حملة لمطالبة السلطات المصرية بتجريم التعذيب والإفلات من العقاب

5
حملة لمطالبة السلطات المصرية بتجريم التعذيب والإفلات من العقاب
حملة لمطالبة السلطات المصرية بتجريم التعذيب والإفلات من العقاب

أفريقيا برس – مصر. قالت منظمات وحملات حقوقية مصرية إن التعذيب جريمة لا تقع فقط بحق الذين يقع عليهم الانتهاك، ولكنه جريمة تمس أمن المجتمع ككل، وتجعل روح الخوف وعدم الشعور بالأمان هي المسيطرة على التعاملات بين الأنظمة ومواطنيها، ما يفقد الأنظمة دورها في حماية أمن المجتمع، وينزع عنها صفة الشرعية باعتبارها تعمدت عدم التقيد بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بمنع التعذيب وتجريمه.

وأضافت المنظمات، بالتزامن مع اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في 26 يونيو/حزيران من كل عام، أن التعذيب وفقًا لتعريفات الأمم المتحدة؛ هو “أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديًا كان أم عقليًا، يلحق عمدًا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها”.

ودخلت اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة – وهي إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب – حيز التنفيذ في عام 1987، واليوم توجد 173 دولة طرفًا في هذه الاتفاقية.

ورغم أن اتفاقية مناهضة التعذيب لم تدخل حيز التنفيذ إلا في عام 1987، إلا أن المحاولات الأممية لإدانة التعذيب وضروبه بدأت منذ عام 1948، حين أدان المجتمع الدولي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كذلك في عام 1975، اعتمدت الجمعية العامة، ردًا على النشاط القوي الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية، الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وخلال الثمانينيات والتسعينيات، أيضًا حُقق تقدم في وضع المعايير والصكوك القانونية وفي إنفاذ حظر التعذيب، وأنشأت الجمعية العامة صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب في عام 1981؛ لتمويل المنظمات التي تقدم المساعدة لضحايا التعذيب وأسرهم.

وفي مصر، مثل دستور 2014 -الدستور الأحدث في مصر-، تقدمًا تجاه فرض مجال للحماية القانونية في حق الأفراد في عدم التعرض للتعذيب، حيث جاءت المادة (52) لتعتبر أن “التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم”، على عكس الدساتير السابقة، فقد أفرد دستور 2014 مادة مستقلة للتعذيب واعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم.

إضافة إلى ذلك، أتاحت المادة رقم (99) الحق في الادعاء المباشر في أي جرائم تتضمن الاعتداء على الحقوق والحريات الشخصية. ونصت على أنه “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر. وتكفل الدولة تعويضًا عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضمًا إلى المضرور بناء على طلبه، وذلك كله على الوجه المبين بالقانون”.

لكن، ورغم كل التشريعات والمواثيق الدولية والمحلية التي تدين التعذيب وتعاقب مرتكبه، “إلا أن الوضع داخل مراكز ومقار الاحتجاز في مصر يؤكد على أن التعذيب ليس مجرد ظاهرة ناتجة عن تصرفات فردية، ولكنها ظاهرة ممنهجة مرتبطة ببقاء النظام والدفاع عنه، كما أن سياسة الإفلات من العقاب التي أدمنتها السلطات المصرية أكدت منهجية التعذيب، حيث لا يوجد رادع لمن يرتكب التعذيب ضد أي مواطن، وخصوصًا من ينتمون إلى هيئات وجهات معارضة لأراء النظام”، حسب الحملة.

ودعمت الحملة موقفها بما أبدته لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في تقريرها حول مراجعة ملف مصر الذي صدر الشهر الماضي، من قلق تجاه الاستخدام المنهجي للتعذيب على أيدي الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في مصر، وأن التعذيب وسوء المعاملة منتشران في أماكن الحرمان من الحرية، وأن هذه الأفعال تمارس على نطاق واسع من قبل الشرطة وأجهزة أمن الدولة أثناء مراحل التوقيف والاستجواب والتحقيق.

كذلك تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن حالة حقوق الإنسان في مصر لعام 2020، الذي ذكر أن التعذيب شائع في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية، وأن الإفلات من العقاب يشكل ظاهرة خطيرة بين قوات الأمن.

وأيدت الحملة موقفها أيضًا بالتقرير الذي أصدرته مؤسسة “لجنة العدالة” حول الانتهاكات التي رصدتها طوال العام 2022، والتي كان للتعذيب فيها نسبة لا بأس بها، حيث جرى رصد 48 انتهاكًا ضمن التعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر خلال 2022.

وقالت الحملة إنه ينبغي على السلطات التشريعية في مصر “وضع تشريع يتواءم مع متطلبات مصر الدولية وفقًا للعهود والمواثيق التي وقعت عليها، وأهمها اتفاقية مناهضة التعذيب، ويتعامل مع الثغرات والعوار القانوني الموجود بقانون العقوبات الحالي والذي لا يعالج ظاهرة التعذيب قانونيًا”.

كما دعت الحملات والمنظمات الموقعة السلطات المصرية للانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والذي يسمح لخبراء دوليين مستقلين بإجراء زيارات دورية لأماكن الاحتجاز بغرض تقييم ظروف الاحتجاز، وتقديم التوصيات من أجل تحسينها.

وكذلك طالبت الحملات والمنظمات السلطات في مصر بوقف سياسة الإفلات من العقاب، وذلك عن طريق تحديد التعذيب كجريمة تقتضي فصل الموظف العام المحكوم عليه بجناية التعذيب، وعدم عودته إلى العمل مرة أخرى.

المنظمات الموقعة على الحملة هي “تحالف المادة 55، ولجنة العدالة، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، وحقهم، والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ونحن نسجل”.

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here