أفريقيا برس – مصر. أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي الموقف المصري الرافض لتوسّع دائرة الصراع بالمنطقة، مشددًا على ضرورة وقف التصعيد للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة ستكون ذات تداعيات خطيرة على أمن ومقدرات جميع دول وشعوب المنطقة، كما أشار إلى أهمية المفاوضات الجارية بين إيران وأمريكا بشأن الملف الننوي الإيراني.
واستقبل السيسي الإثنين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بحضور وزير الخارجية، بدر عبدالعاطي، ورئيس المخابرات العامة اللواء حسن رشاد.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، بأن وزير الخارجية الإيراني نقل إلى الرئيس السيسي تحيات وتقدير نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، وهو ما ثمنه الرئيس، حيث أكد الجانبان أهمية استمرار المسار الحالي لاستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين الدولتين.
وأضاف الشناوي أن اللقاء تناول التطورات المتسارعة بالمنطقة، وذكر أن الرئيس السيسي أشار في السياق ذاته إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية، كما أكد على حتمية عودة الملاحة إلى طبيعتها في منطقة مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
من جانبه، ثمّن وزير الخارجية الإيراني الدور المصري لاستعادة الاستقرار الإقليمي، مؤكدًا حرص بلاده على استمرار التشاور بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
وشهدت السنوات الأخيرة إشارات متبادلة من القاهرة وطهران نحو فتح قنوات اتصال محدودة، إلا أن زيارة عراقجي الأخيرة إلى القاهرة – في إطار جولة شملت لبنان – تمثل تحولًا نوعيًا في وتيرة هذا التقارب، لا سيما أنها جاءت في ظل متغيرات سريعة في المشهد الإقليمي، بما في ذلك الحرب المستمرة في قطاع غزة، وتصاعد التوترات في البحر الأحمر، والتعثر المستمر في مفاوضات إيران النووية مع واشنطن.
وبحسب تقارير، يبدو أن مصر ترى في فتح نافذة مع طهران فرصة لتعزيز استقلالية قرارها الإقليمي، وتوسيع خياراتها في ظل تراجع الثقة بعدد من الشركاء التقليديين، لاسيما في ملف غزة، ووسط فتور واضح في علاقتها مع الحكومة الإسرائيلية.
وبينما تمثل زيارة عراقجي اختبارًا أوليًا لمدى استعداد القاهرة للانفتاح على طهران، تشير أوساط دبلوماسية إلى أن الجانب المصري لا يزال يتعامل بحذر مع هذه الإشارات، خاصة في ظل الضغوط الغربية، والمخاوف الخليجية، من أية علاقة قد تُفسّر كإعادة تأهيل دبلوماسي لطهران.
من أبرز الملفات التي طُرحت خلال لقاء عراقجي بالرئيس المصري، ملف البحر الأحمر، والذي بات عنوانًا رئيسيًا لتوتر إقليمي بسبب هجمات القوات اليمنية على السفن الإسرائيلية، ما أدى إلى تراجع كبير في عائدات قناة السويس.
وتُدرك القاهرة أن استمرار هذا التوتر في الممرات البحرية سيفاقم من خسائرها الاقتصادية، ويهدد أمنها القومي، وهو ما يجعل أي تفاهم مع طهران حول تهدئة في البحر الأحمر، أو على الأقل وقف دعمها لأنصار الله، هدفًا مصريًا ملحًا.
وفي الموضوع الفلسطيني رغم التباين الواضح في مقاربة القاهرة وطهران لملف العدوان على قطاع غزة، إلا أن الطرفين يشتركان في قلق مشترك من استمرار الحرب وتداعياتها الإقليمية. فبينما تدعم إيران حركة حماس وحلفاءها سياسيًا وعسكريًا، تسعى مصر إلى وقف إطلاق النار، والحفاظ على دورها كضامن لأي تسوية مستقبلية.
وتشير تسريبات دبلوماسية إلى أن زيارة عراقجي حملت رسالة واضحة بدعم إيران لجهود مصر في ملف غزة، مقابل عدم استبعاد إيران من ترتيبات ما بعد الحرب، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائها.
في كل الأحوال لا يتوقع أن تؤدي هذه الزيارة إلى انفراجة سريعة في العلاقات المصرية الإيرانية، إلا أنها قد تمهد لحوار طويل الأمد حول الملفات الساخنة في المنطقة. فالقاهرة تدرك أن أي تقارب مع طهران يجب أن يتم ضمن توازن بين مصالحها القومية والتزاماتها الإقليمية، خاصة في ظل التوترات مع الكيان الإسرائيلي، والتحفظات الخليجية من أي تقارب بين إيران ومصر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس