قادة التشكيلات في ليبيا..من النفوذ إلى «الملاحقة» والاغتيال

0
قادة التشكيلات في ليبيا..من النفوذ إلى «الملاحقة» والاغتيال
قادة التشكيلات في ليبيا..من النفوذ إلى «الملاحقة» والاغتيال

جاكلين زاهر

أفريقيا برس – ليبيا. أعادت محاولة اغتيال معمر الضاوي، آمر «الكتيبة 55 مشاة» المتمركزة جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس، تسليط الضوء على التحولات، التي طرأت على وضعية قادة المجموعات المسلحة في ليبيا، بعد سنوات من النفوذ والحصانة، حيث بات هؤلاء محاصرين بين مطرقة التصفية الجسدية وسندان الملاحقة القضائية، محلياً ودولياً.

وترجع تقديرات سياسية وحقوقية هذا التحول إلى عدة أسباب؛ أبرزها نشاط المحكمة الجنائية الدولية في إصدار مذكرات اعتقال بحق بعضهم، إلى جانب تغير علاقة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة معهم، من التحالف إلى الصراع، خصوصاً في المنطقة الغربية.

في هذا السياق، يقول عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب الليبي، علي التكبالي، لـ«الشرق الأوسط» إن تحالف هؤلاء القادة مع حكومة «الوحدة» منذ 2021 منحهم حصانة حالت دون ملاحقتهم. مضيفاً أنه «جرى شرعنة وضع أمراء الحرب في عهد حكومة (الوفاق الوطني)، عبر ربط تبعية بعضهم بالمؤسسات السيادية والأجهزة الأمنية، مما وفّر لهم غطاءً ضد الملاحقة، رغم تورطهم في جرائم قتل وتعذيب وتهريب البشر والوقود».

* انهيار التحالف

قبل شهرين على محاولة اغتيال الضاوي، الميليشياوي البارز في ورشفانة، شهدت المدينة نفسها مقتل رمزي اللفع، آمر «السرية الثالثة»، التابعة لحكومة «الوحدة»، وخمسة آخرين، بينهم اثنان من أشقائه، في حلقة من سلسلة اشتباكات اقتتال المجموعات المسلحة بالمدينة.

وبحسب التكبالي، فإن هذا التحالف انهار مطلع العام الحالي، مرجعاً ذلك إلى سعي بعض القادة للسيطرة على مؤسسات الدولة، ورغبة الدبيبة في أن يكون الممثل الوحيد للسلطة السياسية والعسكرية في الغرب الليبي على أي طاولة مفاوضات ترعاها البعثة الأممية.

في هذا السياق، يستشهد مراقبون بتناقض تصريحات الدبيبة؛ فبينما وصف قادة المجموعات المسلحة في السابق بأنهم «أبناء الشعب وفلذات أكباده»، عاد بعد مواجهات مسلحة في طرابلس قبل أشهر ليحذّر من تحولهم إلى «دولة داخل الدولة… يقومون بابتزاز مؤسساتها».

ومنذ مايو (أيار) الماضي، تعيش طرابلس على وقع «هدنة هشة»، بعد قتال عنيف بين قوات موالية لحكومة «الوحدة»، وعناصر مسلّحة تابعة لـ«جهاز الردع»، الذي يعد من أكبر المجموعات المسلحة، التي تصاعد نفوذها الأمني والسياسي على مدار السنوات الماضية. وجاء ذلك بعد جولة مواجهات اندلعت في الشهر نفسه، وذلك في أعقاب مقتل رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، الميليشياوي عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة».

* ضغط زائد على قادة التشكيلات

يرى التكبالي أن هذا الصراع «ضاعف الضغط المحلي والدولي على هؤلاء القادة، لا سيما مع توظيف الدبيبة مذكرات القبض الدولية بحق بعضهم، على خلفية اتهامهم بالقتل، مثل حالة أسامة نجيم».

وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في يناير (كانون الثاني) الماضي مذكرة توقيف بحق نجيم، آمر جهاز الشرطة القضائية ورئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل في طرابلس السابق، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما أعلنت السلطات الألمانية قبل شهرين اعتقال خالد الهيشري، الملقب بـ«البوتي»، القيادي بالجهاز نفسه، تنفيذاً لمذكرة ضبط صادرة عن الجنائية الدولية بالتهم ذاتها.

ويشارك وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد البرغثي، الرأي ذاته، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «تصفية الككلي، والصراع بين الدبيبة و(جهاز الردع)، ومذكرات الجنائية الدولية الصادرة بحق قيادات الجهاز وأسماء أخرى، بددت كثيراً من هالة النفوذ التي أحاطت بهم».

وتوقع البرغثي أن يفتح ذلك الباب أمام مزيد من محاولات الاغتيال، التي تستهدف قيادات الصف الثاني بتلك المجموعات، «إما بدافع الثأر وإما الطموح لوراثة النفوذ والثروات، المتأتية من الأنشطة غير الشرعية مثل التهريب والابتزاز».

من جهته، يرى الناشط السياسي، حسام القماطي أن مذكرات القبض الدولية هي العامل الأبرز في إرباك وضعية أمراء الحرب في عموم البلاد. وقال موضحاً لـ«الشرق الأوسط» إن «دورة العنف بين الميليشيات ليست جديدة، فقبل اغتيال الككلي، تم اغتيال قائد الأكاديمية البحرية في جنزور، عبد الرحمن ميلاد (البيدجا)، الذي ارتبط اسمه بتهريب البشر بمدينة الزاوية».

ورغم تصاعد صراع «الردع» مع الدبيبة، يشكك القماطي في جدية الأخير في «محاربة الميليشيات»، مشدداً على أنه «يستهدف خصومه من قادة تلك المجموعات، بينما يحتفظ آخرون بمناصب سيادية داخل حكومته».

أما الناشط الحقوقي الليبي، طارق لملوم، فذهب إلى أن «قادة الميليشيات، خصوصاً من خصوم الدبيبة، أو من يُشترى ولاؤهم بالمال، باتوا في مواجهة مرحلة فارقة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هؤلاء «لم يعودوا يتخوفون فقط من السفر إلى أوروبا خشية إدراج أسمائهم على لوائح سرية للجنائية الدولية، بل حتى بالداخل باتت حركتهم محصورة في مناطق نفوذهم، خوفاً من استهداف أو اعتقال قد يقود إلى تسليمهم للخارج». لافتاً إلى أن «صراع الدبيبة مع (جهاز الردع)، والضغط عليه، قاد إلى الإفراج عن معتقلين منذ قرابة عقد في سجن معيتيقة، الأمر الذي سيقود لمزيد من الاتهامات ضد قيادات هذا الجهاز»، بحسب تعبيره.

ولا يستبعد لملوم أن «يوظف الدبيبة التناقضات بين هذه المجموعات لتفجير صراعات جديدة، تضعفها تدريجياً، وتفسح المجال أمام سيطرة أجهزته الأمنية، ما يقلص من تأثيرها على الساحة، ويبعدها عن أي تسوية سياسية مرتقبة برعاية أممية».

ولا تقتصر مذكرات الجنائية الدولية على قادة الغرب الليبي، إذ كُشف مؤخراً عن مذكرة توقيف صدرت منذ عام 2020 بحق الضابط سيف سليمان سنيدل، القريب من قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في شرق البلاد بين 2016 و2017.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here