نسرين سليمان
أفريقيا برس – ليبيا. أبعاد سياسية كبيرة جدا وراء اتفاق مجلس النواب ومجلس الدولة الليبي الجديد حول تغيير متقلدي المناصب السيادية بعد خلاف طويل حول هذه القضية بين الجسمين، حيث ورغم المشاورات السابقة في المغرب التي أوصلت هذا المسار إلى مرحلة متقدمة توقف الحديث عنه لأشهر طويلة اثر خلاف بين المجلسين.
التوقيت الزمني لطرح هذا المسار مجددا جاء تزامنا مع رغبة البرلمان تقوية الحكومة المعينة من قبله وبسبب رفض المؤسسات السيادية التعامل معه كجسم تشريعي ورفضها الانصياع تحت امرته.
فرغم قيام البرلمان بمخاطبة رؤساء الاجسام السيادية لأكثر من مرة والتي من أهمها ديوان المحاسبة والرقابة الادارية ومصرف ليبيا المركزي لم يجد اي استجابة تذكر، واستمرت هذه الاجسام في دعم عمل حكومة الدبيبة وخاصة مصرف ليبيا المركزي الذي رفض تمويل ميزانيات حكومة باشاغا واكتفى بتمويل ما تحتاجه حكومة الدبيبة.
كل هذه المؤشرات دعت مجلس النواب إلى الاسراع في وضع حد لضم هذه الاجسام مجددا تحت سلطته وامرته، ورغم أن الاتفاق السياسي قد خول له هو ومجلس الدولة السير في هذا المسار الا أن اشارات الاستفهام دارت حول سبب التعاطي مع هذا المسار الان تحديدا ونوايا مجلس النواب من هذا التفعيل في هذا التوقيت مع تواجد حكومة اخرى.
سيطرة حكومة الدبيبة على المنطقة الغربية من ليبيا والتي تحتضن اهم المؤسسات السيادية، والتي تتدفق لها أموال النفط من خلال المصرف المركزي ومؤسسة النفط، أعاقت عمل البرلمان وحكومته وجعلت حتى المسارات الموازية تهدد بالخطر في حال رفض الدبيبة التعامل معها والانصياع لنتائجها.
هذه الحقيقة جعلت البرلمان ومجلس الدولة يناقشون حسب مصادر اعلامية متطابقة فكرة انشاء حكومة مشتركة بين الحكومتين لترضية الطرفين وللتمكن من العمل في بيئة واحدة، الا أن الخوض في مسار المناصب السيادية يبدو وأنه الخطوة الاخيرة التي سيخطوها الجسمان قبل التوجه للخيار غير المحبذ وهو تشكيل حكومة ترضية.
الخوض في مسار المناصب السيادية في هذا التوقيت أثار جدلا وردود فعل متعددة بين ترحيب ورفض، فقد استشعر الدبيبة خطر هذه الخطوة على استقرار منصبه الذي يستمد قوته من هذه الاجسام السيادية، فكان اول الرافضين لهذه الفكرة.
حيث قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إن الحديث عن مسارات موازية مثل تقاسم المناصب السيادية لم يعد مقبولا مضيفا أن الليبيين يطالبون الجميع بالإيفاء بالتزاماتهم تجاه الانتخابات حسب تغريدة على حسابه بموقع تويتر الجمعة.
ووجه حديثه إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري قائلا “أجدد مطالبتي للسيدين عقيلة والمشري بالإسراع في اعتماد قاعدة دستورية عادلة، تنهي المشكل القانوني الذي يمنع إجراء الانتخابات كما حصل في ديسمبر الماضي”.
الا أن رد فعل الدبيبة اغضب المشري حيث سرعان ما رد على الدبيبة، عبر حسابه على موقع تويتر، قائلا “سيد عبد الحميد كفى بيعاً للأوهام للشعب عليك بتوفير العلاج لمرضى الأورام والكتاب المدرسي لأبنائنا الطلبة، ولا علاقة لك بما هو ليس من اختصاصك ولا صلاحياتك؛ فقط قم بعملك”.
الاتفاق بين المجلسين كان بمثابة المكسب للمبعوث الاممي الجديد الذي سيحسب هذا له انجازا مع بداية قدومه رغم عدم مساهمته في صنعه حيث رحب الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، السبت، باستئناف الحوار بين رئيسي مجلسي النواب المستشار عقيلة صالح، والأعلى للدولة خالد المشري، وحث جميع القادة الليبيين على الانخراط في حوار شامل باعتباره السبيل الوحيد لتجاوز المأزق الحالي وتلبية تطلعات الشعب الليبي.
اما المجتمع المدني فقد انقسم هو الاخر بين مؤيد لرأي الدبيبة وبين مرحب باتفاق المشري وعقيلة حيث وصف حزب العدالة والبناء الاتفاق بين رئيسي مجلسي النواب عقيلة صالح والأعلى للدولة خالد المشري، حول توحيد المناصب السيادية، بـالحدث السياسي المفاجئ مطالبًا المجلسين بإنجاز ما أنيط بهما من واجب وطني متمثلًا في سرعة إنجاز القاعدة الدستورية التي تؤسس للانتخابات.
فيما رحب رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان، السبت، باستئناف الحوار بين رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة والاتفاق على إطار زمني محدد لإنجاز توحيد السلطة التنفيذية والمناصب السيادية قبل نهاية العام الجاري.
وخلص لقاء بين مجلسي النواب المستشار عقيلة صالح، والأعلى للدولة خالد المشري، في المغرب الجمعة، إلى اتفاق بشأن توحيد السلطة التنفيذية والمناصب السيادية، فضلًا عن التوافق بشأن الخطوات اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وكان المغرب قد احتضن منتصف العام الماضي اجتماعات للمجلسين، اتفقا فيها على تقاسم المناصب السيادية على أساس الأقاليم الثلاثة، وبدأ المجلسان بقبول ملفات المترشحين لها، دون أن يسفر ذلك عن أي نتائج.
وينص الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات على 7 مناصب سيادية: محافظ المصرف المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، إضافة إلى رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا ومنصب النائب العام.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس