“العائق الذكي” بين غزة وسيناء.. حلقة جديدة في سلسلة قديمة

9
"العائق الذكي" بين غزة وسيناء.. حلقة جديدة في سلسلة قديمة

أفريقيا برس – مصر. أعلن وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن تل أبيب “تجري محادثات مع القاهرة لبحث إمكانية إقامة عائق حدودي متطور يشمل وسائل تكنولوجية يفصل قطاع غزة عن الأراضي المصرية”، في محاولة لإحباط عمليات تهريب أسلحة، وفق ادعائه. وشدّد على أن إسرائيل “لا تعتزم حالياً احتلال مدينة رفح ومحور فيلادلفيا”.

جاء ذلك في تصريحات غالانت، خلال مشاركته في جلسة خاصة عقدتها لجنة الشؤون الخارجية والأمنية في الكنيست، الثلاثاء الماضي، أجاب خلالها على استفسارات أعضاء اللجنة حول سير العمليات العسكرية في إطار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بما في ذلك التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على جبهات أخرى.

اتصالات إسرائيلية لبناء “عائق متطور”

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية “كان 11” أن غالانت أخطر أعضاء اللجنة البرلمانية، أن إسرائيل تجري اتصالات مع الجانب المصري لبناء “عائق متطور” على طول محور فيلادلفيا بين غزة وسيناء “يتضمن وسائل تكنولوجية”، وذلك في معرض رده على “الانتقادات الموجهة إلى عمليات التهريب المتكررة للأسلحة من مصر إلى قطاع غزة”.

وعلق مصدر مصري معني بالشؤون الأمنية الاستراتيجية، على الأحاديث عن خطة إسرائيلية لفصل رفح المصرية عن قطاع غزة، عبر جدار عازل تحت الأرض، قائلاً إن “الطرح مهين بالأساس، لكون القطاع منفصلا تماماً عن سيناء ورفح المصرية، ومصر اتخذت إجراءات عديدة على مدار السنوات الماضية، لهدم كل الأنفاق التي كانت تصل بين الأراضي المصرية وقطاع غزة، وتم اتباع أساليب تضمن عدم وجود أنفاق في تلك المنطقة”.

واعتبر المصدر المصري أن “مثل تلك الأفكار، هدفها الرئيس هو مخاطبة الشارع الإسرائيلي، لأهداف سياسية وانتخابية، في إطار المزايدات بين المتنافسين السياسيين في إسرائيل، في ظل حالة التخبط التي يعانون منها، ضمن تداعيات بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومحاولة بعض الأطراف القفز إلى الأمام لإنقاذ أنفسهم من المحاسبة”.

وشدّد المصدر على أن مصر “ترفض بشكل قاطع، مثل تلك الأفكار، التي من شأنها المساس بالسيادة المصرية، خصوصاً أن مصر قادرة على حماية وتأمين حدودها”، مضيفاً: “طالما يرى وزير الأمن الإسرائيلي أن هذا الجدار سيوفر لهم الحماية، فلماذا إذن فشلوا في حماية أنفسهم في 7 أكتوبر؟”. وتابع: “الأجدر بالجانب الإسرائيلي، أن يفكر بشكل عملي، وينحي المنافسة السياسية الداخلية، عن إدارة علاقته بالإقليم، لأن تلك العلاقة لها محددات، ومبنية على أسس واتفاقيات واضحة”.

من جهتها، ذكرت مصادر قبلية في محافظة شمال سيناء، أن “قوات الجيش المصري عززت وجودها في مدينة رفح المصرية على طول الحدود مع قطاع غزة، بالتزامن مع طلعات جوية لطائرات مروحية تحمل قادة عسكريين فوق مناطق رفح وشمال سيناء عموماً خلال الأسبوع الأخير”.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن “الآليات العسكرية المصرية بدأت في أعمال تطوير لمنطقة الحدود بإقامة سواتر متنوعة (خرسانية ورملية وأسلاك شائكة)، بالإضافة إلى نشر قوات خاصة على امتداد الحدود، بما فيها منطقة البحر، التي يتواجد فيها عشرات الآلاف من النازحين”.

وتعليقاً على تصريحات غالانت بشأن “العائق” بين قطاع غزة ومصر، قال الخبير العسكري الفلسطيني، يوسف الشرقاوي، إن “التسريبات الإسرائيلية حول احتلال محور فيلادلفيا، في ظل صمت رسمي مصري، تشير إلى أن هدف الاحتلال هو تدمير أنفاق غزة ولتسهيل بناء العائق الحدودي الذكي”. وأبدى اعتقاده أن “مصر لن تعارض ذلك لأنها كانت سباقة ببناء جدران يحاكي هذا الجدار المقترح، ولو كانت أقل كفاءة تكنولوجية منه، وسبق وأن حدث تنسيق وتبادل خدمات أمنية بين الجانبين المصري والإسرائيلي”.

العائق الجديد جزء من حلقة قديمة

أما الباحث المصري في العلوم السياسية، حسام الحملاوي، فاعتبر أن المخطط ليس جديداً بل “سبقته مشاريع مشابهة متعددة منذ عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، فهم حاولوا (الإسرائيليون) سابقاً إنشاء جدار حديدي، بالإضافة إلى إغراق الأنفاق بمياه البحر أو نسفها”.

ورأى أنه “لو نُفّذ المشروع فعلاً، فسيكون حلقة جديدة في سلسلة قديمة، ولا أظن أنه سينجح في وقف عمل الأنفاق أو في الحد من قدرات المقاومة الفلسطينية في الحصول على السلاح والمؤن اللازمة، لكن النظام المصري ربما لا يمانع مثل هذا المشروع”.

بدوره، أشار الكاتب المصري، أيمن الرفاتي، إلى أن إسرائيل “لا تزال تحاول ترتيب مرحلة ما بعد حرب غزة، على أساس استبعاد حركة حماس من المشهد، ولهذا تحاول إيجاد ترتيبات جديدة مع المصريين، بما في ذلك آلية دخول البضائع إلى غزة، ولهذا فهي تسعى لإقامة منطقة تفتيش ورقابة إلكترونية داخل الأراضي المصرية قبل معبر رفح، وهذا باعتقادي تجاوز للسيادة المصرية”. وأضاف أن “الاقتراح الإسرائيلي، جاء بعد رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادلفيا أو احتلال رفح الفلسطينية”.

وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، قد ذكرت أمس الخميس، أن غالانت اقترح على وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي زار إسرائيل في الأيام الأخيرة، إقامة جدار تحت أرضي في منطقة رفح، في الأراضي المصرية يفصلها عن قطاع غزة، بتمويل أميركي.

وكشفت الصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الجدار سيكون مزوداً بتكنولوجيا وتقنيات متطورة وكاميرات ومجسات وغيرها بطول 13 كيلومتراً، لتوفير معلومات مشتركة للجانبين المصري والإسرائيلي. ومن المنتظر أن يناقش المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) الموضوع قريباً، لاتخاذ قرار فيه، مع أخذ موقف القاهرة بعين الاعتبار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here