عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. شهدت عدة بلديات في غرب ليبيا خلال الأيام الماضية انتخابات محلية أظهرت نتائجها الأولية تقدماً ملحوظاً للقوائم المستقلة على حساب القوائم السياسية أو المؤدلجة، خصوصاً تلك المرتبطة بالجماعات المسلحة أو جماعة الإخوان المسلمين. ويُنظر إلى هذا التوجه كمؤشر مهم يعكس رغبة الليبيين في تجاوز الانقسامات التقليدية والتركيز على القضايا الخدمية والمعيشية.
في مدينتي طرابلس وزليتن، سجل المرشحون المستقلون حضوراً بارزاً. وفي هذا السياق، أكد الناشط المدني أحمد الفيتوري في حوار مع صحيفة ليبيا المستقبل أن “هذه النتائج تعكس شعور المواطنين بخيبة أمل من التجارب السابقة، سواء المرتبطة بالإخوان أو بالكيانات المدعومة من قوى مسلحة، فالمطلوب اليوم هو مجالس بلدية تهتم بالنظافة والخدمات والبنية التحتية”.
من جهته، وصف المحلل السياسي محمود إسماعيل الرملي، في تصريح لـ”أفريقيا برس”، تأخر إعلان نتائج الانتخابات بـ”المخيب للآمال”، مشيراً إلى أن السبب يعود إلى “الغموض والتشكيك في النتائج”. ودعا الرملي المفوضية إلى إعلان النتائج مهما كانت، أو النظر في إجراء انتخابات بديلة إذا كانت نسبة الإقبال ضعيفة، مشيراً إلى وجود العديد من الملابسات المتعلقة بنسبة المشاركة، وضرورة توضيح ذلك، لاسيما وأن المواطن يتوقع أن يبدأ التغيير من المستوى الأعلى، أما التوجه نحو البلديات فيراه البعض مجرد إلهاء.
وفي سياق متصل، شهدت بعض المدن احتجاجات أمام مفوضية الانتخابات في مدينة مصراتة، حيث طالب الناخبون بتوضيح أسباب تأخير إعلان النتائج، مؤكدين ضرورة حماية العملية الانتخابية من أي محاولات للتزوير.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة طرابلس، خالد المصراتي، في تصريح لمنصة ليبيا برس أن “صعود القوائم المستقلة يؤكد تحوّل مزاج الناخب الليبي نحو شخصيات محلية قابلة للمساءلة، بعيداً عن الخطابات الأيديولوجية والصراعات السياسية التي لم تقدّم أي تحسن ملموس في حياة الناس”.
ويرى محللون أن هذه المؤشرات المحلية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمشهد الوطني العام، ففي الوقت الذي تسيطر فيه حكومة الوحدة الوطنية على غرب البلاد، وتدعم الإدارة الشرقية بقيادة الجيش الوطني الليبي مناطق الشرق والجنوب، يعكس تصاعد نفوذ القوائم المستقلة رغبة المواطنين في تجاوز الاستقطاب بين المحاور الكبرى والبحث عن حلول عملية لمشاكلهم اليومية.
من جانبه، قدّم المحلل السياسي أحمد المهدوي قراءة مختلفة، إذ اعتبر في تصريح لصحيفة بوابة الوسط أن إعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن تجاوز نسبة التصويت ستين بالمئة فيه “مبالغة”، مشيراً إلى أن النسبة قد تكون غير دقيقة وتعكس صورة غير واقعية عن حجم المشاركة الشعبية.
وبينما لا تزال النتائج النهائية غير معلنة بعد، يرى مراقبون أن الانتخابات المحلية الأخيرة شكّلت “مختبراً شعبياً” لقياس المزاج العام في الشارع الليبي، وربما تحمل رسائل سياسية مؤثرة لكل من الغرب والشرق. وقد تمثل هذه التجربة خطوة أولى نحو بلورة مشهد سياسي أكثر استقراراً وواقعية، يعيد الأمل للمواطن الليبي في إدارة شفافة وخدمات حقيقية، بعيداً عن الاستقطاب والانقسامات التي حكمت البلاد لسنوات طويلة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس