سيناء: توزيع مساعدات غذائية يشعل الغضب

6
سيناء: توزيع مساعدات غذائية يشعل الغضب
سيناء: توزيع مساعدات غذائية يشعل الغضب

أفريقيا برس – مصر. أدى سوء أسلوب التوزيع إلى تكدس المواطنين أمام شاحنات التوزيع، واضطرت النساء والأطفال إلى مطاردة الشاحنات التي تحركت من المكان المحدد مسبقاً، بعد عدم تمكنها من توزيع المساعدات على المواطنين بسبب غياب أي تنظيم، إذ جرى إرسال شاحنات المساعدات من دون التنسيق مع الهيئات والجمعيات المحلية، لتحضير قوائم بأسماء المحتاجين، وتحديد أوقات للاستلام.

وتنقلت شاحنات المساعدات من منطقة إلى أخرى هرباً بعد تزاحم المواطنين حولها أملاً في الحصول على كرتونة مواد غذائية، ما اضطر سائقي الشاحنات إلى الانسحاب نحو أحد المقار التجارية المغلقة، إلى حين إيجاد طريقة أخرى للتوزيع، من دون اعتبار لحاجة المواطنين لاستلام تلك المساعدات قبل حلول شهر رمضان المبارك.

وفتحت وزارتا الدفاع والداخلية المصريتان منافذ لبيع المواد الغذائية بأسعار أقل من السوق المحلي بفارق بسيط في مدينة العريش، مركز محافظة شمال سيناء، إلا أن الشكاوى لاحقت تلك المنافذ، والمنتجات المعروضة فيها، ولم تختلف الأسعار كثيراً عن مثيلتها في الأسواق.

يقول أحد وجهاء مدينة الشيخ زويد إن رجل الأعمال إبراهيم العرجاني أبلغ عدداً من مشايخ المدينة بنيته توزيع 2000 كيلو لحوم و5000 كرتونة مواد غذائية ضمن مبادرة “كتف في كتف”، وأنها سوف تصل إلى المدينة بعد صلاة يوم الجمعة الماضي، وبالفعل وصلت الشاحنات، وتجمع المواطنون بعد معرفتهم بمكان التوزيع، وحصلت مشاحنات بين المواطنين والموزعين، لا سيما أن غالبية القادمين لاستلام المساعدات كانوا من النساء وكبار السن، ما دفع سائقي الشاحنات إلى ترك المكان. فلاحق العشرات الشاحنات طمعاً في الحصول على المساعدات.

وأضاف المصدر السيناوي أن “ما جرى كان مشهداً مذلاً لأهالي سيناء الذين عبّر كثيرون منهم عن استيائهم من تلك الوقائع التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالحكومة المصرية تعد المتسبب في الظروف المعيشية السيئة التي يعيشها سكان سيناء، والتي تتجاوز الظروف التي أثرت على عموم مواطني البلاد، إذ تعرض أهالي سيناء إلى حصار تضررت من ورائه حياتهم وأرزاقهم منذ عام 2013 بحجة مكافحة الإرهاب، لكن الدولة بعد إعلان انتهاء الإرهاب، والذي تم بجهود أبناء القبائل، لم تعالج آثار تلك الفترة، ولم تقم بصرف التعويضات المالية اللازمة لمستحقيها ممن فقدوا أبناءهم أو منازلهم أو مصادر رزقهم من أراضٍ زراعية ومشاريع صغيرة. وبيّن أن “حالة من الغضب الشديد تسود في أوساط المواطنين، لكنها لم تلقّ أي اهتمام من المسؤولين عن قافلة المساعدات، ولا من المسؤولين الحكوميين، أو العسكريين الذين على تماس مباشر مع مشايخ قبائل سيناء، ويعرفون كل صغيرة وكبيرة في المنطقة، لكنهم صموا آذانهم عن تلك المهزلة التي أهدرت كرامة مئات المواطنين، والذين ما كانوا ليقفوا في هذه الطوابير لولا الظلم الذي تعرضوا له على مدار السنوات العشر الماضية، ورغم صبرهم على كل الظروف السيئة التي مروا بها، إلا أنهم لم يكافأوا على ما قدموه، بل زادت معاناتهم مع إعلان انتهاء الإرهاب وعودة الحياة إلى طبيعتها”.

وأطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أسبوع، مبادرة اجتماعية بعنوان “كتف في كتف” هدفها مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وقال في كلمة خلال إطلاق المبادرة من استاد القاهرة الدولي إنها تستهدف “المساهمة في تخفيف غلاء الأسعار نتيجة الأزمة الكبيرة التي يمر بها العالم”، مشيراً إلى أن “الحاضرين يمثلون جميع المصريين باختلاف طبقاتهم، وشريحة من المجتمع المصري تشمل رجال أعمال ورجال دولة يقومون بدور جميل في وقت صعب. المبادرة ستساهم في التخفيف عن المواطنين من خلال توزيع 6 ملايين صندوق مواد غذائية، وهذه الاحتفالية تتويج لجهود 300 ألف متطوع شاركوا خلال الأيام الأخيرة في تعبئة المواد الغذائية لتوزيعها على 20 مليون شخص في جميع محافظات مصر”.

وقال مسؤول في وزارة التضامن الاجتماعي إن “مرسل المساعدات إبراهيم العرجاني أراد أن يكون التوزيع مباشراً، وبعيداً عن الجهات الحكومية ومؤسساتها المنتشرة في سيناء، والتي تعمل على صرف مساعدات نقدية وعينية بشكل دوري من دون أي مساس بكرامة المواطنين، لكن العرجاني الذي كان على رأس قافلة المساعدات ابنه عصام، والذي يزور سيناء للمرة الأولى منذ عام 2013، أصر على توزيع المساعدات في وجود أفراد من المجموعات القبلية واتحاد قبائل سيناء، وبتغطية إعلامية محلية عبر نشطاء تابعين للاتحاد، بدلاً من حضور المسؤولين الحكوميين أصحاب الاختصاص”.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن “ما جرى لا يمكن السكوت عنه، ولا يجب السماح بتكرار التوزيع المباشر مرة أخرى، فمن أراد مساعدة أهالي سيناء عليه التنسيق مع الجهات صاحبة الاختصاص لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بشكل لائق، ومن دون تعريضهم لأي ابتزاز أو أذى من مسؤولي التوزيع”، مشيراً إلى أنه “تم إرسال عدة مخاطبات للمسؤولين عن حملة (كتف في كتف) لإيقاف هذا العمل العشوائي، وضمان التواصل عبر القنوات الرسمية المسؤولة عن مساعدة المحتاجين في شمال سيناء، بهدف التنسيق، وتحديد الطرق المناسبة لتوزيع المساعدات بشكل جيد”.

وتعيش محافظة شمال سيناء ظروفاً حياتية سيئة للغاية منذ الحصار العسكري الذي فرض عليها خلال سنوات الحرب على الإرهاب، والتي توقفت فيها كل تفاصيل الحياة، فيما هدم الجيش المصري عشرات المصالح الاقتصادية التي كان يعتاش منها المواطنين، فضلاً عن تجريف آلاف الأفدنة الزراعية التي كانت بمثابة سلة غذائية تكفي سكان المحافظة، بل وتصدر جزءاً منها إلى بقية المحافظات المصرية، ما أدى إلى وجود جيش من العاطلين عن العمل، وحتى الآن لا توجد أيّ خطة حكومية واضحة لمعالجة الآثار المعيشية للحرب على الإرهاب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here