بعد حفل المتحف: أطباء بلا مرتبات والمرضى يدفعون الثمن

بعد حفل المتحف: أطباء بلا مرتبات والمرضى يدفعون الثمن
بعد حفل المتحف: أطباء بلا مرتبات والمرضى يدفعون الثمن

أفريقيا برس – ليبيا. وجّهت طبيبة ليبية رسالة على صفحتها في فيسبوك، هنّأت فيها رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، على افتتاح المتحف الوطني ليلة الجمعة الماضية، لكنها قالت بحسرة إن الكوادر الطبية ستعود الآن إلى العمل بلا مرتبات، بينما يُترك المرضى بلا علاج.

وقالت الطبيبة خديجة الهادي حقيق، في منشورها، إنها كانت سعيدة ببرنامج إعادة افتتاح المتحف الوطني، وحضرت بنفسها مراسم الافتتاح، ووصفت الحدث بأنه “حفل متقن يدعو للفخر، ويؤكد أن ليبيا قادرة على الإبداع حين تتوفر الإرادة والإمكانيات والدعم”.

لكن حقيق سرعان ما عبّرت عن شعورها بالخذلان، بصفتها طبيبة جراحة مسالك تعمل في مستشفى طرابلس الجامعي، أكبر مستشفى في العاصمة الليبية، مؤكدة أنها تعمل من دون مرتب منذ ثلاث سنوات حتى الآن.

وقالت: “وبقدر ما أعجبني هذا البرنامج، كان قلبي مثقلًا بالألم”

وأقامت حكومة الوحدة الوطنية، يوم الجمعة الماضية، حفل إعادة افتتاح المتحف الوطني بعد إغلاق دام قرابة 14 عامًا منذ سقوط نظام القذافي في الانتفاضة الشعبية عام 2011. وشهد الحفل فقرات فنية وعروضًا وألعابًا نارية زيّنت ميدان الشهداء وسط المدينة، بحضور ضيوف من سفراء وصحفيين وفنانين أجانب، ما أثار غضب مواطنين علّقوا على صفحات الحكومة بأن مرتباتهم المتأخرة هي التي دُفع منها ثمن الحفل.

وتقول الطبيبة حقيق، إن الألم سببه عودتها إلى العمل، فقالت: “وأنا على يقين بأنني، مثل آلاف الأطباء، لم أتقاضَ راتبي منذ ما يقارب ثلاث سنوات أو أكثر، ونحن ننتظر الإفراج عن مرتبات لا تتجاوز 150 دولارًا شهريًا”.

وبحسب بيانات مصرف ليبيا المركزي، أنفقت حكومة الوحدة الوطنية، من بداية العام وحتى شهر نوفمبر، 61.2 مليار دينار ليبي على بند المرتبات، إضافة إلى قرابة 4.5 مليارات دينار لوزارة الصحة فقط.

حصلت ليبيا على 13 نقطة من أصل 100 في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. وبلغ متوسط مؤشر الفساد في ليبيا 19.71 نقطة خلال الفترة من 2003 إلى 2024.

وقالت الطبيبة إن المستشفى التي تعمل بها تفتقر إلى أبسط الإمكانيات، وهو ما يعكس واقعًا يدفع مئات الليبيين إلى السفر خارج البلاد، إلى تونس ومصر والأردن، لتلقي العلاج بسبب هشاشة خدمات القطاع الصحي في بلد منتج للنفط.

وأضافت حقيق أنها ستعود لإجراء العمليات، وعبرت قائلة: “ولكنني سأُجبر مرة أخرى على مطالبة أهالي المرضى بشراء أبسط المستلزمات، مثل دواء الباراسيتامول أو الشاش المعقم”.

وأشارت إلى أن المستشفى التي تعمل بها قد لا يجد فيه المرضى سريرًا في العناية الفائقة، ما قد يجبر المواطن محدود الدخل على التوجه إلى المصحات الخاصة ودفع مبالغ قد تصل إلى خمسة آلاف دينار ليبي في الليلة الواحدة، أي قرابة 600 دولار أميركي.

وقالت: “لا يملك مستشفانا سوى أربعة أسرّة عناية مركزة في عاصمة يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة”.

وأضافت الطبيبة أن ما يزيد الوضع قسوة هو حال الأطفال الذين يولدون بتشوهات خلقية تحتاج إلى تدخل جراحي، ولا تستطيع تحمّل تكاليفه إلا العائلات المقتدرة ماديًا، بينما يُتركون ليعودوا إلى منازلهم ويموتوا بصمت.

كما قالت حقيق، وهي ابنة الكاتب والصحفي والباحث في التراث والفنان المعروف الهادي حقيق، إن ما يتذكره الأطباء بعد انتهاء الحفل هو أن تدريبهم يتم “على الورق فقط”، أو اضطرارهم لدفع أموال خارج ليبيا للحصول على التخصص، في وقت تعيش فيه أسر ليبية “على انتظار فتات مرتبات متأخرة منذ أشهر لتأمين أساسيات الحياة من دقيق وزيت، بينما تشاهد مظاهر احتفال وبذخ من سفن طائرة واستعراضات وأوركسترا عالمية”.

وختمت حقيق رسالتها الموجهة إلى الدبيبة بالقول إنه، بقدر ما أحبّت حفل افتتاح المتحف الوطني وشعرت بالفخر به، كان قلبها حزينًا على شعبها البسيط، “شعب يعاني بصمت، وشديد الكبرياء إلى حدّ يحسبه الجاهل غنيًا من التعفف”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here