تامر هنداوي
أفريقيا برس – مصر. تضغط منظمات حقوقية لربط المساعدة المالية الأوروبية لمصر بتقديم الأخيرة تنازلات بما يخص ملف حقوق الإنسان، واستخدام الأموال المقبلة لزيادة الإنفاق على التعليم والصحة وبرامج الحماية الاجتماعية.
وفي هذا السياق، دعت 19 منظمة حقوقية مستقلة مصرية وإقليمية ودولية، المفوضية الأوروبية، لأن تتضمن مذكرة التفاهم الخاصة بحزمة المساعدة المالية الكلية من الاتحاد الأوروبي لمصر، والتي تبلغ قيمتها 4 مليار يورو، شروطا واضحة تتعلق بإصلاحات في ملف حقوق الإنسان.
والأسبوع قبل الماضي اعتمد البرلمان الأوروبي، في جلسته العامة التي عقدت في ستراسبورغ، القراءة النهائية لقرار منح مصر قرض الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي المقدمة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو، يسدد على مراحل تصل إلى 35 عاما. وصوت بتأييد القرار 386 عضوا، بينما اعترض 132، فيما امتنع عن التصويت 49 عضوا، وهو ما اعتبرته وزارة الخارجية المصرية «أغلبية كبيرة تعكس تقدير ودعم مختلف المجموعات السياسية في البرلمان الأوروبي للشراكة الاستراتيجية والشاملة مع مصر، وللدور الذي تضطلع به مصر في دعم وتعزيز الاستقرار في المنطقة».
وفي تقرير سنوي تقدمه مصر إلى البرلمان الأوروبي، سيدرس البرلمان التقدم المحرز، وتقييم الآفاق الاقتصادية لمصر، وتأثير القروض على الوضع الاقتصادي والمالي، وتقييم الخطوات المتخذة لدعم الآليات الديمقراطية وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان. وجاء في خطاب أرسلته المنظمات الحقوقية للمفوضية الأوروبية، أن المادة 3 من القرار المشترك الصادر عن البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي بشأن تقديم هذه الحزمة إلى مصر ينص على: «تتفق المفوضية مع السلطات المصرية على شروط سياسة اقتصادية ومالية محددة بوضوح، تخضع لها المساعدات المالية الكلية للاتحاد، على أن تُدرج هذه الشروط في مذكرة تفاهم».
وتابعت المنظمات: نُقرّ بهدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في دعم الاستقرار الاقتصادي في مصر من خلال هذه المساعدة المالية الكبيرة، والتي تعد ثاني أكبر مساعدة مالية كلية بعد تلك الممنوحة لأوكرانيا، إلا أننا نجد في هذا القرار خروجًا عن المعايير التي يطبقها الاتحاد الأوروبي عادةً إزاء الدول المستفيدة، بموجب المبادئ التوجيهية الخاصة بالمساعدة المالية الكلية للاتحاد الأوروبي، والتي تتضمن احترام حقوق الإنسان والآليات الديمقراطية الفاعلة».
ولفت الخطاب إلى أن المادة 2 (1) من القرار المذكور تختلف عن الممارسات السابقة والإرشادات المعتمدة؛ إذ تنص: «يُشترط كشرط مسبق لمنح المساعدة المالية الكلية من الاتحاد الأوروبي أن تواصل مصر اتخاذ خطوات ملموسة وموثوقة نحو احترام الآليات الديمقراطية الفعالة بما في ذلك نظام برلماني تعددي وسيادة القانون، وضمان احترام حقوق الإنسان».
وزادت المنظمات: حسب المادة 4(3)(أ): «تُقرّر المفوضية صرف الأقساط بشرط تحقيق استيفاء الشرط المسبق المنصوص عليه في المادة 2(1).
وتابعت: تضيف المادة 2(2): «تتولى خدمات المفوضية وخدمة العمل الخارجي الأوروبي مراقبة مدى استيفاء هذا الشرط المسبق طوال مدة تقديم المساعدة المالية الكلية من الاتحاد».
وحثت المنظمات المفوضية الأوروبية على ضمان الالتزام الصارم بهذه الشروط في إطار هذه المساعدة المالية لمصر، وضمان أن تسهم في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
الإنفاق الحكومي
ودعت إلى إدراج عدة إصلاحات ضمن مذكرة التفاهم، منها زيادة الإنفاق الحكومي على التعليم من 1.72٪ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024 ـ 2025 إلى النسبة الدستورية المحددة بـ 6٪، وعلى الصحة من 1.17٪ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024 ـ 2025 إلى النسبة الدستورية المحددة البالغة 3٪.
كما تضمنت الإصلاحات التي تناولها الخطاب برامج الحماية الاجتماعية، مثل برنامج تكافل وكرامة، لتصبح برامج شاملة غير انتقائية. ويجب ربط هذه البرامج بخط الفقر الوطني وتحديثها بانتظام، بما يتماشى مع تكاليف تنامي المعيشة؛ وذلك لضمان فعاليتها ووصولها لجميع الأشخاص الذين يعيشون في الفقر أو على حافته.
كما دعت إلى اعتماد إطار لتقييم مدى وفاء مصر بالشرط المسبق، والمفوضية الأوروبية إلى التعاون مع الحكومة المصرية من أجل تحديد مؤشرات واضحة، قابلة للقياس، محددة زمنيًا، وملموسة لتقييم مدى التزام مصر بالشرط المسبق، قبل صرف كل قسط من المساعدة المالية.
وأكدت على ضرورة نشر تقييمات سنوية حول مدى التقدم المُحرَز من جانب مصر في الوفاء بالشرط المسبق ومشاركة هذه التقييمات مع اللجان المعنية في البرلمان الأوروبي ومجموعات العمل التابعة للمجلس، وإشراك منظمات المجتمع المدني المصرية وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة في آلية الرصد، من خلال قنوات منظمة وشفافة.
وفي كلمته أمام لجنة استماع أمام اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي حول «الشراكة المصرية الأوروبية»، قال المدير التنفيذي «لمنصة اللاجئين» في مصر، نور خليل، إن ما تسمى بشراكة الهجرة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، ليست شراكة، بل اتفاق قمع يموّل الاستبداد، ويقوّض حقوق الإنسان، ويمنح الشرعية لأنظمة لا تحترم القانون. وأضاف: هذه الاتفاقيات ليست ازدواجية معايير فحسب، إنها تواطؤ مباشر، فالاتحاد الأوروبي لا يدعم الاستقرار، بل يعزز القمع، ويغذي الأسباب الجذرية للهجرة، وإذا كان في أوروبا من يسعى فعلاً لمعالجة أسباب الهجرة، فليبدأ بوقف تمويل القمع، ودعم الحريات، وتمكين الناس لا إسكاتهم.
وتابع: مصر ليست ملاذًا آمنًا للاجئين. لاجئو السودان وسوريا وفلسطين وغيرهم يخضعون للترحيل القسري والاعتقال والانتهاك أحيانًا إلى مناطق حرب، هذه ليست سياسة هجرة، هذه مشاركة في الجريمة، ومنذ 2016 إلى 2021 تم تجريم اللاجئين والهاربين من الحروب واعتقالهم على الحدود لبحثهم عن ملاذ امن.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن اتفاق شراكة مع مصر يتمحور حول تمويلات بقيمة 7.4 مليار يورو، منها قروض ميسرة بقيمة 5 مليارات يورو واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو، ومنح قدرها 600 مليون يورو من بينها 200 مليون لمواجهة مشكلات الهجرة.
ومطلع العام الحالي، أعلن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، تسلم مصر قرض الشريحة الأولى بقيمة مليار يورو، ضمن آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة، التي تعد المرحلة الأولى من تمويلات بقيمة 5 مليارات يورو ستتم إتاحتها حتى عام 2027.
إلى ذلك، شاركت السفيرة أنجلينا إيخهورست، رئيسة وفد الاتحاد الأوروبي في القاهرة، في مائدة مستديرة نظّمتها جمعية رجال الأعمال المصريين بحضور نخبة من رجال الأعمال ومسؤولين من القطاعين العام والخاص
ووفق ما قال وفد الاتحاد الأوروبي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، فإن اللقاء كان «فرصة مهمة لتبادل الآراء حول تعزيز الشراكة الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي، وزيادة فرص الاستثمار والتجارة، ولمناقشة الإصلاحات الاقتصادية وتأثير الوضع الإقليمي على بيئة الأعمال».
وسلطت السفيرة الضوء على التطور الكبير في علاقات مصر بأوروبا، خاصة بعد توقيع الشراكة الاستراتيجية الجديدة، وحزمة الدعم الأوروبي لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو، بالإضافة للفرص التي أتاحها مؤتمر الاستثمار في 2024.
وكثيرا ما تحدث المسؤولون المصريون عن كلفة استقبال اللاجئين نتيجة الصراعات التي تشهدها المنطقة، التي قدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ10 مليارات دولار شهريا، مؤكدا في حديث له العام الماضي أن بلاده تستقبل ما يتعدى 9 ملايين لاجئ من 133 دولة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس