علاء حموده
أفريقيا برس – ليبيا. استدعت واقعة تم تداولها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، حول فيديو نسب لمسؤول سياسي سابق، «حملات التشويه والاغتيال المعنوي»، التي يرى حقوقيون وقانونيون أنها تستهدف النيل من الخصوم السياسيين.
ونفى نجل شقيقة رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق، مصطفى عبد الجليل، صحة التسجيل المزعوم الذي جرى تداوله لهذا الأخير، ورأى أنه «مفبرك»، فيما لم يصدر أي تأكيد رسمي يتعلق بصحة هذا الفيديو.
ويعتقد المستشار القانوني والحقوقي، هشام الحاراتي، أن هذا التسريب، وغيره من الممارسات المشابهة خلال السنوات الأخيرة، بات يُعد «أحد الأسلحة في حملات التشويه والاغتيال المعنوي، وتصفية الحسابات بحق سياسيين ليبيين، سواء كانوا وزراء أو نواباً برلمانيين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الواقعة الأخيرة «وبغض النظر عن مصداقيتها، فإنها مدانة لما تحمله من انتهاك للخصوصية، ترافقها ضجة إعلامية واسعة، وانتشار غير مسبوق».
وترافق ذلك مع ما وصفه محللون بأنه «تغير خطير» في معركة الخصومة السياسية، مع تباين ردود الفعل الشعبية تجاه التسريب الأخير، الذي طال رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق حيال الواقعة، لا سيما مع من عده «محاولة للنيل من رمز وطني خدم البلاد بشرف.
ومن منظور حقوقي، رأى رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، أن هذه الواقعة وغيرها «تمثل أسلوباً متبعاً للتخلص من الخصوم وتشويههم»، وقال إن «البيئة الرقمية المنفلتة جعلت أي شخص عرضة للتشهير، وسط ضعف آليات الردع القانوني».
وعبدالجليل ليس أول شخصية ليبية تتعرض لمثل هذه الحملات؛ ففي عام 2014 واجه عضو المجلس الرئاسي السابق، فتحي المجبري، شائعات عن علاقة مزعومة مع سيدة من جنسية عربية، وأوضح وقتها أنها «تعمل في منصب رسمي»، وأن ما تم تداوله «أبعد ما يكون عن الواقع».
كما عمدت بعض حسابات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة إلى الترويج لمقاطع مصوّرة لأحد البرلمانيين الليبيين في برامج تلفزيونية، تدّعي أنه في «حالة سكر»، ولآخر في حمام شعبي، ومشاهد مخلة لنائب ثالث.
كما تعرض رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح، لحملة إلكترونية قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2021، اتهمه فيها خصومه بـ«تزوير الوثائق والتعاون مع دول أجنبية»، وردّ الأخير على هذه الاتهامات بالقول إنها «حملة تشويه منظمة، تهدف إلى تعطيل العملية الانتخابية».
وكان خالد المشري، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، هدفاً لحملة قبل 6 سنوات، اتهم فيها بـ«الفساد والكسب غير المشروع»، دون أن تصل هذه الاتهامات إلى تحقيقات أو أحكام قضائية.
ولا تستثني هذه الحملات أيضاً النساء السياسيات؛ ففي عام 2021 اضطرت المرشحة البرلمانية، حنان الفايدي، إلى الانسحاب من السباق الانتخابي بعد انتشار شائعات عن اغتيالها،
كما وثّقت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تزايد المضايقات الإلكترونية ضد الصحافيين، إذ أفاد 92 في المائة من المشاركين في استطلاع أجرته البعثة بتعرضهم لـ«التحرش أو التشهير عبر الإنترنت».
وعلاوة على دوافع الخصومة السياسية، لا يستبعد الحقوقي ناصر الهواري «ضلوع عصابات خارجية وراء بعض هذه الوقائع بهدف ابتزاز السياسيين الليبيين»، وفقاً لتصريحه لـ«الشرق الأوسط».
وحسب أرقام رسمية، باتت الشائعات إحدى الأدوات المعروفة في هذه الحملات، حيث رصدت «مفوضية الانتخابات» 332 حالة شائعة، أو منشوراً مضللاً حول العملية الانتخابية في يوليو (تموز) الماضي، معظمها يهدف إلى «التشكيك في نزاهة المفوضية وإرباك الناخبين».
ويرى متابعون وقانونيون أن تصاعد هذه الظاهرة يعكس «هشاشة البيئة الإعلامية والانقسام السياسي»، ما يجعل التشهير «أداة فعالة لإقصاء الخصوم».
وفي هذا السياق طالب خبراء بـ«تفعيل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية»، الصادر قبل ثلاث سنوات، و«إنشاء آليات وطنية للتحقق من صحة المواد الرقمية»، و«تنظيم الفضاء الرقمي عبر التحقق من هوية المستخدمين للحد من الابتزاز الإلكتروني والتشهير».
وتصدى المستشار السابق بالمحكمة العليا الليبية، جمعة عبد الله بوزيد، إلى هذه الظاهرة، ودعا عبر منشور له على «فيسبوك» إلى «تشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم الإلكترونية»، مطالباً الجهات الأمنية والقضائية بملاحقتهم بجدية، إضافة إلى توعية المجتمع بعدم المشاركة في نشر الشائعات والمحتوى الضار.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس
 
            