الحركة المدنية الديمقراطية المصرية تواجه التفكّك بسبب خلافات حول الحوار الوطني وانتخابات الرئاسة

31
الحركة المدنية الديمقراطية المصرية تواجه التفكّك بسبب خلافات حول الحوار الوطني وانتخابات الرئاسة
الحركة المدنية الديمقراطية المصرية تواجه التفكّك بسبب خلافات حول الحوار الوطني وانتخابات الرئاسة

تامر هنداوي

أفريقيا برس – مصر. يبدو أن الحركة المدنية الديمقراطية في مصر، التي مثّلت جبهةَ المعارضة الرئيسية في البلاد، باتت تواجه التفكك، مع تزايد الخلافات بين مكوناتها، في ما يتعلق بملفي الحوار الوطني والانتخابات الرئاسية المقبلة.

فالخلافات التي تشهدها الحركة، التي تضم 12 حزباً معارضاً وعدداً كبيراً من الشخصيات العامة، طفت على السطح، خلال الأيام الماضية، فيما بدأت أحزابٌ من داخلها تشكيل جبهات على أساس مواقفها من الملفين استعداداً للخروج من الحركة.

تيار الليبراليين

حزبا “الإصلاح والتنمية”، الذي يقوده محمد أنور السادات، نجل الرئيس المصري السادات، و”المحافظين”، الذي يرأسه رجل الأعمال أكمل قرطام، اتخذا خطوات لتشكيل جبهة ليبرالية تحت اسم التيار الحر.

وكشفت مصادر من التيار، عن عزم الأحزاب الإعلان عن تدشين التيار خلال شهر مايو/ أيار المقبل.

المصادر، التي فضّلت عدم ذكر اسمها، قالت إن التيار سيعقد اجتماعاً خلال ساعات لتحديد موعد تدشين التيار، وإن الموعد المحتمل سيكون في العشرين من شهر مايو/ أيار المقبل، وأن هناك اتجاهاً لتبني اختيار اسم التيار الليبرالي.

وأكدت المصادر أن الاتجاه لتدشين التيار جاء بعد الخلافات التي شهدتها الحركة المدنية، خلال الشهور الماضية، وأن الهدف إعادة بناء تيار ليبرالي جامع يحمل اسم التيار الحر، بعيداً عن التحالفات السياسية الواسعة التي تضم اتجاهات سياسية مختلفة ومتناقضة.

وكشفت المصادر عن أن قيادات التيار تخوض مناقشات واسعة لضم أحزاب أخرى، مثل حزب “الدستور”، الذي أسسه الدكتور محمد البرادعي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، وحزب الوفد، إضافة إلى شخصيات ليبرالية عامة.

أحمد الطنطاوي

وترفض الأحزاب الليبرالية، بحسب المصادر، دعم أحمد الطنطاوي، البرلماني السابق، حال ترشحه في الانتخابات.

وكان الطنطاوي أعلن نيته خوض الانتخابات، وعودته إلى مصر يوم 6 مايو/ أيار المقبل، بعد قضائه 9 أشهر في لبنان، بعد تقديم استقالته من رئاسة حزب الكرامة رفضاً للمشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وشهدت الأيام الماضية تلاسناً بين قيادات حزب “الإصلاح والتنمية” والمتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية خالد داود حول ملف الانتخابات الرئاسية.

وكان السادات أصدر بياناً قال فيه إن المرشح المفاجأة، الذي أشار إليه في أحاديث صحافية وإعلامية سابقة، لم يحسم موقفه نهائياً من الترشح للانتخابات، لافتاً إلى أن عدم الإفصاح عنه وعن خلفيته المدنية أو العسكرية جاء بناء على رغبته.

وأفاد بأن هذا المرشح يعتز، حال خوضه الانتخابات، اختيار وتعيين نائبين للرئيس؛ امرأة وشخصية مسيحية، يعلن عنهما مع تقدّمه بأوراق ترشحه.

وأكد أن هذا المرشح وعدَ بحسم موقفه على ضوء التزام وتجاوب الدولة مع التوصيات والضمانات التي طرحتْها القوى الوطنية بشأن حرية ونزاهة العملية الانتخابية.

المتحدث باسم الحركة، خالد داود، قال إن بيان السادات، بخصوص من وصفه بـ”المرشح المفاجأة” في انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها العام المقبل، “يعبّر عن موقفه الشخصي”.

وأضاف أن المرشح الذي تحدث عنه السادات، لم يتم تداوله أو نقاشه في اجتماع الحركة الأخير، الذي ضم رؤساء الأحزاب وعدداً من الشخصيات العامة.

وبيَّنَ أن الضمانات التي طالبت بها الحركة، في بيانها الأخير، في 13 أبريل/ نيسان الجاري، حول نزاهة ومصداقية الانتخابات الرئاسية المقبلة، هي ضمانات عامة ولا ترتبط بأي مرشح محدد.

وأوضح أن الحركة المدنية ستعقد المزيد من المشاورات، خلال الأسابيع المقبلة، بشأن ما تحقق من الإجراءات التي طالبت بها لضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن كل الأسماء التي يتم تداولها حالياً لخوض الانتخابات هي تكهنات، ولم يعلن أي طرف عن رغبته في الترشح بشكل نهائي.

وسبق لأحزاب الحركة في أبريل/ نيسان الجاري، أن وضعت 14 شرطاً يجب توفّرها لإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تعكس نتائجها الإرادة الحقيقية للناخبين، تضمنت حرية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، إتاحة فرص متكافئة لجميع المرشحين، وحياد مؤسسات الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من كافة المرشحين طوال العملية الانتخابية، وتحديداً وزارتي العدل في ما يخص توثيق التوكيلات، والداخلية، التي ينحصر دورها في التأمين الإجرائي دون تدخل للتأثير في مسار العملية الانتخابية، ضمان سلامة المرشحين ومساعديهم ومندوبيهم والناخبين، التزام المرشحين باحترام المدد الرئاسية التي ينص عليها الدستور، وهي مدتان متتاليتان فقط.

وتعليقاً على البيان، الذي أصدره المتحدث باسم الحركة المدنية، قال علاء عبد النبي، نائب رئيس حزب “الإصلاح والتنمية”، إن من حق أي سياسي ورئيس حزب، أن يتشاور مع أي ممن يراه ذا كفاءة وعلى قدر المسؤولية لخوض الانتخابات الرئاسية.

وزاد: “الضمانات التي أعلنتْها الحركة المدنية، أو أي من القوى الوطنية، هي أمر معلن ومتاح للجميع، وكلّها رهن استجابة الدولة وتجاوبها مع هذه الضمانات، ومن حق أي مرشح أن يتخذ قراره بالترشح، حتى لو لم تتم الاستجابة لها من جانب الدولة والأجهزة المعنية”.

وأضاف: “ليست الحركة المدنية، أو غيرها من القوى السياسية، هي البوابة التي من خلالها فقط يتم أخذ القرار للترشح أو التوافق عليه، وربما نتفاجأ بأسماء لم تطرح من الأساس على الحركة المدنية، أو في السباق الانتخابي من قبل، ويكفي الحركة المدنية انشغالها بالحوار الوطني، والإعداد له كما ينبغي، ووفقاً لتطلعات وآمال المصريين”.

وزاد: “المرشح الذي أشار إليه رئيس الحزب لم يحسم موقفه، وبالتالي لا مجال للتشاور بشأنه، فضلاً عن أن ما تردد داخل الأوساط السياسية من وجود اتفاقات أو تنسيق ما بين الحركة المدنية والأجهزة المعنية في بعض الأمور، كله يستوجب عدم التشاور حتى حسم الأمر، وحتى لا يتم حساب المرشح على أجهزة بعينها أو اعتباره مجرد ديكور يكتمل به المشهد الانتخابي المقبل”.

وكانت الحركة المدنية نفت ما تردد عن اتفاقها مع أجهزة أمنية على الدفع بمرشحين ديكور في انتخابات الرئاسة المقبلة.

أحزاب الوسط

لم يقتصر الأمر على الأحزاب الليبرالية، فالخلافات داخل الحركة دفعت حزبي المصري الديمقراطي الاجتماعي والعدل، لعقد اجتماع تشاوري، أكّدا فيه رفضهما لما وُصف باستخدام أحد الأطراف الحركة لأهدافه أو تطلعاته الخاصة التي لم يتم التوافق عليها في ما بين كل مكونات الحركة، في إشارة إلى حديث السادات عن المرشح المفاجأة.

وأكد الحزبان، في بيانهما، على أهمية الحفاظ على الحركة المدنية في هذا التوقيت الحرج الذي يمر به الوطن، خاصة بعد أن أعطت الحركة لأحزابها قوة إضافية في الوسط السياسي بشكل عام، وداخل أروقة التحضير للحوار الوطني بشكل خاص.

كما جددا التذكير بماهية الحركة المدنية كإطار تحالفي تكتيكي ومرحلي، يستهدف الوصول بالدولة المصرية إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وأن الحركة ليست تحالفاً أيديولوجياً إستراتيجياً، وأن تجاوز هذا الإطار لمساحات أبعد قد يكون أمراً غير مفيد، ومن ثم ينبغي التمسك بكونها كياناً سياسياً جامعاً عابراً للأيديولوجيات.

كما شدد الطرفان على أن الحركة تحتاج في هذه الآونة لاجتماعات تشاورية بين أحزابها لتقوية الروابط بينها، وحل أية مشكلات قد تنشأ في مهدها، خاصة أن قرارات الحركة وفقاً لميثاق إنشائها، يتم الوصول إليها بالتوافق والإجماع وليس بالأغلبية، ولا بدّ من الالتزام التام بهذا الاتفاق.

اليساريون والقوميون

إلى ذلك تمثل الأحزاب اليسارية والقومية التيار الثالث والأساسي داخل الحركة، وتضم أحزاب الكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والعيش والحرية تحت التأسيس والناصري.

وترفض هذه الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني قبل الإفراج عن سجناء الرأي، ممن قدمتهم الحركة في قائمة للأجهزة الأمنية.

كما تعتبر هذه الأحزاب أن تحقيق الضمانات التي طالبت بتوفرها لنزاهة الانتخابات يسبق الاتفاق على مرشح للحركة في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

رغم اقتراب الموعد المقترح لانطلاق الحوار، الذي حدّده مجلس الأمناء في 3 مايو/ أيار المقبل، لم تشهد الحركة المدينة أي استجابة لمطالبها، التي تتعلق بالإفراج عن عدد من النشطاء السياسيين، التي حددتها كشرط للاستمرار في الحوار، بل نفذت الأجهزة الأمنية حملات اعتقال طالت أعضاء في أحزاب الحركة.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعا إلى إطلاق حوار وطني، في أبريل/ نيسان الماضي، كما أعاد تشكيل لجنة العفو الرئاسي لتضم رموزاً من المعارضة، إلا أنه رغم مرو عام، لم تبدأ جلسات الحوار الفعلية، وبينما يعيد مجلس أمناء الحوار التأخير في بدء الجلسات إلى الاستعدادات والمناقشات الخاصة بتشكيل اللجان، تبدو الخلافات بين الحركة والأجهزة الأمنية حول تنفيذ مطالب الحركة الخاصة بالإفراج عن السجناء الرأي هي العقبة الأساسية في عقد جلسات الحوار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here