مصر تربط أي مشاركة لها في غزة بضمانات

مصر تربط أي مشاركة لها في غزة بضمانات
مصر تربط أي مشاركة لها في غزة بضمانات

أفريقيا برس – مصر. قال مصدر مصري رفيع المستوى إن القاهرة لن تندفع بأي شكل نحو تنفيذ ترتيبات ميدانية داخل قطاع غزة استناداً إلى قرار مجلس الأمن الأخير، من دون مناقشة تفصيلية وشاملة مع جميع الأطراف المعنية، إقليمياً ودولياً. وأوضح المصدر أن مصر تدرس كل ما يطرح “بدقة شديدة” انطلاقاً من ثلاثة اعتبارات أساسية: صون الأمن القومي على الحدود الشرقية، والحفاظ على مكانة مصر ودورها العربي، وضمان استمرار دورها وسيطاً موثوقاً في القضية الفلسطينية. وشدد على أن قرار الدخول إلى غزة ضمن قوة دولية، إن حصل، لن يُبنى مطلقاً على أساس مذكرة تفاهم مع واشنطن أو تفاهمات ثنائية مهما كانت طبيعتها، بل سيخضع لحسابات عميقة تتعلق بمستقبل الدور المصري في الملف الفلسطيني، وبالحدود التي ستفصل بين دور مصر بكونه “ضامن استقرار” يحمي حقوق الفلسطينيين ويمنع تصفية قضيتهم، وبين أن تُفهم مشاركتها، لدى جزء من الرأي العام العربي والإسلامي، على أنها جزء من منظومة السيطرة على غزة.

رفض الصدام مع الفلسطينيين

وأشار المصدر إلى أن مصر لن تسمح بأن تتحول مشاركتها، إن حدثت، إلى أداة لفرض وقائع أمنية أو سياسية لا تتوافق مع حقوق الفلسطينيين ولا مع قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بإنهاء الاحتلال. وأضاف: “حدود الدور المصري لن يرسمها أحد غير مصر نفسها، ولن نقبل بتحميلنا مسؤوليات أو مهام قد تقوّض علاقة مصر بالشعب الفلسطيني أو تمسّ الثقة المتبادلة”. وختم المصدر بالتأكيد أن القاهرة ستواصل دورها بكونها وسيطاً محايداً وفاعلاً، وستتمسك بثوابتها المتعلقة بوقف إطلاق النار، وفتح مسار سياسي حقيقي، وضمانات لإعادة الإعمار، مع رفض أي ترتيبات لا يقبلها الفلسطينيون أو تمسّ سيادتهم على أرضهم.

نظرياً، إنّ مصر مرشَّحة لأن تضطلع بالدور الأكبر في القوة الدولية، سواء على مستوى القيادة أو الانتشار الميداني، بحكم موقعها الجغرافي وارتباطها المباشر بحدود غزة عبر معبر رفح، إلى جانب دول أخرى مطروحة مثل تركيا وإندونيسيا وأذربيجان، مع مساهمة أوروبية في التمويل والخبرات أكثر منها في إرسال الجنود. ويرفع هذا السيناريو منسوب التساؤلات عن كلفة مشاركة عربية، ومصرية تحديداً، في قوة تُطالبها واشنطن بأن تقوم في جانب مهم من تفويضها على “تهدئة القطاع” عبر ضبط الفصائل وتجريدها من سلاحها، بالتوازي مع انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي. ويرتبط التحدي الأول بطبيعة التفويض ذاته، إذ إن قرار مجلس الأمن ينص على أن القوة الدولية مخوَّلة استخدام “كل الوسائل الضرورية” لتنفيذ مهامها، بما في ذلك حفظ الأمن الداخلي في غزة، وحماية ممرات المساعدات، ومرافقة عملية نقل السلطة إلى “سلطة فلسطينية مُصلحة” تحت إشراف مجلس السلام.

دور القوة الدولية في غزة

وفي السياق، قال السفير معصوم مرزوق، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، إن قراءته لطبيعة المهام المسندة إلى القوة الدولية المقترحة في غزة، ولا سيما البند المتعلق بنزع سلاح المقاومة، تعيد إلى الأذهان تجربة قوات الأمم المتحدة في البوسنة، حين تحوّلت -بحسب وصفه- إلى “شاهد زور” على جرائم الحرب التي ارتُكبت هناك، بما في ذلك مذبحة سربرينيتشا، التي “تبدو متواضعة أمام ما شهدته غزة من مذابح”. وأضاف مرزوق أنه إذا كانت مهمة القوة الدولية نزع سلاح المقاومة، “فهذا يعني مباشرة أنها ستتولى المهمة التي عجزت عنها القوات الإسرائيلية نفسها”، ما يجرّد القوة من حيادها ويحوّلها، فعلياً، إلى طرف يعمل لصالح الاحتلال. أما إذا كانت مهمتها التوسط في تسليم السلاح، فهذا من وجهة نظره “يشارك في حرمان شعب واقع تحت الاحتلال حقه الشرعي في الدفاع عن نفسه، من دون أي التزام دولي متقابل بإنهاء الاحتلال أو رفع الحصار”.

وفي ما يتعلق بالأحاديث المتداولة عن مشاركة مصر في القوة الدولية، قال مرزوق إنه “لا يعلم مدى دقة هذه الأنباء”، لكنه لا ينصح بقبول المشاركة المصرية إلا إذا اقتصر دور القوة على مراقبة وقف إطلاق النار فقط، مؤكداً أن هذا هو الإطار الوحيد الذي لا يضع مصر في موقع الطرف المنحاز. وأشار إلى أنه يشك في أن “النظام الصهيوني قد يقبل باقتراب قوات مصرية من غزة إلى هذا الحد”، معتبراً أن إسرائيل “تخشى أي وجود مصري مباشر داخل القطاع لما يحمله من دلالات سياسية واستراتيجية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here