ بحري في الإقليم الصومالي الانفصالي، محذرة من “خطورة تزايد التحركات التي تقوّض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها”.
وأكد بيان لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، “ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة على كامل أراضيها، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية”، مشددةً “على حقّ الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده”.
وحذّر البيان من “خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية، الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها”.
وجاء البيان المصري بعد يوم من اتصال أجراه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الثلاثاء الماضي، مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي. كما جاء موقف القاهرة بعدما كانت مصر أعلنت، في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، انتهاء الجولة الرابعة من مفاوضات سدّ النهضة بينها وبين السودان وإثيوبيا، وانتقدت “استمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث”.
اتفاقية غير شرعية بين إثيوبيا وأرض الصومال
وتعليقاً على مذكرة التفاهم التي وقعتها كل من إثيوبيا وأرض الصومال غير المعترف بها دولياً، ومدى تأثيرها على النزاع القائم بين القاهرة وأديس أبابا حول مياه النيل، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وأستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة، إن “مذكرة التفاهم ليس لها تأثير على موضوع المياه، لأن إثيوبيا ماضية في مشروع سد النهضة، والسد أصبح أمراً واقعاً”.
وحول مدى قانونية الاتفاق، قال سلامة: “طبعاً غير شرعي من الأساس، لأن الجماعات المسلحة، أو الأقاليم الانفصالية المتمردة، والتي لم تحظ باعتراف دولي، ليس لها أن تبرم أي معاهدات أو اتفاقيات دولية”.
وأضاف أستاذ القانون الدولي العام أن “أي اتفاقية أو معاهدة دولية تبرم، يتم إيداعها لدى الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع (أرض الصومال)، كيف يتم إيداعها لدى الأمين العام، والأخيرة أصلاً ليست دولة معترف بها”.
وأوضح سلامة أنه “إذا حدث نزاع بين الطرفين حول تطبيق مذكرة التفاهم، وهي غير مودعة في الأمم المتحدة، فإن أي هيئة من هيئات التحكيم الدولية ستفصل بينهما في هذا النزاع إذا حدث، وأساساً المذكرة هي خارج إطار الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، ومجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة”.
أزمات تتراكم وتراجع للدور المصري
من جهته، رأى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير عبد الله الأشعل أن مصر يجب أن تقف ضد هذه الاتفاقية حفاظاً على مكانتها في الإقليم.
وقال الأشعل إن “مصر تراجعت كثيراً في الإقليم، سواء في العالم العربي أو في أفريقيا، وذلك بسبب قبولها أنها تتخلى عن دورها وأوراق القوة التي كانت تمتلكها”، مضيفاً أن “مصر لها علاقات مع الصومال، ومع الأطراف الفاعلة المختلفة، ومن المفترض ألا تسمح بإكمال هذه الصفقة، ولا تسمح لإثيوبيا بأن تطوقها من كل جانب”.
وتابع الدبلوماسي المصري السابق: “كان القرن الأفريقي منطقة نفوذ بالنسبة لمصر، لكنها الآن في أضعف حالاتها على الإطلاق، والحقيقة أن الإدارة المصرية أخفقت في حماية المصالح المصرية”.
من جهته، قال الكاتب والمختص في شؤون القرن الأفريقي هاشم علي حامد، إن “الاتفاقية بين إثيوبيا وأرض الصومال (صوماليلاند) ليست بالأمر الجديد، فإثيوبيا لها اتفاق سابق معها وحصة نسبتها 19 في المائة من ميناء بربرة، وسبق لها بناء طريق رابط بين الحدود الإثيوبية ومشارف بربرة”.
وأضاف حامد: “إثيوبيا تنطلق من مصالحها القومية، فهي، كدولة يتجاوز عدد سكانها 120 مليون نسمة، ترى أن من حقها أن يكون لها منفذ بحري يلبي احتياجاتها المتنوعة، وليس من المنصف أن يكون لبعض الشعوب، التي ربما لا يبلغ بعضها المليون، سواحل تربطها بالعالم، في حين أن ما يزيد عن 120 مليوناً محرومون من ذلك، وهذا ما يقوله الرأي السياسي الإثيوبي”.
وتابع الخبير الأفريقي: “في تقديري، إن قضية المنفذ الآن تجاوزت المربع النظري إلى العملي بالمطالبة التي دفع بها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد للأوساط الإقليمية والدولية بحق بلاده في تملك ميناء (خاص)، كما تخطت القضية الآن نطاق المطالبة إلى الجانب العملي الذي عبر عنه الاتفاق مع صوماليلاند” غير المعترف بها دولياً.
وشدّد حامد على أن مذكرة التفاهم “ستؤثر قطعاً في مسار الأوضاع بالقرن الأفريقي، حيث تنضم هذه الأزمة إلى أزمات أخرى تعانيها المنطقة”. وأوضح أن “الدولة المصرية، باعتبارات الانتماء والثقل، يتوقع أن يكون لها رد فعل، فهي رغم عدم تسرعها في رد الفعل في اتجاه الاتفاق الإثيوبي مع بربرة، قطعاً تحتفظ بموقف من منطلق علاقتها بدولة الصومال، إلى جانب الاعتبارات الأخرى”.
وأضاف أنه “من ضمن حيثيات التنافس الإقليمي الذي لا يزال يشكل فيه سد النهضة أزمة لم تحل، تضاف قضية التنافس البحري، ما يعطي مؤشراً جديداً في الصراع، وهو صراع من الواضح أن وراءه قوى دولية محركة لأطراف إقليمية، وكل ذلك بهدف إحداث تغييرات على الخريطة الإقليمية، وفي مقدمتها خريطة الشرق الأوسط”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس