أفريقيا برس – مصر. أثارت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول الحاجة إلى حوار سياسي يتناسب مع فكرة بناء الجمهورية الجديدة، ردود فعل واسعة في مصر، واعتبر معارضون أن الحوار يحتاج إلى خطوات استباقية للدلالة على جدية الإصلاح السياسي. وفي الأثناء، قررت السلطات المصرية اخلاء سبيل 41 من سجناء السياسة والرأي كانوا محبوسين احتياطيا على ذمة قضايا، حسب ما أكد عضو مجلس حقوق الانسان في مصر.
وتزامنت دعوة السيسي، مع أنباء عن نيته إصدار عفو رئاسي عن عدد من سجناء الرأي قبل عيد الفطر، في وقت عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان خلال الأسابيع الماضية لقاءات مع قيادات أحزاب المعارضة وصحافيين وحقوقيين لبحث علاج القصور في ملف حقوق الإنسان.
وتأتي الدعوة التي تمثل الأولى التي يطلقها السيسي منذ وصوله إلى منصبه في 2014، في ظل أوضاع صعبة تحيط بالاقتصاد المصري، وارتفاع معدلات التضخم، وموجة غير مسبوقة من غلاء الأسعار تشهدها الأسواق، في وقت خسر الجنيه المصري ما يقرب من 17 ٪ من قيمته أمام الدولار، بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقده البنك المركزي المصري أواخر شهر مارس/ آذار الماضي، الذي قررت خلاله رفع سعر الفائدة بنسبة 1%، ليصبح 9.25% على الإيداع، 10.25% على الإقراض، ويعد هذا القرار هو أول رفع لسعر الفائدة منذ يوليو/ تموز 2017. وجاء الحديث عن ضرورة الحوار حسب- الرئاسة المصرية- خلال لقاء مع الصحافيين، أجراه السيسي بعد جولته في منطقة توشكي، جنوبي مصر، الخميس الماضي، استمع فيه إلى الاستفسارات والشواغل بشأن أهم القضايا الداخلية والخارجية التي تهم الرأي العام في إطار عدة محاور رئيسية.
ولفتت الرئاسة، إلى أن في مقدمة هذه القضايا التداعيات الاقتصادية للأزمة الروسية الأوكرانية على مصر، وانعكاساتها على زيادة الأسعار، واستراتيجية الدولة للتعامل مع تلك التداعيات، فضلاً عن التحديات الداخلية الأخرى مثل جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والحفاظ على الهوية الوطنية وكيفية التناول الإعلامي والدرامي في هذا الإطار.
وأضافت أن الحوار تطرق كذلك إلى القضية السكانية وأبعادها المختلفة وتأثيرها السلبي على مسيرة التنمية، وكذلك استراتيجية الدولة للإصلاح الاقتصادي، فضلاً عن تناول عدد من المشروعات القومية الكبرى خاصة مبادرة حياة كريمة لتنمية قرى الريف المصري.
مواقف المعارضة
والمرشح الرئاسي السابق، ومؤسس حزب الكرامة، حمدين صباحي، قال: “نحن لسنا ضد الحوار، وهو ضروري ولا مفر منه، وسوف نستجيب لأى حوار ندعى إليه”.
وجاء ذلك خلال اجتماع الهيئة العليا لحزب الكرامة، مساء الجمعة الماضي، لمناقشة الأوضاع السياسية والحزبية.
ومحمد بيومي، الأمين العام لحزب الكرامة، قال إنه فيما يتعلق بمسألة طرح رئاسة الجمهورية لحوار وطني، أكد بيومي أن أي دعوة للحوار لا يمكن أن يرفضها حزب الكرامة، ولكن من الضروري معرفة جدول الأعمال وما هي القضايا التي سيتم مناقشتها، وأن يمُكن الجميع من المشاركة.
وعلق رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، على دعوة السيسي، قائلاً في تصريحات صحافية: “أثمن دعوة الرئيس للحوار، وأذكر القراء والمتابعين أن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، سبق أن طالب ونادى بهذا الحوار مرارًا وتكرارًا، وبالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الحزب، فأننا نرحب بهذا الحوار”.
واستكمل: “لقد قام الحزب في وقت سابق بصياغة ورقة سياسات، تم تداولها في أروقة الحياة السياسية، بخصوص هذا الحوار، ومحاوره والغرض منه، ونشرت هذه الورقة للرأي العام في أكثر من منصة إعلامية”.
