أفريقيا برس – مصر. قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن موافقة مجلس النواب المصري على تعديل قوانين حماية المنشآت العامة ومكافحة الإرهاب وقانون العقوبات، يعد خطوة للخلف تستهدف تقنين حالة الطوارئ، وتُوسِّع اختصاص القضاء العسكري، وتفرض محاذير جديدة على حرية البحث العلمي.
ووافق مجلس النواب المصري في 31 تشرين الأول/اكتوبر الماضي على ثلاثة مشروعات قوانين مقدمة من الحكومة قبل أيام من إعلان رئيس الجمهورية إنهاء حالة الطوارئ المفروضة على البلاد، بإدخال تعديلات على القانون رقم 136 لسنة 2014 بشأن حماية المنشآت العامة والحيوية، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بقانون رقم 96 لسنة 2015 وقانون العقوبات.
وحسب بيان المبادرة، فإن التعديلات الجديدة في قانون حماية المنشآت العامة تسمح بتوسيع اختصاص القضاء العسكري في نظر القضايا التي ترتكب أثناء قيام القوات المسلحة والشرطة بتأمين المنشآت العامة والحيوية، وهكذا يتحول هذا الاختصاص إلى وضع دائم ولا يتعلق فقط بوجود حالة استثنائية.
وتابع بيان المبادرة: تضمن التعديل أيضًا حذف المادة الخاصة بمدة تطبيق قانون حماية المنشآت العامة؛ حيث أُقر القانون للمرة الأولى في كانون الثاني/يناير 2013 ونَص على مساعدة الجيش للشرطة في تأمين المنشآت الحيوية لحين انتهاء الانتخابات التشريعية، وكلما طلب رئيس الجمهورية منها ذلك، وأقر اختصاص القضاء العادي بنظر القضايا التي تخضع للقانون. ثم صدر قانون جديد في تشرين الأول/اكتوبر 2014 تضمن إحالة جرائم الاعتداء على المنشآت العامة إلى القضاء العسكري، ونظراً لأنه قانون استثنائي يطبق في ظروف غير عادية فكانت مدة تطبيقه سنتين تنتهي في 2016 ثم جدد رئيس الجمهورية العمل بالقانون لمدة خمس سنوات حتى 2021.
وزاد البيان: استبدل مشروع القانون الجديد بنص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، المادة الأولى: مع عدم الإخلال بدور القوات المسلحة في حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها تتولى القوات المسلحة معاونة أجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية بما في ذلك محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكة الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها.
وجاءت المادة الثانية: تخضع الجرائم التي على المنشآت والمرافق والممتلكات العامة والحيوية المشار إليها في المادة الأولى من هذا القانون لاختصاص القضاء العسكري.
ولفت البيان إلى حكم المحكمة الدستورية العليا، في 2017 بعدم جواز محاكمة المدنيين المتهمين في قانون التظاهر وفقاً لهذا القانون. كما وضعت الدستورية ضوابط لتطبيقه منها «أن يكون الاعتداء على المنشأة اعتداء واضحاً، وأن تكون قوات الجيش متواجدة بالفعل لحماية المنشأة، وأن تكون الجريمة المرتكبة يعاقب عليها في قانون العقوبات المدني».
وأكدت المبادرة، أن الموافقة على القانون تعكس حالة من التناقض مع ما جاء في كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي للإعلان عن إلغاء حالة الطوارئ. وأضاف البيان: ليس من المنطقي أن تكون مصر قد باتت «واحةً للأمن والاستقرار في المنطقة، بما يستدعي وقف تمديد الطوارئ، بينما تُفرض فيها محاكمة المدنيين عسكرياً بشكل مستمر».
تقنين الطوارئ
وتناول البيان، تعديل قانون مكافحة الإرهاب، الذي نص على المعاقبة بالسجن المشدد وغرامة لا تزيد عن 100 ألف جنيه لمخالفة هذه التدابير التي يفرضها الرئيس على مناطق محددة بسبب مكافحة الإرهاب، فضلًا عن تشديد عقوبة تصوير أو تسجيل أو بث أو عرض أي وقائع من جلسات المحاكمة في الجرائم الإرهابية بدون إذن رئيس المحكمة إلى غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 300 ألف جنيه، عوضاً عن 20 ألف جنيه و100 ألف بحد أقصى في النص الأصلي.
وأكد البيان، أن قانون مكافحة الإرهاب وتعديله يمثل نوعًا من نقل صلاحيات قانون الطوارئ إلى قانون جنائي دائم، ويعكس الالتزام به نية الدولة في التمسك بممارسات حالة الطوارئ.
التضييق على البحث العلمي
وناقش البيان، موافقة مجلس النواب أيضا، على مشروع قانون بتعديل مواد بقانون العقوبات تعاقب بالحبس على إجراء الدراسات أو الاستبيانات التي تتعلق بالقوات المسلحة.
وجاء التعديل بإضافة بند للمادة «80 أ» الخاصة بإفشاء أسرار الدولة للدول الأجنبية، لينص: مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، على أن تكون العقوبة السجن، إذا وقعت في زمن الحرب أو باستعمال وسيلة من وسائل الخداع أو الغش أو التخفي أو إخفاء الشخصية أو الجنسية أو المهنة أو الصفة، أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات أو كان الجاني ضابطًا بالقوات المسلحة أو أحد أفرادها من العاملين المدنيين بها، ويعاقب بالعقوبات نفسها على الشروع في ارتكاب تلك الجرائم.
ورأت المبادرة أن النص المضاف للمادة «80 أ» من قانون العقوبات يضع مزيداً من القيود على البحث العلمي في مصر في ظل تردي حالة الحرية الأكاديمية التي تشهدها بمعاقبة الباحثين المصريين والأجانب على عملهم الأكاديمي بالحبس الاحتياطي والمنع من السفر بالإضافة للعوائق المفروضة على حرية البحث والتدريس بالجامعات المصرية.
وأعلن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، رفضه مشروع تعديل القانون المقدم من الحكومة، الذي يقضي بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في حالة الاعتداء على المنشآت العامة التي تحميها القوات المسلحة. وقال إن نوابه في البرلمان، اعترضوا على التعديلات المقدمة من الحكومة على قانون حماية المنشآت العامة.
«وضع استثنائي»
وحسب بيان الحزب، قال النائب فريد البياضي، عضو مجلس النواب عن الحزب، في الجلسة العامة للمجلس: «مع كل احترامي وتقديري للقوات المسلحة، ولدورها الذي نفتخر به في حماية الوطن، وإن كنت لا أعترض على قيام القوات المسلحة بحماية المنشآت، مع ملاحظة أن هذا الوضع يجب أن يكون مؤقتا، إذ أن هذا هو دور الشرطة، إلا أنني حتى لو كنت أغرد خارج السرب، ورغم أنني متأكد أن الأغلبية ستوافق، إلا أنني إرضاء لضميري وللتاريخ يجب أن أعترض على محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، لأنه وضع استثنائي، وغير مقبول في الأعراف والدساتير الدولية، حتى لو كانت هناك مادة في الدستور تستند إليها الحكومة».
وأعطى مثالا بمد حالة الطوارئ، وقال إنها «كانت دستورية، وعلى الرغم من ذلك، كانت وضعا استثنائيا وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي ذلك، عندما قرر عدم مد حالة الطوارئ، لما تشهده البلاد من استقرار أمني، وإن إقرار مثل هذا القانون الآن يتناقض مع هذه الحالة التي تشهدها البلاد، ويعطي صورة سلبية غير حقيقية عن مصر في الداخل والخارج».
وزاد: «إطلاق لفظ المنشآت العامة، وهو لفظ غير محدد، وواسع يجعل أي منشأة في مصر بما فيها الطرق ومحطات البنزين داخل هذا القانون وهناك حالات لمواطنين أتلفوا أعمدة إنارة بدون قصد نتيجة حوادث تصادم، وتمت إحالتهم للنيابة العسكرية، كما أن التعديل يقر هذا الوضع بصفة دائمة بعد أن كان وضعا مؤقتا لمدة عامين ثم 5 أعوام والآن تريد الحكومة إقراره بصفة دائمة».
واختتم البياضي، كلمته قائلا: «نظرا لمخالفة هذا القانون للأعراف الدولية، وتناقضه مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ومع قرار الرئيس بإلغاء حالة الطوارئ نظرا لوضع الاستقرار الذي تشهده البلاد، وللصورة السلبية التي سيصدّرها هذا القانون للخارج والداخل، ولنفس الأسباب التي رفضت لأجلها مد حالة الطوارئ من قبل، أرفض مشروع هذا القانون».
كما رفضت النائبة مها عبد الناصر، عضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تعديلات القانون، محذرة «من التوسع في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري». وتساءلت عن «مفهوم المنشآت العامة والحيوية المقصود بها في القانون، وإن كان يدخل في سياقها الطرق الجديدة التي تديرها القوات المسلحة». وقالت: «لست ضد محاكمة أي شخص يعتدي على منشأة أو يدمر طريقا» ولفتت إلى «بعض المشادات التي حدثت بين مواطنين وعاملين في محطة بنزين وطنية تابعة للقوات المسلحة التي نتج عنها إحالة مدنيين للمحاكمة العسكرية».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس