أفريقيا برس – مصر. وجّه سفير مصر في روما ومندوبها الدائم لدى منظمات الأمم المتحدة في إيطاليا بسام راضي رسالة حادة إلى الوفد الإثيوبي المشارك في المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول المياه، الذي نظمته منظمة الأغذية والزراعة (فاو) بالعاصمة الإيطالية. وقال السفير راضي مخاطباً رئيس الوفد الإثيوبي، وفق بيان وزعه على الصحافيين: “أنتم تريدون التفاوض إلى ما لا نهاية… كفاكم مراوغة، وعليكم الإفاقة من وهم السيطرة على نهر النيل”.
واستعرض السفير راضي أمام الحضور الجهود المصرية بقيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تطوير استراتيجية وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية، تقوم على تعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه في ظل ما تواجهه مصر من شح مائي متفاقم. كما أوضح حجم المشروعات القومية التي تنفذها الدولة في معالجة مياه الصرف، وتحلية المياه، وتحديث نظم الري والزراعة على مستوى الجمهورية، باعتبارها خطوات ضرورية لضمان الأمن المائي المصري في العقود المقبلة.
وفي المقابل، انتقد راضي ما وصفه بـ”الممارسات غير القانونية” التي تنتهجها إثيوبيا في حوض النيل الشرقي، مشيراً إلى أنها ترفض ـ منذ أكثر من عشر سنوات من التفاوض ـ تطبيق مبادئ القانون الدولي بشأن إدارة وتشغيل سد النهضة، وأكد أن الأمن المائي المصري قضية وجودية لا تقبل المساومة، وأن ما تقوم به أديس أبابا يؤثر على أمن واستقرار منطقة حوض النيل بأسرها.
وخلال الجلسة، قال رئيس الوفد الإثيوبي إن بلاده “ترحب دائماً باستئناف المفاوضات مع مصر في أي وقت”، وهو تصريح اعتبرته القاهرة تكراراً للخطاب التقليدي الذي لا يترجم على أرض الواقع. ورد السفير المصري بقوله: “أنتم تريدون التفاوض إلى ما لا نهاية وإضاعة الوقت دون التوصل إلى نتيجة”، مؤكداً أن مصر تنتظر التزاماً حقيقياً وجاداً من الجانب الإثيوبي، وليس مجرد دعوات شكلية.
وتأتي هذه المواجهة الكلامية في وقت تشهد فيه أزمة سد النهضة حالة من الجمود الكامل، بعد فشل عدة جولات تفاوضية رعتها الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، وانتهاء مسار “الاتفاق الرباعي” (مصر والسودان وإثيوبيا والولايات المتحدة) إلى طريق مسدود عام 2020. كما لم تسفر جولات التفاوض التي استؤنفت في 2023 و2024 عن أي تقدم، بعد تمسك إثيوبيا بالملء والتشغيل الأحاديين، ورفضها توقيع اتفاق ملزم يُنظم إدارة السد وفق قواعد واضحة.
وترى القاهرة أن التعنت الإثيوبي يهدف إلى فرض أمر واقع على دول المصب، عبر تحويل السد إلى أداة تحكم في تدفقات المياه، في انتهاك صريح لمبادئ القانون الدولي للأنهار الدولية، وبما يهدد حصص مصر المائية التي تعتمد بنسبة تفوق 97% على نهر النيل.
ويأتي التصعيد المصري في توقيت يتزايد فيه الاهتمام الدولي بقضايا المياه، بعد تحذيرات أممية من احتمالات تحول الصراع على الموارد المائية إلى بؤر توتر إقليمي، خاصة في أفريقيا. ويشير مراقبون إلى أن مخاطبة مصر للوفد الإثيوبي بهذه الصراحة تعكس رغبة القاهرة في تدويل رسالتها بأن الوضع الحالي بات غير قابل للاستمرار، وأن إثيوبيا تتحمل المسؤولية الكاملة عن حالة الانسداد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