وتابع: “دعوة الرئيس تذكرنا بأن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي قد سبق وأن رفض العمل بقانون الطوارئ قبل أيام من إعلان الرئيس وقف العمل بمد العمل به”، مضيفًا: “الحزب يكاد يستشرف مستقبل الأمور”.
واستطرد: “نأمل أن تكون دعوة الرئيس هذه المرة مقترنة بإجراءات أخرى، فالحوار ليس مجرد جلسة أو بضع جلسات حول الوضع وسبل الخروج منه أو سبل الانتقال منه إلى وضع أفضل، لكن المفترض أن يكون الحوار بداية لمرحلة جديدة، لأنني أزعم أن البلد تعيش حالة من الاحتقان لها طابع اقتصادي وسياسي”.
وأضاف: “تشديد القبضة الأمنية يفضي إلى مزيد من التأزم، والحل هو أننا نفتح المجال العام أمام كل القوى السياسية، والمدنية للمشاركة حول هذه الأزمة وسبل الخروج منها.”
وأكد زهران أن الحزب يرحب بأي دعوة للحوار، مشيرًا إلى أنه “الطريق للوصول إلى تعايش آمن وسلمي ما بين الفرقاء السياسيين”. واختتم مؤكداً: “كل الأطراف السياسية تدرك أن هناك أزمة، بالرغم من محاولات البعض التعتيم أو التقليل منها، ولابد من طرح إشكالية للخروج منها، من خلال فتح المجال العام وتخفيف حدة الاحتقان، ومشاركة الجميع في إيجاد حلول”.
وكان الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، قد دعا إلى ضرورة إجراء حوار سياسي وطني شامل خلال الأسابيع الماضية، وهو ما يأتي في إطار الخروج من الأزمة الاقتصادية السياسية الحالية وفقا لما أصدره الحزب في بيان رسمي.
وشمل البيان 5 محاور لإقامة هذه الحوارات من وجهة نظر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي هي: الوضع الدولي والإقليمي والمخاطر الدولية والإقليمية، والتوجُّهات والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، و مَدنيَّة الدَّولة والتهديدات الأمنية والثقافية لقوى التَّطرُّف والإرهاب، والحريات والتحوُّل الديموقراطي، والإصلاح الإداري وتحديث البنية المؤسَّسيَّة لأجهزة ومؤسَّسات الدولة.
والكاتب الصحافي المصري، أنور الهواري، علق على دعوة الحوار وكتب على صفحته الرسمية على فيسبوك: “بعد 9 سنوات من سحل الشعب، لا من سحلهم مؤهل للحوار، ولا المسحول قادر على الحوار.” وأضاف: “توقف السحل العام شرط لازم لعدة أمور، علاج ما ترتب عليه من أضرار لم يسلم من أذاها بشر ولا شجر ولا حجر ولا أثر، وبناء أجواء من الثقة بين الشعب والحاكم، وتهيئة مناح صحي وطبيعي لحوار وطني مخلص، ومثمر، ومنتج، وبناء.”
وزاد: “الفرصة قائمة بشرط الشجاعة في مواجهة صعوبة وتعقيد ما ترتب على سنوات السحل من اتساع الفجوة بين الحاكم والمحكوم، لا يمكن لعاقل أن يرفض الحوار لكن ليس هناك حوار بين طرفين قدم أحدهما تدوس بكل قوة فوق رقبة الآخر.” واختتم: “رفع أقدام السلطة، من فوق رقاب الشعب شرط لازم ولا غنى عنه لأي حوار وطني مثمر.”
مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، رحب بالأنباء المتداولة بشأن إفراج وشيك عن معارضين سياسيين، معبراً عن أمله أن تتواصل هذه الخطوة بشكل منتظم وأن تشمل جميع المعارضين السلميين دون استثناء. وقال في تدوينة على حسابه الشخصي على موقع “فيسبوك”: “تتردد أنباء عن إفراج وشيك عن معارضين سياسيين ونحن نرحب بهذه الخطوة ونتمنى تواصلها، مطالبا بمراجعة التشريعات المقيدة للحريات، وأن تكون خطوة الإفراج ضمن توجه يستهدف تحقيق المشاركة وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، بما يتجاوب مع مطالب الحريات التي طرحتها القوى المدنية الديمقراطية.”
وشدد الزاهد على ضرورة اعتبار الحق في التنوع، مصدر قوة وضمانة للشعب والدولة والأمن، بما يؤدى لتخفيف الاحتقان وتعظيم قدرتنا على مواجهة الأزمات والتحديات، متمنيا أن تكون الفرحة إخلاء سبيل عامة في البيوت. في المقابل، وصف رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، رؤوف ، دعوة السيسي هامة للغاية للحوار السياسي بأنها دعوة وتحمل دلالات أكثر أهمية على المستوي السياسي، بما يؤكد أن ما حققته الدولة من تقدم ملحوظ في الكثير من المجالات يحتاج إلى بنية سياسية ثابته وقوية تقوم على المشاركة والحوار البناء الذي يساهم في الخروج من أي ازمات أو تحديات تواجه الدولة سواء على الجانب الاقتصادي أو الجانب السياسي.
وشدد على أن دعوة الرئيس للحوار السياسي تلزم النخب السياسية بضرورة أن تتحرك وطرح قواعد ورؤي ومقترحات يمكن على أساسها وضع أجندة للحوار حتي تتمكن كل القوي الفاعلة في المشهد السياسي من الخروج من هذا الحوار بأسس تساعدنا على العبور إلى مرحلة أخرى اكثر وعيًا وفهما بما يمكن بلدنا من مواجهة أي تحديات سواء على المستوي الداخلي أو على المستوي الخارجي .
وأضاف رئيس الحركة الوطنية المصرية أن المزاعم التي يرددها البعض بأن هذا الحوار نتاج ضغوط معينة سواء اقتصاديًا أو سياسياً فهي مزاعم مغلوطة لا تختلف عن سابقتها من مزاعم التشويه والتشكيك في كل إنجاز يتحقق ولعل المتابع للسياسة المصرية طوال السنوات الماضية يدرك تماماً أن مصر تتحرك باستقلالية تامة رغم كل ما تواجهه من صعاب ورغم ما واجهته سابقاً من أزمات أكثر صعوبة وتعقيداً ورغم ذلك لم تستطع أي قوي سواء خارجية أو داخلية أن تفرض عليها أي ضغوط أو املاءات فهناك سيادة مصرية وصانع قرار رشيد مدعوم بجبهة داخلية قوية واعية لحجم الخطر الذي يستهدف الدولة وأن أي تحرك أو قرار داخلي هو نابع من مسؤولية وطنية خالصة.
واختتم: “دعوة الرئيس تؤكد أننا على أعتاب مرحلة سياسية جديدة وبناء سياسي جديد يتسع للجميع في الجمهورية الجديدة”.
الإفراج عن مساجين سياسيين
وفي سياق متصل، نشر عضو المجلس القومي لحقوق الانسان، محمد أنور السادات، بياناً أفاد فيه بأنه “شارك اليوم (الأحد) أسر وأهالي المفرج عنهم والبالغ عددهم حوالي 41 شخصا من المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا سياسية وحرية رأي”.
وأضاف السادات الذي يرأس حزب الاصلاح والتنمية في بيانه أن “الفترة القريبة القادمة سوف تشهد مراجعات قانونية وإنسانية للإفراج عن مزيد من المحبوسين احتياطيا أو المحكوم عليهم ممن ينطبق عليهم شروط العفو الشرطي أو الرئاسي”.
كما أكد المحامي المصري، خالد علي، لوكالة “فرانس برس” أن من بين المفرج عنهم الأحد النشطاء الحقوقيين وليد شوقي وهيثم البنّا وحسن بربري والصحافي محمد صلاح والباحث عبده فايد. وكانت النيابة وجهت إلى الخمسة تهم “الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة” وهي من التهم التي كثيرا ما وُجهت للمعارضين في مصر.
وعلى حسابها على موقع تويتر، نشرت النائبة البرلمانية المصرية أميرة قنديل أسماء 10 أشخاص من المفرج عنهم الأحد بينهم شوقي، والبنّا، وصلاح، وفايد. وكتبت: “كل الامتنان للعفو الرئاسي وهذه الافراجات تأتي تمهيداً لعودة لجنة العفو”.
كما قررت نيابة أمن الدولة العليا إطلاق سراح 9 أقباط محبوسين احتياطيا منذ ثلاثة أشهر لمطالبتهم بإعادة بناء كنيسة احترقت، حسب ما أفادت أكبر منظمة حقوقية محلية في مصر، “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس