مخالفات انتخابية تثير شكوكاً بشرعية البرلمان

مخالفات انتخابية تثير شكوكاً بشرعية البرلمان
مخالفات انتخابية تثير شكوكاً بشرعية البرلمان

أفريقيا برس – مصر. تثير نتائج المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان المصري التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات في مؤتمر صحافي أمس الأول الثلاثاء، شكوكاً كثيرة، على خلفية قرار الهيئة إلغاء الانتخابات كلياً في 19 دائرة على النظام الفردي من أصل 70 دائرة، بسبب الخروقات التي رافقت الاقتراع في هذه الدوائر، بينما لم تلغ الهيئة نتائج الانتخابات على نظام القوائم المغلقة في الدوائر نفسها، رغم أن المخالفات واحدة من مرشحي الأحزاب الرئيسية على النظامين، حيث كان الناخب يتلقى الرشى المالية والعينية (وفق ما وثقه مرشحون خاسرون) على أبواب اللجان لانتخاب هؤلاء المرشحين في الفردي والقائمة في بطاقتين للاقتراع.

وشملت قائمة الدوائر الفردية الملغاة سبع محافظات من إجمالي 14 محافظة أجريت فيها انتخابات المرحلة الأولى، هي الجيزة والفيوم وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة. وطاولت عملية الإلغاء أغلب الدوائر التي طعن مرشحون في نزاهتها بسبب ظاهرة شراء الأصوات والتلاعب في نتائج الفرز، وتوثيق ذلك بعشرات مقاطع الفيديو التي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن أهم الدوائر التي وثقت فيها الانتهاكات الانتخابية دائرة إمبابة في محافظة الجيزة، والرمل في الإسكندرية، وأبو حمص وإيتاي البارود في محافظة البحيرة، وإبشواي في الفيوم، والفتح في محافظة أسيوط، والمراغة وطهطا وجرجا ودار السلام في سوهاج، وقوص ونجع حمادي في محافظة قنا.

مخالفات في انتخابات البرلمان المصري

وقال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني عمرو هاشم ربيع، إن جميع دوائر المرحلة الأولى شهدت مخالفات انتخابية صارخة، وكان لا بد من إلغاء الانتخابات برمتها بدلاً من إبطال عملية التصويت في دوائر بعينها على النظام الفردي من دون نظام القائمة، ما يعكس معالجة “شكلية” للخروقات التي شابت مسار الانتخابات منذ بدايتها، استجابة من الهيئة فقط لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ”إلغاء الانتخابات كلياً أو جزئياً، في حال تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية”.

وأوضح ربيع أن الأحزاب الرئيسية لـ”القائمة الوطنية من أجل مصر” (تضم 12 حزباً موالياً) هي نفسها المتورطة في عمليات شراء أصوات الناخبين، من أجل التصويت لصالح مرشحيها معاً على نظامي الفردي والقائمة، وهو ما يطعن في شرعية النواب المنتخبين على نظام القوائم المغلقة، لا سيما الذين فازوا عن محافظة قنا، على سبيل المثال، التي أبطلت الهيئة جميع النتائج في دوائرها الفردية الأربع، نتيجة التلاعب في إرادة الناخبين بصورة تنال من نزاهة الانتخابات. وأبطلت الهيئة الوطنية نتائج الانتخابات في 11 دائرة من أصل 12 في محافظتي قنا وسوهاج (جنوب)، في حين أعلنت فوز 14 مرشحاً على نظام القوائم المغلقة عن سوهاج، وتسعة مرشحين عن قنا.

ووجّه ربيع اتهامات للهيئة بـ”عدم الاستقلالية” والانحياز إلى “القائمة الوطنية” بمنحها نصف مقاعد البرلمان المصري بـ”التزكية”، بعد استبعاد جميع القوائم المنافسة لها عند إعلان القوائم النهائية للمرشحين. وأضاف أن الهيئة الوطنية متورطة في إفساد العملية الانتخابية، من خلال استبعاد عدد من مرشحي المعارضة، أبرزهم النائب السابق هيثم الحريري، وغض الطرف عما أثير بشأن بيع بعض الأحزاب للمقاعد مقابل ملايين الجنيهات، وترشح عدد كبير على القوائم في غير الدوائر الأصلية لهم، بصورة لم تشهدها الانتخابات النيابية منذ فترة طويلة.

محاولة تنفيس الغضب الشعبي

من جهته، قال مصدر مطلع في الحركة المدنية الديمقراطية، التي تضم أحزاباً وشخصيات عامة مصرية معارضة، إن السبب الرئيس وراء توجيه السيسي بإلغاء الانتخابات في عدد من الدوائر هو حالة الغضب لدى العائلات الكبيرة في محافظات الصعيد، اعتراضاً على نتائج الفرز التي أعلنتها اللجان العامة في محافظتي سوهاج وقنا، اللتين شهدتا حالات تجمهر وقطع للطريق في مركز المراغة في سوهاج ومدينة قوص في قنا، اعتراضاً على وقائع التزوير “الفجة” التي شابت النتائج. وأضاف المصدر أن مجلس النواب المقبل هو المعني بمناقشة وتمرير المشروع المرتقب لتعديلات الدستور، الذي يهدف إلى تمديد ولاية رئيس الجمهورية حتى عام 2036 بدلاً من 2030، ولا يكون نافذاً إلا بطرحه للاستفتاء الشعبي، ومن ثم فإن احتواء عائلات الصعيد أمر مهم لتمرير التعديلات الدستورية شعبياً، لما تمتلكه من نفوذ وعصبيات قبلية قادرة على الحشد خلال عملية الاستفتاء لمصلحة السيسي.

واستطرد المصدر أن البرلمان المصري الجديد قد يُطعن في شرعيته أمام المحكمة الدستورية العليا من قبل مرشحين خاسرين، بسبب ما شاب قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر وأعمال التصويت والفرز من عوار، إذ إن الأحزاب الرئيسية التي تقود “القائمة الوطنية”، ممثلة في “مستقبل وطن” و”حماة الوطن” و”الجبهة الوطنية” و”الشعب الجمهوري”، هي المتورطة بشكل أساسي في المخالفات والتجاوزات التي تم رصدها في الدوائر الملغاة، ورغم ذلك اعتمدت الهيئة فوز مرشحيها على نظام القائمة المغلقة، وإبطال النتائج على الفردي.

وحصد حزب “مستقبل وطن” 85 مقعداً في الجولة الأولى من الانتخابات، 61 مقعداً منها على نظام القوائم المغلقة في دائرتي الصعيد وغرب الدلتا، و24 مقعداً على النظام الفردي. وتمكن جميع مرشحي الحزب من الفوز من الجولة الأولى أو دخول جولة الإعادة، من دون أن يخسر أي مرشح له، على غرار ما حدث في انتخابات مجلس الشيوخ التي فاز فيها جميع مرشحي الحزب على النظام الفردي بنسبة 100%.

من جهته، دافع عضو في الأمانة الفنية للهيئة الوطنية للانتخابات عن قرار الهيئة إبطال أصوات الناخبين على النظام الفردي في الدوائر الملغاة، من دون إبطال نتائج التصويت بنظام القوائم المغلقة، وقال طالباً عدم ذكر اسمه إن “الخروقات التي أثرت على إرادة الناخبين في هذه الدوائر متعلقة بالمرشحين الفرديين، الذين تغيرت مراكزهم الانتخابية بفعل خروقات الدعاية أمام مقار لجان الاقتراع، والتفاوت في الحصر العددي لإجمالي الأصوات الصحيحة بين اللجان الفرعية والعامة”. واستدرك بأن “القائمة الوطنية من أجل مصر ترشحت منفردة، ولذلك كان فوزها حتمياً بحصولها على نسبة تزيد على 5% من إجمالي عدد الناخبين المقيدين في كل دائرة للقوائم، وهو الأمر الذي تحقق في دائرتي الصعيد وغرب الدلتا بالمرحلة الأولى، حتى في حال استبعاد جميع الأصوات التي حصلت عليها القائمة في الـ19 دائرة الملغاة، حيث كانت ستحظى أيضاً بالنسبة المقررة قانوناً للفوز”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here