تحركات حفتر تثير تساؤلات الليبيين حول محاولات «تكريس حضوره»

تحركات حفتر تثير تساؤلات الليبيين حول محاولات «تكريس حضوره»
تحركات حفتر تثير تساؤلات الليبيين حول محاولات «تكريس حضوره»

علاء حموده

أفريقيا برس – ليبيا. عاد قائد «الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، ليطرح مجدداً رؤيته حول «مرحلة سياسية جديدة يقودها الليبيون»، في ظهور ثانٍ له خلال أقل من شهر، وهو ما أثار تساؤلات بشأن مسعاه لـ«تكريس حضوره فاعلاً محلياً» يتجاوز حسابات البعثة الأممية وخريطتها، التي تتضمن «حواراً سياسياً مهيكلاً» بات قاب قوسين أو أدنى.

خلال لقائه مشايخ وأعيان المنطقة الوسطى في بنغازي، الأحد، أعاد حفتر التأكيد على أن حل الأزمة «يجب أن ينبع من إرادة الشعب وبمساندة القبائل، دون انتظار أي مبادرات خارجية»، مؤكداً «تقديره للجهود الدولية والمحلية الرامية إلى إنهائها».

والملاحظ أن حفتر سعى في خطابه الأخير أمام قيادات قبلية إلى تخفيف نبرته السياسية السابقة تجاه المسار الأممي لحل الأزمة الليبية، وهو الذي قال في تصريحات أمام قادة قبليين في وقت سابق من هذا الشهر إنه «لا يمكن لخريطة نُسجت خيوطها وراء الحدود أن تبني دولة حرة كاملة السيادة».

وتعزز لقاءات حفتر المتكررة مع القبائل اعتقاد نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الليبي، حسن الطاهر البرغوثي، بأن حفتر «يتجه فعلياً نحو دعم مرحلة سياسية جديدة، تقوم على الحلول الليبية الخالصة، وخارج حسابات البعثة الأممية». مضيفاً أنه «يجب رفض الحلول المفروضة من الخارج، وإنهاء تبعية القرار الليبي للمبادرات الخارجية، لأنها تطيل أمد الأزمة ولا تنهيها»، ومؤكداً أن «الحلول المبنية على إرادة مباشرة من الشعب هي المنقذ لليبيا من الضياع».

وكانت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، قد أعلنت في أغسطس (آب) الماضي عن «خريطة طريق» جديدة لإنهاء المرحلة الانتقالية، خلال 12 إلى 18 شهراً، تتضمن إعداد إطار انتخابي، وتشكيل حكومة موحدة، وإطلاق حوار مهيكل شامل.

غير أن هذه الخريطة الأممية تبدو، وفق رؤية البرغوثي، «مثل سابقاتها، بحيث لم تُحدث أي تغيير فعلي، رغم مضي المهل الزمنية المعلنة»، عادّاً أن هذا المسار «يعزز فقدان الثقة في المسار الأممي لدى غالبية الليبيين، بعد فشل كل الحوارات السابقة في توحيد المؤسسات وتحقيق الاستقرار».

وحسب البرغوثي فإنه «لا خيار سوى تجاوز المسارات التي أقصت الليبيين عن تقرير مصيرهم، وفتح المجال أمام الحراك الشعبي الوطني لتصحيح المسار السياسي، وبناء دولة جديدة تستمد شرعيتها من إرادة الليبيين وحدهم»، مشدداً على ضرورة «رفض أي حلول مفروضة من الخارج، وإنهاء تبعية القرار الليبي للمبادرات الدولية، التي لم تفضِ إلا إلى إطالة أمد الصراع».

ويخلص محللون في شرق ليبيا إلى أن «حفتر يستعد لمرحلة جديدة، بغض النظر عن حسابات الأمم المتحدة. مرحلة تنهي فترة انتظار مبادرات ومشاريع أجنبية تقدم مقترحات لليبيين، إلى أخرى تتجه للبحث عن توافقات ومقترحات الليبيين أنفسهم»، وهي رؤية الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أحمد التهامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

أما من منظور الدبلوماسي الليبي، محمد شعبان المرداس، فإن لهذا التحرك زاوية أخرى للتقدير، إذ يرى أن حفتر «يواجه ضغطاً شعبياً من ممثلي قبائل في المنطقة الغربية لتفويضه لقيادة البلاد، ووضع حد للأجسام السياسية التي تطيل أمد الحوار»، حسب قوله.

ووفق هذا التقدير، تتعدد التكهنات إزاء ملامح مرحلة جديدة، ربما يدشنها «الجيش الوطني»، في بلد يعاني انقساماً مزمناً بين حكومتين، إحداهما في غرب البلاد برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في شرقها وأجزاء واسعة من الجنوب، برئاسة أسامة حماد.

أما النائب الليبي، حسن البرغوثي، فيتوقع في تصريحاته أن «تعيد هذه المرحلة السياسية الجديدة الاعتبار للقوى الوطنية والعسكرية والاجتماعية، باعتبارها الركائز الأساسية لتجاوز حالة الجمود السياسي الراهن»، مرجحاً «تمكين المبادرات الوطنية والمجتمعية، لا سيما تلك التي تمثلها السلطة التشريعية، ومجالس مشايخ وحكماء القبائل، بوصفها القوى الحية القادرة على قيادة حوار داخلي حقيقي».

وأكد البرغوثي «دور الجيش الوطني، باعتباره الضامن لإرادة الشعب وحامي الشرعية المستمدة من الداخل، في مواجهة أي محاولات للالتفاف على القرار الشعبي، أو فرض تسويات خارجية»، حسب تعبيره.

ومع ذلك، لا يخلو هذا التوجه المحلي من تحديات، إذ يرى بعض المراقبين أنه قد يصطدم بمقاومة دولية في ظل تمسك البعثة الأممية بمسارها.

وفي هذا السياق، يقول المرداس إن «حفتر قد يواجه مقاومة دولية، لكن فرض الأمر الواقع حالياً يقوي موقفه على طاولة المفاوضات، أو يقود إلى رفع سقف المطالب»، عادّاً أن «ضغوط القبائل ودعمها قد تمنح حفتر زخماً داخلياً في مواجهة الموقف الدولي، حتى لو واجه مقاومة من بعض الأطراف الخارجية».

لكن التهامي يعتقد أن «المجتمع الدولي أضعف من أن يبدي أي مقاومة، لأنه في الأصل منقسم بشأن الأزمة الليبية».

وتأتي هذه التحركات في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الحكومة المكلفة في الشرق والبعثة الأممية، بعد أن قدّم رئيس الحكومة أسامة حماد شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، متهماً المبعوثة تيتيه بـ«التدخل في شؤون مفوضية الانتخابات، ومحاولة فرض آليات لتشكيل مجلسها».

في المقابل، لا يرى الباحث المتخصص في الشأن الليبي، جلال حرشاوي، ملامح محددة لمرحلة جديدة تنطلق من شرق البلاد، وأوضح أن «قائد قوات القيادة العامة يريد توجيه رسائل مزدوجة للداخل والخارج»، مبرزاً أنه «يخاطب القبائل الليبية باعتبارها عمق شرعيته الاجتماعية، ويبعث في الوقت ذاته إشارات تحذير إلى المجتمع الدولي، مفادها أن أي تسوية لن تمرّ دون حضوره أو موافقته».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here