كيف سيعيد التاريخ نفسه في ليبيا؟

18
كيف سيعيد التاريخ نفسه في ليبيا؟
كيف سيعيد التاريخ نفسه في ليبيا؟

افريقيا برسليبيا. حددت خريطة الطريق، التي اعتمدها ملتقى الحوار السياسي، يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، موعداً لإجراء انتخابات وطنية، تًخرج البلاد من مراحل الانتقال السياسي إلى مرحلة دائمة مستقرة. وهو تاريخ له دلالته التاريخية، فهو اليوم الذي استقلت فيه ليبيا قبل 70 سنة. فهل يعيد التاريخ نفسه؟

لا يبدو وضع البلاد اليوم مشابهاً لأوضاعها قبل 70 سنة. فحتى الساعة، لا تزال البلاد بدون دستور، ولا أحزاب سياسية كانت ترمي بثقلها في ردهات الأمم المتحدة من أجل استقلال البلاد وإخراجها من الفوضى، ولا حتى علماء دين وممثلين اجتماعيين كانوا تاريخياً ضمانة لوحدة البلاد الاجتماعية. ومن يحاول قول غير ذلك فلينظر إلى خريطة الأحداث اليوم، سواء في ليبيا أو محيطها الإقليمي والدولي. فالعواصم المتدخلة في ليبيا، ليست باريس ولندن كما في السابق، بل تطور وضع ليبيا حتى أصبحت مجالاً جيوسياسياً ملفاته متصلة بمحيط أوسع من مجالها الجغرافي، علاوة على التشظي الداخلي الذي لم يسبق في تاريخها.

كيف يمكن تصور إجراء انتخابات تخرج البلاد إلى مرحلة دائمة بدون دستور يُعرّف شكل الحكم فيها، برلمانياً أم جمهورياً. وعلى فرض التوافق على إخراجه من أدراج النسيان، التي أودع فيها منذ اعتماده من اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور في يوليو/تموز 2017، فالوقت الذي يفصل البلاد عن ديسمبر لا يكفي للاستفتاء عليه واعتماده قاعدة للانتخابات. كما أن أهم الأسئلة المصاحبة لأزمة الإطار الدستوري لا جواب عليها، وهي “هل ليبيا تعاني فراغاً دستورياً أم سياسياً؟”، خصوصاً أن دستور الاستقلال لعام 1951 لا يزال قائماً. وكل ما فعله معمر القذافي في انقلابه العسكري عام 1969 أنه أعلن تجميده فقط! وسلسلة التعقيدات الدستورية في ليبيا طويلة، ولا تنتهي عند حد البحث عن جواب لهذا السؤال فقط.

في غضون ذلك، انطلق حراك شعبي، تحت مسمى “نعم الانتخابات في موعدها”. وتزامن تزايد نشاطه مع ضغوط من جانب البعثة الأممية وسفارات دول كبرى في ليبيا، منها الأميركية، للدفع باتجاه ضرورة الإسراع لإنجاز قاعدة دستورية مؤقتة للانتخابات لضمان إجرائها في موعدها، ولو عجز مجلس النواب عن إنجازها تُحال المهمة إلى ملتقى الحوار السياسي. ويقدر مراقبون أن العبث السياسي لا يزال يلازم أوضاع البلاد، ومن خلفه أجندات دول كبرى لا تزال تتدخل لفرض مصالحها. وكل ما حدث أن تلك الأطراف المتدخلة في ليبيا نقلت اللاعبين المحليين السابقين من المشهد إلى هامشه من دون إزاحتهم كلياً. ولعل بقاء خليفة حفتر، رفيق القذافي في انقلابه العسكري، رغم فشله العسكري، أكبر شاهد على ذلك، في رسالة ضمنية على أن استحقاق الانتخابات لا يزال بعيداً عن دائرة فعل الليبيين، وإعادة سيناريو عام 1969 ممكن جداً. ومن هذه الزاوية تحديداً يمكن أن يعيد التاريخ نفسه.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here