آمنة جبران
أهم ما يجب معرفته
نصر الله السعيطي، المحلل السياسي، يبرز في حديثه تأثير الجماعات المسلحة على الحوار السياسي في ليبيا، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات تعرقل جهود التوصل إلى حل سياسي. كما انتقد دور البعثة الأممية في ليبيا، مؤكدًا أنها لم تعد شريكًا موثوقًا به في العملية السياسية، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي في البلاد ويؤثر على الاستقرار.
أفريقيا برس – ليبيا. أعلنت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هانا تيتيه، الأحد، عن انطلاق جلسات الحوار المهيكل في طرابلس بمشاركة 81 رجلًا و53 امرأة يمثلون: البلديات، والأحزاب السياسية، والجامعات، والمؤسسات الفنية والأمنية، ومكونات المجتمع المختلفة. هذا فضلًا عن مشاركة عامة من الراغبين عبر منصة إلكترونية أطلقت بالخصوص.
وبحسب البعثة، فإن الحوار المهيكل يهدف إلى توسيع المشاركة في العملية السياسية، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع الليبي، وبناء رؤية مشتركة لمستقبل البلاد، وذلك عبر توفير منصة لمختلف مكونات المجتمع الليبي لدراسة ومعالجة القضايا الأساسية للبلاد.
وفي حواره مع “أفريقيا برس”، استبعد نصر الله السعيطي، المحلل السياسي، أن “يحقق الحوار المهيكل نتائج إيجابية تضفي إلى حل لحالة الانسداد السياسي.”
ورأى أن “الجماعات المسلحة تعرقل جهود التوصل إلى حل سياسي في ليبيا، كما أنها تشكل خطرًا على مخرجات الحوار المهيكل.”
وأشار إلى أن “البعثة الأممية لم تعد شريكًا موثوقًا به في ليبيا”، مبينًا أن “مجلسي الدولة والنواب لا يبحثان بشكل جاد عن الحل بل يطيلان من أمد الحوارات والجولات التفاوضية بهدف الحفاظ على مكاسبهم السياسية.”
كيف تقرأون إطلاق جلسات الحوار المهيكل، وهل يمكن أن يشكل هذا المسار مدخلًا فعليًا لإنهاء الانسداد السياسي؟
من خلال متابعتنا للمشاريع السياسية السابقة، والتي اتخذت أشكال وأساليب عديدة ومسارات متعددة إلا أنها لم تفضي إلى أي حل للانسداد السياسي. وقد كانت تمرر بطريقة لا تلبي رغبة الشعب الليبي في تحقيق الاستقرار السياسي والأمن وتطوير المجال الاقتصادي والعسكري، بل قامت على تلبية رغبات أطراف محلية وتحت ضغط تحقيق مصالح دول كبرى وبدعم البعثة الأممية، كل هذه تجعلنا نستنتج أن الحوار المهيكل شأنه شأن التجارب السابقة.
مع استمرار وجود الجماعات المسلحة، هل يمكن للحوار المهيكل أن يعالج ملف الأمن بشكل عملي؟
الجماعات المسلحة هي أحد عوائق الحل لأنها تمتلك القوة على الأرض ومدعومة من أطراف محلية وخارجية، وهي تشكل خطرًا على آلية مخرجات الحوار.
ما مدى جدية الأطراف الليبية في الدفع نحو إجراء الانتخابات، أم أن هناك محاولات متعمدة من الداخل والخارج لإعاقة هذا المسار؟
نعم هناك أطراف محلية تسعى إلى عرقلة الوصول إلى الانتخابات وتختلق كل الأسباب لعدم الوصول إلى الاستقرار السياسي، وذلك حفاظًا على ما تحصلت عليه من امتيازات مادية ومعنوية وبناء الدولة المؤسساتية.
هل ترون أن البعثة الأممية تعمل وفق مصالح دول كبرى أكثر من كونها وسيطًا محايدًا، وهل هي قادرة على تنظيم الاستحقاق الانتخابي القادم؟
لم تعد البعثة الأممية الوسيط الموثوق به لإيجاد الحل بل هي أداة لإدارة الوضع أكثر من بحثها للحلول، وتأثير الدول الكبرى عليها واضح، والانتخابات يترتب عليها قيادة سياسية قد لا تلبي رغبة هذه الدول.
كيف تقيّمون أداء مجلسي النواب والدولة في ظل التعثر المستمر للوصول إلى توافق سياسي؟
مجلسي الدولة والنواب قد يكونا علنًا مع الانتخابات، ولكن الحقيقة هي أن نتائج الانتخابات قد تجعلهما خارج المشهد السياسي وهذا ما يجعلهما لا يبحثان بشكل جاد عن الحل بل يطيلان من أمد الحوارات والجولات التفاوضية، وهما يمثلان الأصدقاء، الأعداء، في نفس الوقت.
كيف يمكن لليبيين تجاوز التدخلات الخارجية وبناء توافق وطني حقيقي؟
طالما ليبيا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وتحت وطأة عقوبات مجلس الأمن يصعب تجاوز ذلك، إلا إذا طرد الشعب الليبي كل القواعد الأجنبية وقيد حركة المبعوثين والسفراء، وقرر جميع الليبيين الاتفاق على كلمة واحدة، حينها نستطيع التحدث عن توافق وطني حقيقي.
برأيكم، هل يمكن أن يشكل تشكيل حكومة موحدة مدخلًا حقيقيًا لحل الأزمة؟
تشكيل حكومة مؤقتة بدون أدوات نجاحها عملية عبثية ليس لها جدوى، وأمامها تحديات كبيرة من المؤسسات المنقسمة لعدم سيطرتها على المناصب السياسية.
ذكرتم أن الحل يبدأ بتسليم زمام الأمور لـ”رجل قوي يقود البلاد”، ما مواصفات هذا القائد الذي يمكن أن تقبل به جميع الأطراف وينجح في تحقيق الاستقرار؟
الرجل القوي يمكن إيجاده حسب معايير وطنية، ولكن التوافق عليه مسألة عددية وجهوية وتؤثر عليها التوجهات الفكرية والأيديولوجيات.
ما السيناريوهات المحتملة للأزمة الليبية خلال عام 2026 إذا استمر الانسداد السياسي الحالي؟
السيناريوهات المحتملة خلال العام القادم هي استمرار الوضع القائم على تدمير ليبيا نهائيًا أو تقسيمها، وأتوقع أن يخرج الشعب الليبي بعد ذلك ليؤكد دعمه للقيادة العامة ممثلة في المشير خليفة حفتر.
هل تواجه ليبيا خطر اختلال توازنها الديمغرافي بسبب اتساع ظاهرة تزوير الرقم الوطني ووثائق الهوية الوطنية؟
نعم ليبيا تواجه خطر التغير الديمغرافي وليس بالتزوير فقط بل بالتوطين والهجرة، فليبيا منطقة ضغط منخفض عدديًا وجغرافيًا من الدول المحيطة المكتظة والتي تعاني من قلة الموارد وكبر المساحة، وهذه العوامل قد تشكل خريطة ليبيا السياسية والاجتماعية في المستقبل.





