المياه.. ملف ضاغط على موقف مصر من تهجير الغزيين

1
المياه.. ملف ضاغط على موقف مصر من تهجير الغزيين
المياه.. ملف ضاغط على موقف مصر من تهجير الغزيين

أفريقيا برس – مصر. في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني، الثلاثاء الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن ملف مياه النيل أصبح جزءاً من حملة ضغوط تمارَس على مصر لتحقيق أهداف أخرى. وشدد على أن القضية (التي تصفها القاهرة بالإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، والمتعلقة خصوصاً بسد النهضة الإثيوبي) تمثل مسألة وجودية، وأن أي تنازل عن حصة البلاد من المياه هو بمثابة التخلي عن الحياة. وأوضح أن حصة مصر والسودان البالغة نحو 85 مليار متر مكعب سنوياً (من أصل نحو 1600 مليار متر مكعب) من مياه النيل، لا تمثل سوى 4% من إجمالي موارد النهر، بينما يُفقد الجزء الأكبر في الغابات والمستنقعات والمياه الجوفية.

ضغوط متزايدة على مصر

تأتي تصريحات السيسي عن “حملة الضغوط” على مصر، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من خطط إسرائيلية لدفع سكان قطاع غزة نحو الهجرة القسرية باتجاه سيناء المصرية. هذه المخاوف ترافقها تقارير دولية وإسرائيلية عن إمكانية استغلال الحرب في القطاع لتغيير الوضع الديمغرافي، وهو ما تعتبره القاهرة خطاً أحمر يمس الأمن القومي المصري مباشرة. في هذا الصدد يقول السفير حسين هريدي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، إن “القضايا الأخرى التي أشار إليها السيسي، والتي جرى الضغط على مصر من خلالها عبر ملف المياه، تتعلق بالحرب على غزة، وخصوصاً ملف التهجير القسري أو الطوعي للفلسطينيين”. وفي رأيه “هذه القضية تمثل محوراً شديد الحساسية للأمن القومي المصري، لارتباطها المباشر بمحاولات تغيير الواقع الديمغرافي في قطاع غزة، وهو ما ترفضه القاهرة رفضاً قاطعاً باعتباره مساساً بحقوق الشعب الفلسطيني وتهديداً لاستقرار المنطقة”.

أما عن سبب تلك الضغوط، فيعتبر السفير حسام عيسى، مساعد وزير الخارجية المصري ومدير إدارة السودان وجنوب السودان، أن “المواقف المصرية الصلبة في مختلف القضايا الإقليمية، والتي تضع الحق العربي في صدارة الأولويات، تمثل أحد أسباب الضغوط الخارجية على القاهرة”. ويوضح أن هذه المواقف تشمل رفض أي محاولات لتغيير هوية القضية الفلسطينية عبر مشاريع التهجير أو إعادة التوطين، أو ما يُعرف بمحاولات “تطهير” الأراضي من أهلها، بالإضافة إلى “الالتزام بدعم القضايا العربية في المحافل الدولية، والدفاع عن أمن واستقرار الدول العربية المجاورة التي تواجه مؤامرات وصراعات إقليمية”.

وتُعد مصر، وفق عيسى، “ركيزة الاستقرار في المنطقة، من خلال دعمها لوحدة الدول العربية ومؤسساتها، ورفضها أي مساعٍ لتقسيمها أو تمكين المليشيات الموالية لقوى خارجية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعوب والدول”. ويلفت إلى أن “المواقف المبدئية تثير حفيظة بعض القوى الدولية، ما يدفعها إلى محاولة الضغط على مصر من مختلف الاتجاهات، وفي مقدمة هذه الملفات الحساسة ملف مياه النيل”.

أدوات ضغط متعددة

تتقاطع هذه الضغوط، إلى جانب العدوان الإسرائيلي على غزة، مع تطورات أزمة سد النهضة، والوضع المضطرب في السودان، والتحديات الاقتصادية الداخلية. وكلها، بحسب خبراء، ملفات تتيح مجالاً لأدوات ضغط متعددة، سواء عبر المساعدات أو الاستثمارات أو المواقف السياسية في المحافل الدولية. ويعكس ربط السيسي بين ملف المياه وأجندات، بحسب مراقبين، سياسية أوسع إدراكاً بأن الضغوط على مصر متعددة المسارات، وأن الأطراف التي تملك نفوذاً في ملف معين قد تحاول توظيفه للتأثير على مواقف القاهرة في ملفات أخرى. ويرى هؤلاء أن الموقف المصري في ظل هذه المعطيات، في تحد صعب لتعزيز التحالفات الإقليمية وحماية الملفات الحساسة؛ من مياه النيل إلى غزة والسودان، باعتبارها قضايا أمن قومي لا تحتمل المساومة.

في هذا السياق يقول السفير المصري السابق، معصوم مرزوق، إن “مياه النيل تمثل تهديداً وجودياً لمصر إذا احتُجِزت أو حجِز الجزء الأكبر منها، موضحاً أن ذلك يصل إلى حد التهديد بـ”الإبادة” نظراً لاعتماد مصر شبه الكامل على مياه النهر. ويضيف أن “الخطر لا يقتصر على حجب المياه، بل يمتد أيضاً إلى احتمال الإغراق في حال وقوع أخطاء في بناء السد، أو حدوث خلل في القشرة الأرضية”. قد يتسبب ذلك، وفق مرزوق، في “موجة فيضانية ضخمة أشبه بتسونامي، تجرف سدود السودان وتغرق عدداً كبيراً من قراه، وقد يمتد تأثيرها ليطاول السد العالي في مصر (بمحافظة أسوان جنوبي البلاد)”.

المصدر: العربي الجديد

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here